توصل فريق بحثي أميركي إلى آلية لخداع فيروس «كورونا المستجد»، عبر «أشباح» خلوية يمكن استخدامها لمنعه من إصابة الرئة. وتعتمد الآلية التي تم اختبارها في قرود المكاك المصابة بالفيروس، وتم الإعلان عنها في العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن»، على تصنيع قوالب نانونية من الخلايا الكروية للرئة البشرية (LSCs)، بحيث تحاكي المستقبل الذي يرتبط به الفيروس، ليرتبط بها، بدلاً من المستقبلات الحقيقية. وتمثل هذه الطريقة نهجاً بديلاً لاستهداف الفيروس نفسه، ويمكن أن يظل هذا العلاج النانوي فعالاً ضد المتغيرات الناشئة للفيروس.
ويدخل فيروس «كورونا المستجد» إلى الخلية عندما يرتبط بروتينها الشائك «بروتين سبايك» بمستقبل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 «ACE2» على سطح الخلية، وتعبر الخلايا الكروية للرئة البشرية «LSCs»، وهي مزيج طبيعي من الخلايا الجذعية الظهارية للرئة وخلايا اللحمة المتوسطة، عن هذا الإنزيم أيضاً، ما يجعلها وسيلة مثالية لخداع الفيروس.
ويقول كي تشينغ، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية بجامعة ولاية نورث كارولاينا، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 17 يونيو (حزيران) الجاري: «إذا كنت تفكر في بروتين سبايك الذي يوجد على سطح الفيروس ويمنحه الشكل التاجي، كمفتاح ومستقبل الخلية ACE2 كقفل، فإن ما نقوم به باستخدام قوالب النانو هو إغراق الفيروس بأقفال وهمية حتى لا يتمكن من العثور على تلك التي تسمح له بدخول خلايا الرئة، حيث تربط الأقفال المزيفة الفيروس وتحبسه، وتمنعه من إصابة الخلايا والتكاثر، والجهاز المناعي للجسم يعتني بالباقي».
وكانت التجارب باستخدام هذه الطريقة قد بدأت باختبارات معملية، أكدت أن بروتين «سبايك» قد ارتبط بالفعل بمستقبلاته الوهمية، ثم استخدموا فيروساً مقلداً مُصنعاً للاختبار في الجسم الحي في نموذج فأر، وتم تسليم الشراك الخداعية عن طريق العلاج بالاستنشاق، وبقيت القوالب النانوية في رئة الفئران لمدة 72 ساعة بعد جرعة واحدة وساعدت في التخلص السريع من الفيروس المقلد. وتم إجراء دراسة تجريبية بعد ذلك في نموذج قرد المكاك، ووجدت الدراسة أن العلاج عن طريق الاستنشاق باستخدام القوالب النانوية أدى إلى تسريع التصفية الفيروسية وتقليل الالتهاب والتليف في الرئتين، ورغم عدم ملاحظة أي سمية في دراسة الفئران أو المكاك، سيكون من الضروري إجراء مزيد من الدراسة لترجمة هذا العلاج للاختبار البشري وتحديد كيفية إزالة الجسم للقوالب النانوية.
ويقول تشينج: «هذه الألعاب النانوية هي في الأساس أشباح خلوية، ونشر الملايين منها يزيد بشكل كبير من مساحة سطح مواقع الربط الوهمية لمحاصرة الفيروس، وصغر حجمها يحوّلها أساساً إلى وجبات خفيفة صغيرة الحجم للبلاعم، لذلك تتم إزالتها بكفاءة عالية». ويشير تشينج إلى «ثلاث فوائد أخرى للألعاب النانوية، أولاً، يمكن إيصالها إلى الرئتين بطريقة غير جراحية عن طريق الاستنشاق، ثانياً، نظراً لأن النانويات ليست خلوية - لا يوجد شيء يعيش بداخلها - يمكن الحفاظ عليها بسهولة وتظل ثابتة لفترة أطول، ما يتيح استخدامها في الأسواق، وأخيراً، يتم استخدام الخلايا الكروية للرئة البشرية LSCs بالفعل في تجارب سريرية أخرى، لذلك هناك احتمال متزايد للقدرة على استخدامها في المستقبل القريب»، مضيفاً: «من خلال التركيز على دفاعات الجسم بدلاً من الفيروس الذي يستمر في التحور، لدينا القدرة على إنشاء علاج مفيد على المدى الطويل، طالما أن الفيروس يحتاج إلى دخول خلية الرئة، يمكننا الاستمرار في خداعه».
العلاج بـ«الأشباح» الخلوية أحدث طريقة لمقاومة الفيروس
العلاج بـ«الأشباح» الخلوية أحدث طريقة لمقاومة الفيروس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة