اللجاة في جنوب سوريا... منطقة نائية أهلها منسيون

ترصد الواقع المعيشي والتعليمي والأمني بعد ثلاث سنوات من اتفاق التسوية

قرية مهجورة في منطقة اللجاة بريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
قرية مهجورة في منطقة اللجاة بريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT

اللجاة في جنوب سوريا... منطقة نائية أهلها منسيون

قرية مهجورة في منطقة اللجاة بريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
قرية مهجورة في منطقة اللجاة بريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

في شمال محافظة درعا على أطراف محافظة السويداء جنوبي سوريا، أرض تسمى اللجاة. قرى نائية وناس منسيون، يعاني أهلها صعوبة العيش. الوصول إليها يستلزم قطع مسافات طويلة، سكانها يعيشون في شبه عزلة، هم من العشائر البدوية المشهورة جنوب سوريا، يعيشون في تجمعات صغيرة متباعدة منذ عشرات السنين ويقتاتون من تربية المواشي، عصفت بهم الحرب في سوريا وكان لهم نصيب من آثارها، معظم سكانها تركها ومنهم من عاد إليها بعد غياب سنوات، فيما البعض الآخر لا يزال يعاني النزوح في قرى حوران.
هناك قرى في اللجاة لم يعد أبناؤها إليها بعد تهجيرهم بفعل المعارك رغم دخولها ضمن مناطق اتفاق التسوية الذي جرى جنوب سوريا عام 2018. ومنها قرى الشياح، والشومرة، والعلالي، والمدورة، والظهر، والطف. وكلها قرى دمرت منازلها بشكل شبه كامل ولم يعد إليها سكانها الذين هجروا منها منذ أكثر من 8 سنوات بفعل قوات النظام السوري، بسبب قرب هذه القرى من ثكنات ومقرات عسكرية لقوات النظام السوري، وفقاً للناشط حسان محمد من منطقة اللجاة.
ويقول حسان محمد، مدير تحرير موقع «اللجاة برس» لـ«الشرق الأوسط» إن سبب عدم عودة سكان معظم قرى اللجاة إلى منازلهم، بعد اتفاق التسوية، هو أن قوات النظام السوري حولت هذه القرى التي هُجر أهلها إلى نقاط عسكرية. ورغم محاولات الأهالي في العودة إلى قراهم، عن طريق التواصل مع مسؤولين مدنيين في محافظة درعا، واللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، وحتى مع الجانب الروسي نفسه، فإن جهودهم لم تثمر، وحتى استجابت الجانب الروسي أيضاً كانت محدودة وغير كافية بنسبة لطلبات الأهالي، لأنهم سهلوا عودة أهالي بلدة أيب شمال غربي منطقة اللجاة عام 2020 دون غيرها من القرى.
ويوضح محمد أن منطقة اللجاة تشهد كباقي مناطق درعا حالة عدم استقرار وانفلات أمني، شكلت القوات الروسية مجموعة تابعة للفيلق الخامس من عناصر فصائل التسويات الموجودين في منطقة اللجاة، بهدف منع ارتكاب خروقات وتجاوزات من قبل قوات النظام السوري في المنطقة، ولمنع تشكيل أي قوة عسكرية غير سورية في المنطقة.
وبحسب تعبيره لا توجد مقرات أو مجموعات تابعة لـ«حزب الله» أو الميليشيات الإيرانية في منطقة اللجاة، وأن «حزب الله» حاول تجنيد عدد من أبناء المنطقة بداية التسويات عام 2018، لكنه لم ينجح بذلك، نتيجة طبيعة أبناء المنطقة وهم من العشائر العربية الأصيلة، وانتشار مجموعات للفيلق الخامس المدعوم في روسيا هناك، حيث لاقت هذه المجموعات تأييداً شعبياً باعتبار أن عناصر المجموعة من أبناء منطقة اللجاة، كما توجد في اللجاة مجموعة من فصائل التسويات تابعة للفرقة الرابعة والمخابرات الجوية، أعدادهم بالعشرات ولا تحظى هذه المجموعة بتأييد شعبي، وليس لها مهام في منطقة اللجاة، ولكن يتم نقلهم على حواجز ضمن مناطق التسويات في درعا، وخاصة في مناطق ريف درعا الغربي. ويشير محمد إلى «فشل حزب الله في استقطاب منتسبين من السكان المحليين، ولم تسجل حتى الآن أي عملية انتساب لأي شخص من منطقة اللجاة مع الحزب بشكل مباشر، ولكن تم تجنيد عدد من الأشخاص في ميليشيات متهمة بالتعامل مع إيران وتتلقى التدريب على يد قادة (حزب الله) مثل ميليشيات الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية الموجودة في منطقة اللجاة».
وخلال ثلاث سنوات، لم تحصل تغييرات إيجابية على الخدمات الأساسية في منطقة اللجاة شمال شرقي محافظة درعا، حيث الترهل والفساد واضح في جميع المجالات مثل الصحة والتعليم والخدمات العامة، ووعود بتقديم الخدمات الأساسية للأهالي، وعودة مؤسسات الدولة إليها بما فيها التعليمية، لم تثمر حتى الآن، وفق ما قاله فراس وهو مدرس من منطقة اللجاة.
يعتبر قطاع التعليم من أكثر القطاعات التي تضررت خلال السنوات الماضية، حيث تم تدمير غالبية المدراس في منطقة اللجاة، ويعتبر التسرب التعليمي من أبرز المشكلات التي تواجه القطاع التعليمي في اللجاة، فقد أدت الأعمال العسكرية إلى نزوح مستمر للأهالي متسببة بانقطاع التلاميذ عن مدارسهم، وترك عدد كبير من الطلاب مدارسهم، بالإضافة إلى نقص الكوادر التعليمية، نتيجة النزوح والأوضاع الاقتصادية والأمنية السيئة، إضافة لفصل عدد كبير من الموظفين الأساتذة، بسبب أوضاعهم الأمنية، ولم يتم ترميم أي مدرسة تعرضت للقصف أو التدمير حتى الآن، ولم يشهد القطاع التعليمي أي تحسن.
ويقول نشطاء إنه يتم تدريس طلاب المرحلة الابتدائية حالياً في المناطق التي دمرت بها المدارس في منازل قديمة من الحجر عبارة عن غرفتين، وهي لا تصلح أن تكون مكاناً للتعليم، وأن معظم هذه المنازل تنعدم فيها المستلزمات والوسائل اللوجيستية التعليمية والخدمات المدرسية مثل مشارب المياه الصحية ودورات المياه وأماكن مخصصة لقضاء الاستراحة بين الحصص الدراسية، كحال أبناء قرية الجسري وسط منطقة اللجاة.
ويقول طالب في الصف الثالث الإعدادي تبعد مدرسته عن القرية التي يسكنها ثمانية كيلومترات: «نريد مستقبلاً أفضل، مستعدون لأن نتحمل تكاليف ومعناة الذهاب إلى المدرسة، ولكن أعدادنا قليلة في المدرسة، نحن 20 طالباً فقط في الصف الثالث الإعدادي، بعض المدارس أجبر الكثيرون من الذين دمرت المدارس في قراهم إلى ترك الدراسة، وحتى مستوى تعليمنا يختلف عن أبناء الأرياف والمدن، بسبب نقص الكادر التدريسي المتخصص واللوازم المدرسة الحديثة». وبسبب بعد المدرسة فإن الكثير من الطلاب يتركون التعليم ويتسربون من المدارس، كما أن أهالي بعض الطلاب لا يسمحون لهم بالذهاب إلى المدرسة البعيدة وخاصة الإناث.

