النايض: أخشى اندلاع حروب عدة إذا تأجلت الانتخابات الليبية

المترشح لمنصب الرئيس قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يمتلك «خططاً تفصيلية» لحل «الميليشيات» في كل أنحاء البلاد

عارف النايض (الشرق الأوسط)
عارف النايض (الشرق الأوسط)
TT

النايض: أخشى اندلاع حروب عدة إذا تأجلت الانتخابات الليبية

عارف النايض (الشرق الأوسط)
عارف النايض (الشرق الأوسط)

تمسك الدكتور عارف النايض، رئيس «تكتل إحياء ليبيا»، بإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في موعدها المحدد، ورأى أن رئيس البلاد المنتخب مباشرة من قبل الليبيين، ومعه البرلمان الجديد، سيعملان معاً على إنهاء الانقسام، وبناء البنية الأمنية للبلاد.
وتحدث النايض في حوار إلى «الشرق الأوسط»، عن أوضاع «المرتزقة» والقوات الأجنبية الموجودة في ليبيا، وطريقة إخراجهم، بالإضافة إلى معضلة الميليشيات المسلحة في ليبيا، وكيفية جمع السلاح، وقال إن هناك «خططاً فنية مفصلة لحل إشكالات هذا الملف الصعب».
كما تطرق الدبلوماسي الليبي الذي جدد عزمه الترشح على منصب رئيس البلاد في الانتخابات المرتقبة، إلى مخرجات مؤتمر «برلين 2»، وضمانات تنفيذها؛ لكنه عبر عن خشيته من اندلاع «انتفاضة شعبية عارمة، قد تؤدي إلى عدة حروب»، إذا ما تم تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل... وإلى نص الحوار:
> بداية... ما هو تقيمك لنتائج مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا؟
- ممتازة، إذ إنها أكدت على كل ما هو مهم وإيجابي في «برلين 1»، وجعلت من إجراء الانتخابات المحددة، وخروج كافة القوات الأجنبية و«المرتزقة»، أمراً مُجمعاً عليه محلياً وإقليمياً ودولياً. وهذه بعينها مطالب الشعب الليبي الأبي، التي عبر عنها بكل وضوح من خلال استطلاعات الرأي، وملتقيات التكتلات والتيارات والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني والمجالس الاجتماعية.
> البعض يرى أن المؤتمر أفرز مجموعة من المخرجات، لكن دون ضمانات حقيقية لكيفية تنفيذها على الأرض؟
- الضمانات الحقيقية لإجراء الانتخابات، وخروج كافة القوات الأجنبية و«المرتزقة»، تتمثل في الإرادات المجتمعة الواضحة والجادة لكامل الشعب الليبي، والدعم الشعبي لهذه المطالب هو أهم ضمان لها، والرفض الشعبي الكامل أيضاً للمماطلة في إجراء الانتخابات، ولوجود القوات الأجنبية على أرض الوطن، هو أهم ضمان لرفض كل ذلك. ويبقى القول واضحاً جداً بأن أميركا وباقي أعضاء مجلس الأمن جادون هذه المرة في إنفاذ مقررات «برلين 2»، وبإمكان مجلس الأمن بناء على آخر قراراته إنفاذ الإرادة الليبية والدولية لإجراء الانتخابات، وإخراج القوات الأجنبية فوراً.
> بصفتك كمرشح محتمل لرئاسة ليبيا... أطلعنا على رؤيتك لإخراج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب من ليبيا؟
- الطريقة المثلى لإدارة عمليات إخراج كافة القوات الأجنبية و«المرتزقة» من التراب الليبي هي تلك المنهجية التي تتفاوض بخصوصها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي اكتسبت زخماً إضافياً في «برلين 2». كما أن هناك مقترحات أميركية وفرنسية فنية في غاية الأهمية، بإمكانها تحقيق المطلوب بشكل مهني متزامن ومتسلسل وفعال.
> هل تعتقد أن الانتخابات ستجرى في موعدها؟
- يجب أن تنعقد دون مماطلة أو تأجيل. ومن حق الليبيين، بعد عقد من الإقصاء والتهميش، أن يختاروا ممثليهم، وبالتالي ينتهي «استبداد الأقلية» الذي جعل ليبيا دولة فاشلة، وصرافاً آلياً للجماعات المتطرفة في جميع أنحاء المنطقة. لقد شجعنا الإجماع الدولي، الذي نشهده لأول مرة، على ضرورة إجراء الاستحقاق في موعده، كما يشجعنا القراران الأخيران لمجلس الأمن، اللذان يجعلان إجراء الانتخابات، ملزماً، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
> وكيف ستجري هذه الانتخابات في ظل بقاء الانقسام وغياب الأمن؟
- الرئيس المنتخب مباشرة من قبل الليبيين، والبرلمان الجديد المنتخب أيضاً، هما من سينهيان الانقسام، وهما من سيبنيان البنية التحتية الأمنية لليبيا. ومن المهم جداً عدم اشتراط إنهاء الانقسام والمخاوف الأمنية لإجراء الانتخابات؛ نحن نحتاج للانتخابات لنتوحد، وليستتب الأمن وليس العكس.
ودعني أقول إن الوضع الحالي ليس بأسوأ مما حدث بين عامي 2012 و2014، حيث تمت الانتخابات بنجاح. ويمكن تعزيز فرص نجاح الانتخابات بتفعيل خطة أمنية مشتركة، تشرف عليها لجنة «5+5» وبحضور ورقابة دوليين، مع طلب المساعدة من الاتحاد الأفريقي، الذي دعم إجراء الانتخابات في دول أفريقية عدة، كانت في وضع أسوأ من وضعنا الحالي.
> هناك من يرى أن تأجيل الانتخابات سيعيد الحرب إلى البلاد... هل تتفقون مع هذه المخاوف؟
- نعم، أخشى أن تؤدي أي محاولة للمماطلة، أو تأجيل الانتخابات إلى انتفاضة شعبية عارمة، وربما للحرب، بل لعدة حروب. يجب ألا ننسى وجود آلاف الليبيين الذين يشعرون بالظلم والإقصاء على مدى السنوات العشر الماضية. هؤلاء لن يصبروا إذا حرموا من حقهم الأصيل في اختيار قياداتهم الجديدة، وتجديد شرعية وسيادة بلادهم.
> ما هو تصورك لحل الميليشيات في جميع أنحاء البلاد، ولجمع السلاح إذا ما أصبحت رئيساً لليبيا؟
- هناك خطط فنية مفصلة لحل إشكالات هذا الملف الصعب، وهي جزء من الخطط التفصيلية لرؤيتنا (رؤية إحياء ليبيا 2030)، ومعالمها الرئيسية جيش واحد وشرطة واحدة، بالإضافة إلى قوتي «مكافحة الإرهاب» و«التدخل السريع»، وكل ذلك أساس لأي بنية تحتية أمنية في ليبيا.
الشبان المنضوون الآن في المجموعات المسلحة هم ليبيون، ويجب إعطاؤهم فرصاً حقيقية في حياة كريمة وبديلة، من خلال التعليم والتدريب والتأهيل والمشروعات الصغرى والمتوسطة، ومن يريد منهم البقاء في القطاع الأمني عليه الالتحاق رسمياً بالجيش أو الشرطة أو الأجهزة الأمنية الأخرى، بشكل فردي لا جماعي، وبعد المرور باختبارات دقيقة وتدريبات احترافية.
> بعد مائة يوم مع عمر حكومة «الوحدة الوطنية»... ما تقييمك لهذه المدة؟
- هذه الحكومة خيبت الكثير من التوقعات الإيجابية لعدة أسباب؛ من بينها التصرف خارج نطاق صلاحياتها، من خلال إعادة تأكيد المعاهدات والاتفاقيات مع الدول الأجنبية والتوقيع عليها، وإبداء ملاحظات غير مقبولة إطلاقاً تخص مدينة بنغازي، فضلاً عن تنظيم عروض عسكرية بمشاركة «إرهابيين معروفين»، كل ذلك جاء مخيباً للآمال، ويجعل من مطالب الالتزام بتاريخ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة أكثر إلحاحاً. ومن ثم يجب ألا يُسمَح لهذه الحكومة بالمماطلة يوماً واحداً بعد انتهاء شرعيتها في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
> أخيراً... ما الذي تطمحون لتحقيقه لليبيا بعد الإعلان عن ترشحك لخوض الانتخابات الرئاسية؟
- طموحاتي هي تجسيد لطموحات الشعب الليبي، من خلال رؤية شاملة صاغها فريق ضم 70 شخصية من صفوة الخبراء وأهل العلم والاختصاص، لصياغة هذه الرؤية الشاملة لكي نحيي ليبيا معاً، وفق هذه الرؤية التحولية الكبيرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.