صناعة التكرير الأوروبية تواجه المجهول

دمج المصافي مع الصناعات الكيماوية طريقها للنجاة

مصفاة تابعة لشركة توتال جنوبي فرنسا (رويترز)
مصفاة تابعة لشركة توتال جنوبي فرنسا (رويترز)
TT

صناعة التكرير الأوروبية تواجه المجهول

مصفاة تابعة لشركة توتال جنوبي فرنسا (رويترز)
مصفاة تابعة لشركة توتال جنوبي فرنسا (رويترز)

بات واضحاً أن صناعة تكرير النفط في أوروبا تواجه مستقبلاً غامضاً في ظل تكاثر التحديات والصعوبات التي تواجهها، سواء نتيجة التحول إلى السيارات الكهربائية أو تزايد المنافسة من المنتجات النفطية المستوردة.
وإذا كان انهيار الطلب على الوقود في أوروبا بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد قد وجه ضربة كبيرة لشركات تكرير النفط في أوروبا، فإن الضربة الأكبر لم تأتِ بعد، وهي التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية خلال ثلاثة عقود على الأكثر.
وبحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية، فإن مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا زادت خلال العام الماضي بنسبة 142 في المائة سنوياً إلى 1.4 مليون سيارة لتصبح القارة أكبر مشترٍ لهذه السيارات في العالم متقدمة على الصين. وحتى في ظل ظروف جائحة كورونا وتراجع حركة النقل في أوروبا خلال العام الماضي، نجحت السيارات الكهربائية في تقليص حصة مصافي تكرير النفط من سوق وقود النقل البري في القارة.
ويقول المحلل الاقتصادي جاك ويتلز، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ»، إن تأثير تحولات قطاع السيارات على سوق النفط وإن كان قليلا الآن، فإنه من المتوقع أن يتزايد. فمن المنتظر أن تمثل السيارات الكهربائية بنهاية العقد الحالي نحو 10 في المائة من إجمالي حركة النقل البري في أوروبا، بحسب تقديرات خدمة «بلومبرغ» لتمويل الطاقة الجديدة. ويعني هذا الاستغناء عن كامل إنتاج 5 مصافي تكرير أوروبية متوسطة الحجم.
ويقول جون كوبر، مدير عام اتحاد «وقود أوروبا» الذي يمثل المصافي الأوروبية: «يمكننا أن نرى أنه بحلول 2030 و2035، سيتراجع الطلب على منتجاتنا التقليدية بنسبة كبيرة»، مضيفاً أنه يرى مستقبل القطاع يكمن في إنتاج الوقود السائل منخفض الكربون، خاصة الوقود الحيوي والمواد التركيبية، رغم أن الإنتاج سيكون أقل كثيراً من سوق الوقود البترولي
الآن.
وكان الطلب على الوقود في الدول الأوروبية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد تراجع خلال العام الماضي بنسبة 13 في المائة تقريباً، بسبب إجراءات الإغلاق وتوقف الحركة تقريباً في القارة لوقف انتشار فيروس كورونا. هذا التراجع الذي أثّر بشدة على وقود الطائرات بشكل خاص، ألحق أضراراً كبيرة بأرباح مصافي النفط الأوروبية. ومنذ بداية العام الماضي تكررت إعلانات إغلاق المصافي في بلجيكا وهولندا وفرنسا والبرتغال وفنلندا والنرويج.
ورغم أنه من المتوقع حدوث تعافٍ طفيف للطلب على الوقود الأحفوري السائل مثل البنزين والديزل (السولار) والوقود الحيوي في أوروبا خلال 2023، فإنه لن يصل إلى مستوياته المرتفعة لعام 2019، بحسب شركة «وود ماكينزي» للاستشارات الاقتصادية. وبالمثل ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على النفط في أوروبا سينكمش في 2025 رغم أنه سيكون أقل من مستواه قبل الجائحة.
وتقول شركة «وود ماكينزي» إن هامش أرباح المصافي الأوروبية ارتفع خلال العام الحالي مقارنة بمستواه المنخفض أثناء الجائحة، لكنه ما زال أقل من متوسط هامش أرباحها خلال السنوات الخمس الأخيرة. واليوم تستحوذ أنواع الوقود الحيوي الأقل تلويثاً للبيئة التي يتم إنتاجها اعتماداً على الوقود الأحفوري على حصة أكبر من حصة السيارات الكهربائية في سوق الوقود بأوروبا، لكن من المنتظر أن يكون نمو الحصة السوقية لهذه الأنواع خلال العقد الحالي طفيفاً، من خلال مزجها من أنواع الوقود السائل المستخدمة في السيارات.