تراجع خدمي
ويوضح حسان أن ما يقرب من 90 في المائة من سكان منطقة اللجاة يعانون من تدني الخدمات الأساسية وانعدامها في كثير من الأحيان، حتى على أبسط مستلزمات الحياة كمادة الخبز، حيث إن فرن الخبز في بلدة جدل يغطي أكثر من عشرة قرى، مما يؤدي إلى تزاحم بين المواطنين وتجمعهم لساعات طويلة من أجل الحصول على مادة الخبز في الوقت الذي يعاني فيه الفرن من شح في مادة الطحين، والانقطاع المتكرر للكهرباء مما يؤثر على جودة مادة الخبز، ونقص الكمية التي تغطي حاجة الأهالي. ويضيف أن المواطنين في المنطقة يعانون في تأمين مياه الشرب بسبب عدم صيانة الآبار، والانقطاع المتكرر للكهرباء، بالإضافة إلى تضرر كبير في شبكات التوزيع الداخلية ضمن القرى والبلدات، ويعتمدون على الصهاريج الخاصة باهظة الثمن لتأمين مياه الشرب والخدمة، حيث يصل سعر الخزان إلى أكثر من 5 آلاف ليرة سورية تحتاجه العائلة بشكل يومي.
من جهته، يوضح أبو جهاد البالغ من العمر 55 عاماً، وهو أحد سكان منطقة اللجاة، أن معظم قرى منطقة اللجاة مهمشة ومنسية، وبعضها الآخر يعاني انقطاعاً كاملاً لكافة مقومات الحياة، كالكهرباء والصرف الصحي ومياه الشرب وخدمات التعليم والخدمات الصحية والإغاثية.
وأوضح أن عدد بلديات منطقة اللجاة المفعلة حالياً تبلغ ثماني بلديات ولا مشاريع إنمائية أو إغاثية تنهض بالمنطقة، رغم عدة شكاوى من المواطنين، حتى المشاريع الغذائية والسلات الغذائية التي كانت تقدم للأهالي، هيمن عليها بعض الشخصيات، التي باتت تقدم إحصائيات غير دقيقة للمنظمات الداعمة والإدارة المحلية، مما أدى إلى حرمان نسبة كبيرة من الأهالي من حقوقهم في السلال الغذائية.

