النعيمي: «أوبك» لم تمت.. والسعودية لن تكرر ما فعلته في الثمانينات

أكد أن التاريخ سيثبت صحة قرار المنظمة الأخير

النعيمي
النعيمي
TT

النعيمي: «أوبك» لم تمت.. والسعودية لن تكرر ما فعلته في الثمانينات

النعيمي
النعيمي

منذ أن قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ترك السوق لتصحح نفسها بنفسها، والكل يتحدث عن موت المنظمة؛ إذ إن ما فعلته قلب موازين السوق ودور «أوبك» رأسا على عقب وأدى إلى هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 6 سنوات. ولكن وزير البترول السعودي علي النعيمي أكد أن كل من يقول بأن «أوبك» ماتت، فهو مخطئ.
ففي العاصمة الألمانية برلين ألقى النعيمي أمس كلمة في الأكاديمية الفيدرالية للسياسات الأمنية، دافع فيها عن موقف «أوبك» وعن القرار الذي اتخذته المنظمة والمملكة على حد سواء، واصفا القرار بـ«التاريخي والذي سيثبت التاريخ للجميع مدى صحته رغم كل الانتقادات الموجهة له».
ولم يتوقف النعيمي عند هذا الحد، بل دافع أيضا عن موقف السعودية قائلا إنها سبق أن واجهت في الثمانينات الميلادية الظروف نفسها التي تمر بها السوق اليوم، ولكنها أخطأت عندما خفضت إنتاجها وتخلت عن حصتها للدفاع عن الأسعار، ولكن المطاف انتهى بها بفقدان حصتها وبانهيار الأسعار. ولهذا أكد النعيمي أن المملكة تعلمت الدرس جيدا ولن تكرر الخطأ ذاته الآن. وفيما يتعلق بسوق النفط، فقد قال النعيمي في كلمته التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن السوق العالمية كبيرة ومتنامية، حتى وإن كان هذا النمو يسير بوتيرة بطيئة في الوقت الراهن، مضيفا أن الطلب بدأ في التحسن وأن السوق بدأت في الاستقرار.
ورفض النعيمي عقب الانتهاء من الخطاب في معرض رده على أسئلة الحضور التكهن بأسعار النفط. ورد النعيمي على سؤال من الحضور عما إذا كانت أسعار النفط بلغت القاع بعد انتعاشها إلى 60 دولارا للبرميل من مستويات منخفضة عند 45 دولارا في يناير (كانون الثاني) الماضي قائلا: «لو أنني أحاول التكهن بأسعار النفط مستقبلا لما كنت في ألمانيا الآن وإنما في لاس فيغاس».

