هل يغيّر وصول رئيسي للرئاسة شكل علاقات إيران مع الخليج؟

الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يصل إلى مؤتمره الصحفي الأول في العاصمة طهران، أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يصل إلى مؤتمره الصحفي الأول في العاصمة طهران، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

هل يغيّر وصول رئيسي للرئاسة شكل علاقات إيران مع الخليج؟

الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يصل إلى مؤتمره الصحفي الأول في العاصمة طهران، أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يصل إلى مؤتمره الصحفي الأول في العاصمة طهران، أول من أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، الاثنين، إن إيران تولي أهمية كبرى لدول الجوار، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع السعودية.
وأضاف في أول مؤتمر صحافي يعقده عقب إعلان فوزه في الانتخابات: «نريد علاقات طيبة مع جميع دول الجوار، لا سيما السعودية»، مشيراً إلى أن بلاده لا مانع لديها بشأن فتح السفارات مع السعودية أو العلاقات معها.
واحتفت صحف إيرانية محافظة بما سمته «بزوغ فجر جديد» في إيران، وذلك بعد فوز رئيسي بالانتخابات الرئاسية، معتبرة المشاركة فيها «ملحمية» رغم تسجيلها أدنى نسبة مشاركة في استحقاق رئاسي في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
رئيسي المحافظ المتشدد الذي سيتولى زمام دولة تسبح في بحر من المشكلات السياسية، والشروخ الاجتماعية، وخلافات ساخنة مع محيطها الإقليمي والمجتمع الدولي، من المتوقع حسب خبراء على دراية بالشأن الإيراني أن يعمق من ميل البلاد إلى التشدد والارتياب تجاه الاستحقاقات التي تنتظر الرئيس الجديد، الأمر الذي سينعكس على المحادثات الجارية منذ مطلع أبريل (نيسان)، والرامية إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.
ووصف الأكاديمي الكويتي ظافر العجمي، الانتخابات الإيرانية الأخيرة، بأنها مجرد ترتيب للمرحلة الانتقالية لما بعد خامنئي، وأن الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي ليس إلا «نسخة متقنة» من خامنئي. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» ‌إن «الدعوات المتكررة منذ أربعين عاماً بمد اليد إلى الخليج، والسعودية تحديداً، لا يريدون بها مفاوضات جادة وفعالة، بل واجهات وادعاءات لتبرير بعض المواقف، بدون إدراك ووعي من القيادات الإيرانية لما يريده الخليج، من الكف عن التدخل في شؤونه الخاصة، والتوقف عن تصدير الثورة ورعاية الميليشيات والأغراض غير النزيهة للبرنامج النووي».
وأضاف العجمي: «إذا كانت إيران جاهزة لمثل هذه الخطوط والمطالب فلا بأس، لكن التعنت الإيراني وصل إلى حد إنكار حق الخليجيين في صيانة أمنهم الإقليمي، ورفض ضمها لمباحثات تقرر مستقبل المنطقة وأمنها العام».
ويتمتع رئيسي بدعم «المرشد» الإيراني علي خامنئي، ويطرح اسمه كمرشح محتمل لخلافة خامنئي في المنصب الأهم في إيران، ولا يتوقع أن يغير وصوله إلى الرئاسة تأثيراً على الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الإيرانية في ظل قبضة كاملة للمرشد الإيراني على مفاصل القرار وتوجيه دفة السياسات في طهران. ومن ذلك، مستقبل العلاقات الإيرانية مع دول الخليج، التي شرعت في محادثات «استكشافية» لاحتواء التوتر في الوقت نفسه الذي انخرطت فيه القوى العالمية في المفاوضات النووية.
ويرى كبير الباحثين في مركز الخليج للأبحاث، الدكتور هشام الغنام، أن بعض المزايا في وصول رئيسي لسدة رئاسة إيران، على دول المنطقة والخليج خصوصاً، ومن ذلك تخفيف الازدواجية، على الأقل، في الخطاب الصادر من طهران.
وقال الغنام لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما كان يقال عن خلاف داخلي وصراع إيراني - إيراني، لا يمكن أن يقال بوجود رئيسي، وبذلك سيكون التعامل مع رئيسي أوضح، وسيقل هامش المراوغة بالنسبة لإيران، كما أنه لا يمكن لرئيسي أن يدعي أن لا قدرة لديه على دفع العلاقات مع الجيران نحو مسارات إيجابية». وأضاف: «السياسة الإيرانية الخارجية وعلاقاتها مع دول المنطقة لن تتغير كثيراً بوصول رئيسي، على الأقل في البدايات، وإن كان وصول رئيسي لسدة الرئاسة سيجعل أي اتفاق مع إيران، مكمل للاتفاق النووي، في حكم المستحيل».
ولفت الغنام إلى أن أسباب هذا الأمر لا يعود حصراً إلى رئيسي، وإنما بسبب معادلة التوازنات الداخلية في إيران، «فإذا عقد الاتفاق النووي مع إيران قبل تغير الرئيس الحالي، فسيلام روحاني عليه وليس رئيسي، بينما سيستفيد رئيسي من المنافع الاقتصادية التي ستأتي مع الاتفاق، لكن أي اتفاق آخر إضافي سيصعب تمريره من قبل المرشد الأعلى، ولن يكون ممكناً لوم رئيسي عليه كونه محسوباً على التيار المتشدد».


مقالات ذات صلة

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص شعار وكالة «ستاندرد آند بورز» (رويترز)

خاص كيف سينعكس الخفض المرتقب للفائدة الأميركية على اقتصادات الخليج؟

وسط تنامي الترجيحات بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه يوم الخميس، تتجه الأنظار نحو تأثير هذا الإجراء الذي يلي الانتخابات

زينب علي (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».