احتجاجات في الجزائر على تكثيف حملات الاعتقال

منظمة حقوقية قالت إن عدد «معتقلي الرأي» بلغ 260

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات في الجزائر على تكثيف حملات الاعتقال

جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك المطالب بالحرية والتغيير (أ.ف.ب)

احتج حقوقيون ناشطون في الحراك الجزائري على تكثيف السلطات الاعتقالات خلال اليومين الأخيرين، زيادة على تمديد الحجز الإداري للعشرات من الموقوفين في مراكز الشرطة، غالبيتهم أساتذة في الجامعة.
وذكرت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، أمس، في حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي، أن عدد «معتقلي الرأي» بلغ 260؛ عدد كبير منهم -حسبها- مسجون على ذمة التحقيق، وكلهم تم توقيفهم في الشارع أو في مداهمات لبيوتهم بسبب نشاطهم في إطار الحراك، وإصرارهم على تنظيم المظاهرات المحظورة التي منعتها الحكومة منذ شهرين.
وتحتجز شرطة محافظة العاصمة منذ الـ17 من الشهر الحالي أستاذة الجامعة المتقاعدة الناشطة الحقوقية البارزة في الحراك فتيحة بريكي لأسباب قالت عائلتها، في بيان للصحافة، إنها مجهولة. وصرح سعيد صالحي، نائب رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بأن مناضلتها بريكي اعتقلت بسبب اتصالاتها ولقاءاتها في إطار تعبئة المتظاهرين، وهو ما أزعج -حسبه- السلطات التي تقتفي أثر كل الناشطين، خاصة في العاصمة، وتتابع ما ينشرون في حساباتهم بشبكة التواصل الاجتماعي، ولا تتردد في اقتيادهم إلى السجن، في حال دعوا إلى التظاهر في الشارع، أو هاجموا الرئيس تبون أو قيادات الجيش.
كما اعتقل الناشط بوقرموح، نجل المخرج السينمائي الشهير عبد الرحمن بوقرموح، الأحد الماضي، بالعاصمة، من دون أن تعلم زوجته في أي مركز أمني يوجد، بحسب محامين. وقد عرف بنضاله للتمكين للثقافة الأمازيغية. وفي الـ17 من الشهر نفسه، اعتقل الأمن الداخلي أستاذ كلية الإعلام المتقاعد عبد العالي رزاقي، المعروف بحدة لهجته ضد الرئيس والجيش في أثناء تدخلاته في الفضائيات الأجنبية للتعليق على أحداث سياسية. وقد أفرج عنه بعد ساعات طويلة من استجوابه حول تصريحاته ومواقفه من الجيش ودوره في الحراك.
وفي سياق ذلك، جرى أول من أمس اعتقال أستاذة الجامعة سارة لعدول، قرب بيتها بالعاصمة، حيث اقتادها رجال الشرطة إلى المركز الأمني «ترولار»، بمحاذاة مبنى رئاسة الوزراء. وقد التحق بها في اليوم نفسه، بالمكان نفسه، أستاذ للفيزياء النووية بـ«جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا».
وفي مدينة سيدي بلعباس (400 كلم غرب)، وضعت الشرطة بأمر من النيابة 6 أساتذة جامعيين، منهم النقابي مصطفى مشعب، في الحجز تحت النظر، على أن يعرضوا على النيابة اليوم، حسب محامين أكدوا أن متابعتهم تعود إلى نشاطهم السياسي في الميدان لصالح الحراك.
ولفت عبد الغني بادي، أحد أبرز المحامين المدافعين عن معتقلي الحراك، إلى أن السلطة «كثفت في الأشهر الأخيرة من التضييق على أساتذة الجامعة وطلبتها والصحافيين والمحامين فقط لأنهم منخرطون في المظاهرات، مدافعون عن حق الجزائريين في الديمقراطية وسيادة القانون ودولة المؤسسات القوية».
وأكد بادي أن كثيراً من النشطاء المعتقلين لا تعرف عائلاتهم مكان احتجازهم، مبرزاً أنه تم في حالات متكررة تقديمهم للنيابة وقضاة التحقيق من دون علم المحامين.
إلى ذلك، يستمر حبس الصحافي رابح كراش، مراسل جريدة «ليبرتيه» في جنوب البلاد، لأكثر من شهرين. وتقول إدارة الصحيفة إن سبب سجنه 3 مقالات تناول فيها غضب سكان مدينة صحراوية من تقسيم إداري يهضم حقهم في ثروة باطنية، حسبهم.
وتتضمن لائحة الاتهامات التي أعدتها النيابة ضد الصحافي «نشر أخبار كاذبة من شأنها المساس بالأمن والنظام العموميين» و«إنشاء وإدارة حساب إلكتروني مخصص لنشر معلومات وأخبار من شأنها إثارة التمييز والكراهية في المجتمع» و«الترويج العمدي لأخبار وأنباء كاذبة أو مغرضة بين الجمهور» و«العمل بأي وسيلة كانت على المساس بسلامة وحدة الوطن».
واستنكر حقوقيون «المبالغة في صياغة التهم وتضخيمها بهدف إسكات الصحافي، ومنعه من نقل معاناة سكان الجنوب». وكانت محكمة تمنراست قد رفضت طلب محامي الصحافي الإفراج عنه مؤقتاً.
ويستمر كذلك سجن المحامي عبد الرؤوف أرسلان منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، وقد باءت مساعي نقابات المحامين لإخراجه من السجن بالفشل. واتهم أرسلان بـ«الإشادة بجماعة إرهابية»، وهي تنظيم إسلامي يدعى «رشاد» وضعته الحكومة على لائحة الإرهاب، فيما يقول دفاعه إن التهمة لا تثبتها أي واقعة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».