قصة هبوط الأسعار
وبدأ النعيمي خطابه بشرح ما حدث في سوق النفط على مدى الأشهر الثمانية الماضية، عندما انهارت أسعار البترول من مستوى 115 دولارا في يونيو (حزيران) لتصل إلى نحو 45 دولارا حتى أسابيع مضت.
وأشار النعيمي إلى أنه عندما ترتفع الأسعار، أو عندما تصل إلى مستويات تاريخية، كما كانت عليه خلال الأعوام القليلة الماضية، يميل قطاع النفط العالمي إلى زيادة الاستثمارات، و«هو ما جعلنا نشهد مستويات إنتاج أعلى من حقول نفط أكثر تكلفة من ناحية التطوير أو التشغيل مثل الحقول الواقعة في المياه العميقة، وحقول القطب الشمالي، وحقول النفط الخام الثقيل في كل من كندا وفنزويلا، وحقول النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية». وأوضح أن هذه الكميات الإضافية من الإنتاج جاءت بصفة أساسية في فترة كان الاقتصاد العالمي خلالها يتعافى من ركود عميق، وفي فترة تأثر فيها نمو الطلب على النفط، خصوصا في أوروبا، وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى زيادة في ميزان العرض، و«إذا أضفنا إلى ذلك كله المضاربات التي تتحدث عن تخمة نفطية واحتمالات انخفاض الطلب في المستقبل، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الأسعار».
وأضاف النعيمي أنه خلال الأشهر الثمانية الماضية ووسط وجود الفائض في السوق، فإن الكل دعا السعودية لإجراء تخفيضات سريعة وكبيرة في إنتاجها لموازنة السوق. وهنا يقول الوزير السعودي: «لقد تم تجربة هذه السياسة في الثمانينات، ولم تكن ناجحة. ونحن لن نرتكب الخطأ نفسه مرة أخرى».
ويقول النعيمي إنه ليس من دور المملكة في الوقت الحالي، أو حتى دور بعض دول «أوبك» الأخرى، أن تدعم المنتجين الأعلى تكلفة من خلال التنازل عن حصتها في السوق. والحقائق على أرض الواقع التي أدت لاتخاذ هذا القرار مختلفة جدا على أي حال.
ويشرح النعيمي الأسباب وراء القرار بعد خفض الإنتاج قائلا: «الإمدادات من خارج (أوبك) هي أكبر بكثير مما كانت عليه في الثمانينات الميلادية، ولذلك هناك حاجة إلى وضع منهج لمواجهة هذا الفائض يعتمد على تعاون أكثر بين المنتجين من كل الجنسيات».
وعلى عكس ما يقوله الجميع بأن السعودية هي من كان خلف اختلال السوق، فإن النعيمي أوضح أن المملكة لا تزال ملتزمة بالمساعدة في تحقيق التوازن في السوق، ولكن الظروف تتطلب أن تساهم غيرها من الدول من خارج «أوبك» في التعاون. وعاد النعيمي ليوضح أن المنتجين خارج «أوبك» اختاروا عدم القيام بذلك وأن لديهم أسبابهم. ويضيف: «ولكن أود أن يكون معلوما أن المملكة العربية السعودية لا تزال تسعى للحصول على اتفاق من الجميع لفعل شيء».

حقيقة التواطؤ والمؤامرة
وفي ما يتعلق بالاتهامات تجاه «أوبك»، أوضح النعيمي أنه عندما تشهد السوق النفطية حركة متسارعة في الأسعار، صعودا أو هبوطا، «فإننا عادة ما نراها مصحوبة بنوبة من التعليقات التي تؤطر لنظريات كثيرة وغريبة بشأن وجود (تواطؤ أو مؤامرة) من قبل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والدول الكبرى المنتجة للنفط، وأبرزها، بطبيعة الحال، المملكة العربية السعودية».
وأضاف أنه خلال موجة الانخفاض الحالية التي شهدتها السوق النفطية، تعرضت كل من منظمة «أوبك» والمملكة أيضا إلى «انتقادات مؤذية – وجائرة – جراء ما يمكن أن نصفه، في واقع الحال، برد فعل طبيعي في السوق، فنرى البعض يتحدث عن (حرب تشنها أوبك على النفط الصخري)، ويزعم آخرون أن (أوبك) قد ماتت. وقس على ذلك الكثير من مثل هذه النظريات، وكلها خاطئة».
ومضى قائلا: «لقد دأبت الدول الأعضاء في منظمة (أوبك) على العمل مع بعضها البعض وبصورة دائمة لتفعل كل ما بوسعها من أجل استقرار الأسعار، وضمان عوائد مجزية للدول المنتجة، وتوفر إمدادات ثابتة للدول المستهلكة، وفي شهر نوفمبر المنصرم، أعتقد أن منظمة (أوبك) اتخذت قرارا تاريخيا بعدم تدخلها في السوق، وقد فهم الكثير من المعلقين مغزى المنظمة من وراء هذا القرار، وأعتقد أن التاريخ سيثبت أن هذا القرار يمثل الاتجاه الصحيح نحو المستقبل».

