باول واثق من تراجع التضخم الأميركي وتعافي الاقتصاد

تباينات واضحة بين أعضاء الفيدرالي

ظهرت خلال الأيام الأخيرة تباينات واضحة في الرؤى بين رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء أخرين بلجنة السياسات (أ.ب)
ظهرت خلال الأيام الأخيرة تباينات واضحة في الرؤى بين رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء أخرين بلجنة السياسات (أ.ب)
TT

باول واثق من تراجع التضخم الأميركي وتعافي الاقتصاد

ظهرت خلال الأيام الأخيرة تباينات واضحة في الرؤى بين رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء أخرين بلجنة السياسات (أ.ب)
ظهرت خلال الأيام الأخيرة تباينات واضحة في الرؤى بين رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء أخرين بلجنة السياسات (أ.ب)

قال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، في إفادة مكتوبة أدلى بها في جلسة استماع بالكونجرس مساء الثلاثاء، إن اقتصاد الولايات المتحدة يواصل إظهار «تحسن متواصل» من تداعيات جائحة فيروس كورونا بينما تستمر مكاسب سوق الوظائف، لكن التضخم «زاد بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية».
ولم يتطرق باول إلى تفاصيل في ملاحظاته المعدة بشأن السياسة النقدية الحالية أو بشأن احتمالات أن يضطر البنك المركزي الأميركي لتسريع خططه لسحب بعض الدعم عن الاقتصاد بسبب الزيادة السريعة في الأسعار. وفي تعليقاته، التي نشرها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت متأخر بعد ظهر الاثنين، قال باول إنه يعتبر أن القفزة الحالية في التضخم من المرجح أن تتلاشى «بمجرد حل مشكلة الخلل بين العرض والطلب في الأسواق». وعبًر مجددا عن قلقه من أن التعافي الاقتصادي ما زال غير متجانس.
وقال باول: «نحن في مجلس الاحتياطي نبذل كل ما في وسعنا لدعم الاقتصاد لأطول فترة لازمة لإتمام التعافي». وأضاف أنه يشعر بأن مكاسب الوظائف «يجب أن تتسارع في الأشهر المقبلة»، بينما يستمر التقدم في تطعيمات كوفيد - 19 وإعادة فتح الاقتصاد. وقال أيضا إن «الجائحة ما زالت تشكل مخاطر».
وتتعارض تصريحات باول مع تصريحات جيمس بولارد رئيس مجلس احتياطي سانت لويس وعضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي قال فيها الاثنين إنه على مجلس الاحتياطي الاستعداد لمواجهة أي ارتفاع مفاجئ لمعدل التضخم في الولايات المتحدة حتى نهاية العام المقبل. وأضاف بولارد في مؤتمر «المنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية» الذي عقد عبر الإنترنت، إنه من المحتمل أن يظل معدل التضخم أعلى من المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي وهو 2 في المائة سنويا، مع إمكانية ارتفاعه مجددا بصورة مفاجئة نتيجة النمو الاقتصادي الأسرع من التوقعات والتعافي من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
في الوقت نفسه فإن متوسط توقعات أعضاء مجلس الفيدرالي المشاركين في اجتماع لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في المجلس بالنسبة لمعدل التضخم هو 3 في المائة خلال العام الحالي، و2.1 في المائة خلال العامين المقبلين.
وكان بولارد قد قال يوم الجمعة الماضي إنه من الطبيعي الحديث عن تشديد السياسة النقدية وزيادة الفائدة في ظل تزايد مخاطر التضخم في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن لجنة السوق المفتوحة «فوجئت بالازدهار القوي خلال الشهور الستة الماضية. إذا نظرت إلى ملخص التوقعات الاقتصادية الصادر عن المجلس في ديسمبر (كانون الأول) 2020 فستجد أننا كنا نتوقع نمو الاقتصاد بمعدل 4 في المائة خلال 2021؛ ولكننا الآن نتوقع نموه بمعدل 7 في المائة».
وعلى الجانب الأخر، قال جون وليامز رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يوم الاثنين إن الاقتصاد الأميركي يتعافى بسرعة من الأزمة الناتجة عن جائحة فيروس كورونا، لكن هناك حاجة إلى مزيد من التقدم قبل أن يبدأ البنك المركزي الأميركي تقليص بعض الدعم القوي الذي يقدمه.
وأرجع وليامز ظهور الضغوط التضخمية في الآونة الأخيرة إلى أن بعض الشركات تجد صعوبة في مجاراة قفزة في الطلب، لكنها من المنتظر أن تنحسر مع استقرار الاقتصاد. وقال: «من الواضح أن الاقتصاد يتحسن بمعدل سريع، وأن التوقعات للأجل المتوسط جيدة جدا... لكن البيانات والأوضاع لم تشهد تقدما بدرجة كافية لأن تجعل لجنة السوق الحرة المفتوحة تغير موقفها بشأن السياسة النقدية المتمثل في تقديم دعم قوي للتعافي الاقتصادي».
وقال وليامز إنه مع تزايد تطعيمات كوفيد - 19 وإنفاق عام قوي فإن الاقتصاد الأميركي قد ينمو بنسبة سبعة في المائة هذا العام بعد حساب التضخم. وأضاف أن الفتح السريع للاقتصاد يوجد اختلالات بين العرض والطلب ويؤدي إلى زيادات مؤقتة في الأسعار، لكن التضخم قد يستقر بمرور الوقت. وقال إنه يتوقع أن يتراجع التضخم من حوالي ثلاثة في المائة هذا العام إلى ما يقرب من اثنين في المائة العام القادم وفي 2023 .
وقال عضو اللجنة صانعة السياسة النقدية بمجلس الاحتياطي الفيدرالي إنه مع فقدان أكثر من سبعة ملايين وظيفة مقارنة مع مستويات ما قبل الجائحة، فإن أكبر اقتصاد في العالم ما زال أمامه شوط طويل قبل أن يعود إلى كامل قوته.


مقالات ذات صلة

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

الاقتصاد يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».