تواضع صحي
أحد الممرضين من منطقة اللجاة رفض الكشف عن اسمه الصريح لضرورة أمنية، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن قوات النظام اتخذت من المركز الطبي الوحيد في المنطقة في بلدة صور غرب منطقة اللجاة مقراً لها، بالإضافة لعدد من المراكز الخدمية منها مبنى مؤسسة الكهرباء ومبنى المدرسة الإعدادية ومبنى البلدية ومبنى المقسم الآلي، كلها حولتها قوات النظام إلى مقرات عسكرية لها.
وتفتقر منطقة اللجاة للمشافي العامة رغم أنها تضم أكثر 70 قرية ولا يوجد بها من قبل الأحداث والحرب في سوريا أي مشفى عام، ويعتمد سكانها المحليون على المشافي في مناطق السويداء أو مدينة إزرع في درعا.
وأوضح أن دور المراكز الطبية الصغيرة الموجودة في اللجاة (المستوصفات الطبية) على خدمات بدائية مثل تضميد الجروح والكسور غير الخطيرة، واللقاحات الخاصة بالأطفال المقدمة من المنظمات الإنسانية وحتى أنها تنقطع أحياناً، وتحتوي على كادر طبي صغير وغير مختص، ولا يوجد في هذه المراكز أي معدات حديثة أو متوسطة الحداثة «ونظراً لضعف الإمكانيات الطبية والمهنية، وعدم الوعي من مخاطر فيروس (كوفيد - 19) نتيجة بساطة المجتمع والحياة في اللجاة، وعدم الاهتمام بالناس وتفعيل دور التوعية من مخاطر الفيروس، عانت منطقة اللجاة موجات حادة من مرضى (كوفيد - 19). ووفيات وصلت إلى أكثر من 200 حالة، وحالات مرضية وصلت إلى طلاب المدارس».
تشكلت هضبة اللجاة قبل ملايين السنين نتيجة البراكين والحمم التي قذفها بركان جبل العرب الخامد حالياً، يبلغ عدد سكانها 55 ألف نسمة، تحد منطقة اللجاة من جهة الشرق مدينة شهبا في محافظة السويداء، ومن الشمال قرية المسمية في درعا، ومن الغرب منطقة خبب في سهل حوران. جرت فيها معارك مع قوات النظام، تشكل فيها فصائل معارضة للنظام هي (لواء العمري) (جيش العشائر)، انتهت المعارك فيها بـتحريرها مطلع عام 2012. هجر العدد الأكبر من سكانها، وبقيت أعداد بسيطة فيها، ودخلت ضمن مناطق التسوية جنوب سوريا عام 2018.



سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
TT

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي

سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)
سوريا واليابان تعلنان استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي (أ.ف.ب)

أعلنت سوريا واليابان، اليوم (الثلاثاء)، استئناف العلاقات وفتح صفحة جديدة في التعاون الثنائي.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، ذكرت وزارة الخارجية السورية، في بيان صحافي اليوم، أن اجتماعاً رسمياً عقد في دمشق ضم مدير إدارة الشؤون الأفروآسيوية وأقيانوسيا محمد زكريا لبابيدي، ونائب وزير الخارجية الياباني يوهيني أونيشي، بحضور عدد من المسؤولين من الجانبين.

وتعدّ هذه أرفع زيارة لدبلوماسي ياباني إلى سوريا منذ أكثر من 15 عاماً حيث أكد المسؤول الياباني أنها تمثل إعلاناً رسمياً عن استئناف العلاقات بين سوريا واليابان وبداية مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين.

وبحث الجانبان، خلال الاجتماع، سبل تطوير العلاقات الثنائية واستئناف التعاون في مختلف المجالات، مؤكدين ضرورة تسريع وتعزيز التعاون، بما يخدم مصالح البلدين.

ووجّه نائب وزير خارجية اليابان دعوة رسمية إلى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني لزيارة اليابان، طبقاً للبيان.


إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.