المزاج الأميركي اللاتيني يتجه يساراً... بعد سنوات من الضمور

المزاج الأميركي اللاتيني يتجه يساراً... بعد سنوات من الضمور
TT

المزاج الأميركي اللاتيني يتجه يساراً... بعد سنوات من الضمور

المزاج الأميركي اللاتيني يتجه يساراً... بعد سنوات من الضمور

عندما أسفرت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في جمهورية البيرو، بأميركا الجنوبية، عن حصر المنافسة بين المرشّح اليساري بيدرو كاستيّو ومرشّحة أحد الأحزاب اليمينية كيكو فوجيموري، دعا الكاتب اليميني المعروف ماريو فارغاس يوسا، الحائز على جائزة نوبل للآداب، إلى تأييد فوجيموري التي استطاعت أن تحشد وراءها كل القوى اليمينية لمواجهة ما أسمته «الخطر الشيوعي».
يومها قال يوسا، الذي كان ألدّ خصوم والدها الرئيس الأسبق ألبرتو فوجيموري، وخسر أمامه في الانتخابات الرئاسية عام 1990: «من الحيوي تحاشي وقوع البيرو في كارثة فنزويلا أو نيكاراغوا أو كوبا». ومن ثم، حذّر من التضحية بالحرّيات مقابل «صورة مزّيفة لما يمكن أن يكون التغيير العميق الذي تحتاجه البيرو».
هذا الموقف للروائي المعروف بنهجه اليميني الليبرالي الذي يدافع عنه كل أسبوع في مقال تنشره مجموعة من الصحف الصادرة بالإسبانية، والذي كان سبب خصومته اللدودة ضد الراحل غارسيّا ماركيز بعد عقود من الصداقة الحميمة، يعكس اتساع دائرة القلق في الأوساط اليمينية والليبرالية في أميركا اللاتينية من عودة المدّ اليساري، أو «المد الأحمر»، الذي شهدته المنطقة مع وصول هوغو شافيز إلى رئاسة فنزويلا، قبل أن تنحدر إلى جحيم الانهيار الاقتصادي مع «خلفه» الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
وعندما طعنت كيكو فوجيموري بالنتائج الأولية للانتخابات وألمحت إلى تدخل جهات خارجية، كانت وسائل الإعلام المؤيدة لها تشير بأصابع الاتهام إلى الاستخبارات الفنزويلية والكوبية، في مؤشر آخر على أن ساحة المعارك السياسية في أميركا اللاتينية تتجاوز الحيّز الوطني وتندرج ضمن إطار إقليمي ودولي أوسع.
وبعد سنوات من الضمور اليساري وانطفاء جذوة الحركات الثورية التي كانت منتشرة في أنحاء المنطقة، عادت الأحزاب والقوى التقدمية واليسارية إلى الحكم في الأرجنتين والمكسيك وبوليفيا وفنزويلا، فيما انجرفت الثورة الساندينية في نيكاراغوا وراء نظام استبدادي، وما زالت الصخرة الكوبية تتدلّى بتحدٍّ وإباء على مرمى حجر من مدينة ميامي الفلوريدية الأميركية. ولعل ما يزيد من قلق الأوساط اليمينية والليبرالية الآن هو أن دولاً وازنة في المنطقة مثل البرازيل وتشيلي وكولومبيا تتجّه بدورها نحو عودة اليسار إلى الحكم في المواعيد الانتخابية المقرّرة للعام المقبل.
ولا شك أن التداعيات الاقتصادية الكارثية التي نجمت عن جائحة «كوفيد 19»، التي ضربت بقسوة غير معهودة قطاع العمالة غير المنظّم الذي يشكّل عماد اقتصادات المنطقة، والخيط الأساس في نسيجها الاجتماعي، تلعب دوراً أساسياً في تغيير مزاج الناخبين وجنوحهم نحو الخيارات اليسارية. ويضاف إلى ذلك أيضاً ارتفاع منسوب النقمة الشعبية ضد الأغنياء الذين سارعوا قاصدين سان دييغو وميامي في الولايات المتحدة لتلقّي اللقاحات التي تأخر وصولها طويلاً في أكثر مناطق العالم تضرراً جراء الجائحة حيث زاد عدد الضحايا حتى الآن عن مليون، وتجاوزت الإصابات 25 مليوناً.
هذا، ولم يعد الصراع السياسي في أميركا اللاتينية اليوم مقصوراً على تحديد وجهة الرياح الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة، بل أضحى ملعباً رئيساً تحضر فيه الصين بقوة متنامية عند البوابة الخلفية للولايات المتحدة، التي خسرت 4 سنوات ثمينة في عهد الإدارة السابقة لترسيخ حضورها التاريخي العميق في المنطقة.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»