وعلى المدى الطويل، ستتراجع حصة الوقود الحيوي من سوق وقود المركبات في أوروبا، كنتيجة لتراجع الطلب على الوقود السائل ككل، في ظل انتشار السيارات الكهربائية المدعومة من حكومات الاتحاد الأوروبي، في إطار استراتيجية محاربة ظاهرة التغير المناخي. ويقول ديفيد دورتي، المتخصص في ملف الطلب على النفط في خدمة «بلومبرغ» لتمويل الطاقة الجديدة، إن «تكلفة أي سيارة كهربائية على المدى الطويل ستصبح أقل من سعر السيارة التي تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي التقليدي اعتباراً من أواخر العقد الحالي. ومن المحتمل أن يتجه المستهلكون إلى السيارات الكهربائية كخيار أرخص من سيارات الاحتراق الداخلي».
ومع ذلك، فإنه لا يمكن القول إن زمن الوقود البترولي قارب على الانتهاء. فما زال قطاع الطيران يعتمد على هذا الوقود في ظل بطء التقدم نحو إنتاج طائرات تعمل بمحركات الهيدروجين أو الكهرباء. كما أن قطاع النقل البحري ما زال يحقق تقدماً بطيئاً نحو الابتعاد عن الوقود الكربوني. كما أنه من غير المحتمل أن يختفي النقل بالشاحنات الذي كان يمثل نحو 40 في المائة من الطلب على الديزل (السولار) في أوروبا قبل الجائحة، بين عشية وضحاها. ويقول كوبر إن جزءاً مهماً من قطاع النقل بالشاحنات يدعم الوقود السائل على حساب الأنواع الأخرى مثل الهيدروجين والكهرباء، وهو ما يمثل طاقة نور بالنسبة للمصافي.
وكأن المصائب لا تأتي فرادى بالنسبة لمصافي النفط الأوروبية، التي لن يكون عليها فقط مواجهة تداعيات انتشار السيارات الكهربائية وتراجع الطلب على الوقود الكربوني، وإنما عليها أيضاً مواجهة كميات المكررات النفطية التي تتدفق إلى أوروبا من مصافي التكرير في الشرق الأوسط عبر قناة السويس، حيث يتواصل بناء المصافي التي لن تكتفي بمنافسة المصافي الأوروبية في أوروبا وإنما من المحتمل أن تنافس هذه المصافي في أسواق تصديرها.
وأخيراً، يقول الآن غيلدر، نائب رئيس قطاع أسواق التكرير والكيماويات والنفط في شركة وود ماكينزي، إن قطاع التكرير الأوروبي سينكمش في نهاية المطاف ليقتصر على المواقع الأقدر على المنافسة، وهو ما سيؤدي إلى دمج المصافي مع الصناعات الكيماوية. وعلى المدى الطويل ستتراجع الحاجة إلى مصافي النفط في أوروبا.



مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

قال مجلس الوزراء المصري، في بيان، السبت، إن مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية وقعتا اتفاقين باستثمارات إجمالية 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

يأتي توقيع هذين الاتفاقين اللذين حصلا بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث يهدف المشروع إلى دعم استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تستهدف تحقيق 42 في المائة من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وفق البيان.

ويُعد هذا المشروع إضافة نوعية لقطاع الطاقة في مصر؛ حيث من المقرر أن يُسهم في تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير فرص عمل جديدة.

وعقب التوقيع، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية الوطنية المصرية في قطاع الطاقة ترتكز على ضرورة العمل على زيادة حجم اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة إسهاماتها في مزيج الطاقة الكهربائية؛ حيث تنظر مصر إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة بها على أنه أولوية في أجندة العمل، خصوصاً مع ما يتوفر في مصر من إمكانات واعدة، وثروات طبيعية في هذا المجال.

وأشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة موسعة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الدولة المصرية في توفير بيئة استثمارية مشجعة، وجذب الشركات العالمية للاستثمار في قطاعاتها الحيوية، بما يُعزز مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة.

وأشاد ممثلو وزارة الكهرباء والشركة الإماراتية بالمشروع، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.