الترحيب بالنفط الصخري
ومنذ أن اتخذت «أوبك» قرارها في نوفمبر الماضي، انتشرت جملة من التحليلات التي تفترض أن ما فعلته «أوبك» موجه لضرب ثورة النفط الصخري التي ساهمت في زيادة إنتاج الولايات المتحدة بنحو 3 ملايين برميل يوميا في السنوات الثلاث الأخيرة.
إلا أن النعيمي بين أن هذه الزيادة الجديدة في إمدادات النفط، التي يأتي كثير منها من الولايات المتحدة الأميركية، تلقى ترحيبا واسعا من أسواق النفط العالمية والاقتصاد العالمي على حد سواء خلال الأعوام القليلة الماضية. ويضيف: «وقد عبرت المملكة العربية السعودية وبصورة مستمرة عن ترحيبها بالإمدادات الجديدة من النفط غير التقليدي، بما في ذلك النفط الصخري».
والسبب في هذا الترحيب واضح، كما يقول النعيمي؛ حيث ساعدت هذه الزيادة في الإمدادات «جنبا إلى جنب مع الجهود التي تبذلها المملكة، في تعويض النقص الذي تعرضت له إمدادات الدول الأخرى المنتجة للنفط، فدون هذه الزيادة، كان من الممكن أن يجد الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بشكل كامل بعد نفسه وجها لوجه مع أسعار أكثر بكثير للطاقة».
ورغم كل هذا الحديث عن السوق والنفط، فإن النعيمي لم ينس أن يذكر الجميع ويذكر نفسه أيضا بأنه يعرف ألمانيا جيدا عندما قال: «زرتها لأول مرة عندما كنت طالبا في عام 1960، عندما قضيت الصيف في السفر في جميع أنحاء البلاد، وزرت بون وفرانكفورت وهايدلبيرغ وشتوتغارت وميونيخ. لقد حان الوقت لأن أتذكر هذا باعتزاز، ولقد عدت عدة مرات منذ ذلك الحين». وفي أغسطس (آب) من العام الماضي، بعد شهرين من اجتماع «أوبك» الصيفي ذهب النعيمي مجددا إلى ألمانيا، ليتمتع بالعطلة في «الغابة السوداء» التي تشتهر بها ألمانيا. واختتم النعيمي كلمته بالقول إن المجال للشراكة بين السعودية وألمانيا مفتوح، «فألمانيا هي الرائدة عالميا في مجال الطاقة الشمسية، والمملكة لديها الكثير من الشمس، والمساحات الشاسعة». كما أنه أوضح أن المملكة تسعى أيضا إلى إنشاء صناعة للمطاط الصناعي، قائلا: «وآمل أن نتمكن من القيام بذلك في شراكة مع الشركات الألمانية، التي لديها خبرة كبيرة»، ولعل ما قاله النعيمي يوضح توجه «أرامكو السعودية» لشراء حصة في وحدة المطاط التابعة لشركة «لانكسيس» الألمانية.



بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
TT

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)

حذَّرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أن تعهده بفرض تعريفات إضافية على السلع الصينية بسبب تدفقات الفنتانيل، قد يجرُّ أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تعريفات مدمِّرة للطرفين.

وقال ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، يوم الاثنين، إنه سيفرض «رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة، فوق أي رسوم جمركية إضافية» على الواردات من الصين، حتى تشن بكين حملة صارمة على الاتجار بالمواد الكيميائية الأولية المستخدمة في صنع العقار القاتل.

وتحدد القوتان العظميان مواقفهما قبل عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض. وأسفرت فترة ولاية ترمب الأولى عن حرب تجارية أربكت سلاسل التوريد العالمية وألحقت الضرر بكل اقتصادات العالم مع ارتفاع التضخم وتكاليف الاقتراض.

وحذرت افتتاحيات صحف الحزب الشيوعي الصيني، «تشاينا ديلي» و«غلوبال تايمز»، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، ترمب، من جعل الصين «كبش فداء» لأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة أو «اعتبار حُسن نية الصين أمراً مفروغاً منه فيما يتعلق بالتعاون في مكافحة المخدرات».

وقالت «تشاينا ديلي»: «العذر الذي قدمه الرئيس المنتخب لتبرير تهديده بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات من الصين بعيد المنال. لا يوجد فائزون في حروب التعريفات الجمركية. إذا استمرت الولايات المتحدة في تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية من خلال سلاح التعريفات الجمركية، فلن تترك أي طرف دون أن يلحق به أذى».

