مكاتب السفر في لبنان تقفل أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية

الرحلات السياحية إلى الخارج تراجعت بنسبة 90 %

TT

مكاتب السفر في لبنان تقفل أبوابها بسبب الأزمة الاقتصادية

لا تأمل مكاتب السياحة والسفر في لبنان خيراً من فصل الصيف، فقد أسهمت الأزمة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبنانية بتراجع قضاء كان رائجاً في السنوات الماضية، يتمثل في تأمين حجوزات سفر اللبنانيين إلى الخارج لقضاء عطلة الصيف، وخصوصاً في تركيا ومصر واليونان والبلدان المحيطة.
وأدى انهيار قيمة الليرة اللبنانية بنحو ألف في المائة منذ عام 2019 إلى انخفاض القدرة الشرائية اللبنانية بشكل كبير، حيث بات اللبنانيون يركزون على الأولويات، ويتجاهلون الكماليات التي يعد السفر إلى الخارج أبرزها. وأدى ذلك حكماً إلى تأثر مكاتب السياحة والسفر التي تطورت لسنوات عديدة بفضل حركة اللبنانيين إلى الخارج.
ويتحدّث نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود لـ«الشرق الأوسط» عن شلل شبه كامل يصيب هذه المكاتب، فالحجوزات الوافدة تقتصر فقط على اللبنانيين المقيمين في البلدان القريبة، لا سيّما الخليج، فيما تعد الحركة باتجاه الخارج شبه معدومة.
وكانت مكاتب السفر والسياحة تعوّل على حجوزات اللبنانيين إلى الخارج، ولكنّ هذا الأمر لم يعد ممكناً حالياً، إذ يوضح عبّود أنّ المكاتب لم تحضر برامج سياحية أصلاً، شارحاً أنّه في حين كان 5 آلاف لبناني يسافر في فصل الصيف بهدف السياحة، ولا سيما إلى تركيا واليونان في عامي 2018 والـ2019 تراجع العدد تدريجياً بنسبة وصلت إلى 90 في المائة حالياً، إذ إنّه مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة لم يعد باستطاعة اللبنانيين السفر حتى إلى تركيا ومصر على سبيل المثال.
ويوضح عبود أنّ مطار بيروت كان يشهد حركة في مثل هذه الأشهر تقدّر بـ103 رحلة يومياً، أما حالياً فهو يعمل بقدرة استيعابية تقدّر ما بين الـ25 و30 في المائة، ولا يوجد أي طلب يغطي هذا العرض المتراجع 70 في المائة، مشيراً إلى أن المكاتب السياحية كانت تجني 60 مليون دولار من قطع التذاكر فقط، أما حالياً فما تجنيه لا يتجاوز المليوني دولار.
وفي ظلّ هذا الوضع لم يصمد، حسب عبود، إلا 140 وكالة سفر مسجلة لدى الاتحاد الدولي للنقل الجوي (آياتا) من أصل 213. أما المكاتب غير المسجلة لدى الاتحاد، فقد أقفل عدد كبير منها، الأمر الذي انعكس على عدد الموظفين في هذا القطاع بشكل رسمي، إذ انخفض من 6 آلاف موظف إلى ما لا يتجاوز الـ1500.
وفي المقابل، ساهم تراجع الأسعار في الداخل اللبناني برواج السياحة الداخلية، إلا أنّ هذا لا يعني انتعاشاً للمؤسسات السياحية التي لم تستطع أن تستقطب السائحين الأجانب، وتركزت الحجوزات والحركة في الداخل على المغتربين اللبنانيين في الصيف. ويعود ذلك إلى أن المؤسسات التجارية بالكاد تستطيع تأمين ما يكفي لاستمرارها، لا سيما معظم تكاليفها ما عدا الكهرباء واليد العاملة تحدد على أساس سعر الدولار في السوق الموازية، أي السوق السوداء.
وكانت وزارة السياحة قرّرت تقاضي التعرفة بالعملات الأجنبية للأجانب الذين يأتون إلى لبنان بهدف إدخال الدولار الجديد إلى البلد ودعم المؤسسات السياحيّة مع إبقاء الدفع بالليرة اللبنانية للمقيم في لبنان. ويرى عبّود أنّ هذا القرار يساعد بطبيعة الحال المؤسسات السياحية، ولكنه جاء متأخراً جداً ولن تنعكس نتائجه في موسم الصيف الحالي، لأن مكاتب السياحة الواردة تبيع لوكلاء كبار يطلبون الأسعار قبل عام، والمكاتب في لبنان لم ترسل الأسعار لأنها لم تكن تعرف على أي أساس تسعّر في ظلّ وجود أكثر من سعر للدولار في لبنان، مؤكداً أنّ هذا القرار قد يساهم بدعم المؤسسات السياحية العام المقبل، وسينعكس على الوضع الاقتصادي بشكل عام، إذ سيدخل دولار جديد على الأسواق ليس فقط من خلال قطاع الفنادق، بل أيضاً القطاعات الأخرى المرتبطة بالسياحة الوافدة كمكاتب تأجير السيارات والمطاعم والمؤسسات السياحية.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.