«حزب الله» يفعّل اتصالاته بباسيل للتهدئة

بري يصرّ على مبادرته الحكومية

TT

«حزب الله» يفعّل اتصالاته بباسيل للتهدئة

فعّل «حزب الله» اتصالاته مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإعادة تبريد الأجواء بعد المواقف المرتفعة السقف التي ظهرت أخيراً وضاعفت التأزم في مساعي تشكيل الحكومة، وفق مساعٍ لإيجاد مخارج ضمن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يصرّ على أنها لا تزال قائمة.
وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» إن الاتصالات بين التيار والحزب «قائمة منذ ما بعد كلمة النائب باسيل» يوم الأحد الماضي، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التواصل «يتم عبر النائب باسيل ومسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا» من غير الجزم ما إذا كانت هناك جلسة قريبة ستُعقد بينهما.
وقالت المصادر إن الاتصالات تسعى «لتوضيح مواقف الطرفين، إلى جانب البحث في مخرج جديد لأزمة الحكومة ضمن إطار مبادرة بري»، فضلاً عن السعي لإعادة تبريد الأجواء «بعد المواقف العالية السقف» والتي صدرت في الأسبوع الماضي.
وذكرت وكالة «أخبار اليوم» أمس أن لقاء قريباً سيُعقد بين باسيل وموفد من «حزب الله» ليطّلع الأخير «على الرسالة» التي بعثها رئيس التيار الوطني الحر للحزب في خطابه يوم الأحد، وطلب فيها منه أن يقبل للتيار ما يقبل به لنفسه. وأفادت الوكالة بأن الحزب «بذل جهدا للتهدئة بين التيار والرئيس نبيه بري، وقد نجحت مساعي التهدئة».
ولا تزال مبادرة بري الوحيدة التي يتحرك الأفرقاء ضمنها للتوصل إلى تسوية حكومية. ورغم تعرضها لنيران رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الأسبوع الماضي، قالت مصادر قريبة من رئاسة مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» إن بري «يصرّ على أنها قائمة ما دام لا توجد مبادرة أخرى تكون مقبولة»، مشيراً إلى أن مبادرة رئيس البرلمان «تحظى بقبول لدى الشرق والغرب وغالبية الأطراف اللبنانية، لذلك لا بدائل لها، وهي الوحيدة المتوفرة للتوصل إلى حل لمعضلة تشكيل الحكومة».
وتنص مبادرة بري على أن تتألف الحكومة من 24 وزيراً مقسمة إلى ثلاث حصة متساوية بين القوى السياسية (8+8+8) ولا تتضمن ثلثاً معطلاً لأي طرف. واصطدمت بعقدة تسمية وزيرين مسيحيين، إذ يرفض الرئيس المكلف سعد الحريري أن يسميهما رئيس الجمهورية منعاً لأن يكون لأي طرف ثلث معطل. كما اصطدمت عند عقدة امتناع «التيار الوطني الحر» عن منح الثقة للحكومة في المجلس النيابي.
ولم تنجح الاتصالات بعد في تبريد الأجواء وتبادل الاتهامات، إذ أشار عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدي معلوف إلى أن «مبادرة الرئيس نبيه بري حملت في طياتها تعدياً على صلاحيات رئيس الجمهورية ومثالثة مقنّعة، من هنا كانت استعانة النائب جبران باسيل بأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله لقناعته بأنه لن يسير بهذه الطروحات».
ورأى معلوف في حديث إذاعي، أن «هناك من يحاول فرض معادلات جديدة اليوم»، معتبراً أن «تسهيل تشكيل حكومة من دون اتفاق على الإصلاحات ومن دون أن يكون لرئيس الجمهورية دور في هذه الحكومة سيكون بمثابة السير على خطى السياسات السابقة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم».
ولم تتمكن الوساطات من حل الأزمة، كما لم تلقَ الدعوات المتكررة لتأليف حكومة آذاناً صاغية، ورأى البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس أن «السياسة عندنا ممعنة بالتخريب والهدم كأن العمل السياسي هو لخراب وطن وهدم بلد». وأضاف «عقلنا حر وقدراتنا حرة ونستطيع إذا تضامنا أن ننهض رغم كل شيء».
وقال الراعي في مؤتمر المؤسسة البطريركية للإنماء الشامل في بكركي: «لسنا الوطن الوحيد الذي يختبر هذه المحنة ويجب أن ننتزع الخوف من قلوبنا ونجدد الثقة بوطننا فأجدادنا قاوموا وهذا هو دورنا اليوم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».