وبدأ خبراء الاقتصاد في تخفيض رؤيتهم لأهداف النمو للاقتصاد الصيني -الذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار- لعامي 2025 و2026، تحسباً لمزيد من التعريفات الجمركية التي وعد بها ترمب خلال الحملة الانتخابية، ويُحذر الخبراء الأميركيون من الاستعداد لزيادة في تكلفة المعيشة.

وقال لويس كويغس، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في «ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية»، التي خفَّضت، يوم الأحد، توقعاتها لنمو الصين لعامي 2025 و2026 إلى 4.1 و3.8 في المائة على التوالي: «في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي نعرفه على وجه اليقين هو أن المخاطر في هذا المجال عالية. ما افترضناه في خط الأساس لدينا هو زيادة شاملة (للتعريفات الجمركية) من نحو 14 في المائة الآن إلى 25 في المائة. وبالتالي، فإن ما افترضناه هو أكثر قليلاً من 10 في المائة على جميع الواردات من الصين».

ويهدد ترمب بكين برسوم جمركية أعلى بكثير من الرسوم الجمركية التي فُرضت على السلع الصينية خلال ولايته الأولى التي تراوحت بين 7.5 و25 في المائة.

ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز» عن جاو لينغيون، المحلل في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين، قوله: «تمتلك الصين بالفعل نموذجاً للتعامل مع سياسة الرسوم الجمركية الأميركية السابقة». وأضاف أن «استخدام قضايا مكافحة المخدرات لزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية أمر غير مقبول وغير مقنع».

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ، لرئيس الوزراء السنغافوري السابق، لي هسين لونغ، إن اقتصاد الصين سيستمر في النمو والتطور على المدى الطويل، خلال اجتماع في بكين، يوم الثلاثاء، بعد تعليقات ترمب، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وذكرت التقارير أن لي قال لشي: «لا ينبغي لأحد أن يقلل من شأن تصميم الشعب الصيني على نجاح أمته والوقوف شامخة في العالم»، وهي الملاحظة التي قالت مقالة منفصلة في «غلوبال تايمز» إنها «مقصودة أيضاً لبعض الأشخاص في المجتمع الدولي».

وتوقع خبراء اقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز» الأسبوع الماضي فرض تعريفات جمركية أميركية إضافية تتراوح من 15 إلى 60 في المائة. وقال معظمهم إن بكين ستحتاج إلى ضخ مزيد من التحفيز لتعزيز النمو الاقتصادي وتعويض الضغوط على الصادرات.

وقال ترمب في وقت سابق إنه سيفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على السلع الصينية. ويهز التهديد المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة، ومئات المليارات الأخرى في مكونات المنتجات التي يشتريها الأميركيون من أماكن أخرى.

وعلى صعيد موازٍ، انخفضت أرباح الصناعة في الصين مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولكن بشكل أقل حدة من الشهر السابق مع استمرار ضغوط الانكماش، فيما ظل الطلب ضعيفاً في الاقتصاد الذي ضربته الأزمة بقيمة 19 تريليون دولار.

كما أن الرياح المعاكسة الجديدة الناجمة عن التعريفات الجمركية الأميركية الإضافية، التي تعهد ترمب بفرضها في يومه الأول في البيت الأبيض، قد تهدد القطاع الصناعي في الصين العام المقبل، مما يقلل من أرباح التصدير.

وواجه القطاع المترامي الأطراف، الذي يشمل شركات التعدين والمعالجة والتصنيع، صعوبة في البقاء مربحاً في مواجهة الطلب المحلي الضعيف الذي تضرر من أزمة العقارات المستمرة منذ سنوات، والبطالة وتوترات التجارة المتزايدة. وتعهَّد صنَّاع السياسات بالوفاء بهدف الحكومة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5 في المائة هذا العام حتى مع تعهد ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع المصنَّعة في الصين.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء، يوم الأربعاء، أن الأرباح الصناعية في أكتوبر انخفضت بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي، وهو أفضل من انخفاض بنسبة 27.1 في المائة في سبتمبر (أيلول)، على الرغم من أن الأرباح انخفضت بنسبة 4.3 في المائة في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقابل انخفاض بنسبة 3.5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر.

وقال يو وينينغ، من المكتب الوطني للإحصاء في بيان مصاحب، إن الأرباح في معظم الصناعات تحسنت مقارنةً بالشهر السابق، حيث لعبت محركات جديدة مثل المعدات والتصنيع عالي التقنية دوراً داعماً قوياً.

لكنَّ بعض خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص عزوا التحسن في أكتوبر جزئياً إلى تأثير القاعدة المنخفضة من العام السابق. ونَمَت الأرباح الصناعية في أكتوبر 2023 بنسبة 2.7 في المائة، متراجعةً عن مكاسب مزدوجة الرقم في كل من أغسطس (آب) وسبتمبر من العام الماضي.

وقال لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «آي إن جي»: «بالنسبة إلى بيانات شهر أكتوبر وحدها، فإن المستوى على أساس سنوي به الكثير من التشويش بسبب التأثيرات الأساسية، ويمكن أن يُعزى الاختلاف إلى حد كبير إلى هذا السبب. وبشكل عام، لا تزال الأرباح تحت بعض الضغوط هذا العام كما يظهر الانخفاض بنسبة 4.3 في المائة على أساس سنوي حتى الآن، على الرغم من وجود أمل في أنه مع بدء مزيد من تخفيف السياسات، ستصبح بيئة التشغيل أكثر ملاءمة العام المقبل».

وأشارت المؤشرات الاقتصادية المنفصلة في وقت سابق من هذا الشهر، إلى ضعف الطلب على نطاق واسع، حيث بلغت أسعار المستهلك أضعف مستوياتها في أربعة أشهر، فيما استمرَّ الناتج الصناعي في الاتجاه نحو الانخفاض، وانخفضت أسعار المساكن الجديدة بأسرع وتيرة لها في 9 سنوات.

وأظهرت البيانات في وقت سابق من هذا الشهر أن أسعار المنتجين انخفضت بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر، وهو أعمق من الانخفاض بنسبة 2.8 في المائة في الشهر السابق، وأسوأ من الانخفاض المتوقع بنسبة 2.5 في المائة... ويعد ذلك أكبر انخفاض في 11 شهراً.

وتعمق الانكماش في المصانع في قطاعات استخراج البترول والغاز الطبيعي ومعالجة النفط والفحم وتصنيع المنتجات الكيماوية وتصنيع السيارات. وحذَّر ما هونغ، كبير المحللين في مؤسسة أبحاث «جي دي دي سي إي»، من أن «أرباح تصنيع المواد الخام وتصنيع السلع الاستهلاكية لا تزال تواجه ضغوطاً للانخفاض أكثر»، مضيفاً أنه «بالنظر إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وفي ضوء مؤشر أسعار المنتجين الذي لا يزال في النطاق السلبي، فإن سعر المواد الخام التي يمثلها الفحم لا تزال تحت الضغط، ولا تزال هوامش ربح الشركات الصناعية في اتجاه هبوطي بطيء».

وتغطي أرقام الأرباح الصناعية الشركات التي تبلغ إيراداتها السنوية 20 مليون يوان (2.8 مليون دولار) على الأقل من عملياتها الرئيسية.

وكانت حزمة الديون المحلية الصينية البالغة 1.4 تريليون دولار -والتي جرى الكشف عنها في وقت سابق من نوفمبر- أقل من التوقعات لتحفيز قوي لتعزيز الاستهلاك، مما يعني أن المستثمرين ما زالوا ينتظرون روافع مالية أكثر مباشرة.

كما ستتعرض عائدات التصدير الصينية للضغط بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، مما سيؤثر في الشركات المصنِّعة. وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن ترمب قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 40 في المائة على الواردات من الصين.

ووفق مينشنغ، فإنه إذا زادت الرسوم الجمركية تدريجياً إلى 40 في المائة وليست دفعة واحدة، فإن الشحنات السريعة قبل الرسوم الجمركية الجديدة قد تساعد على تعويض تأثير الرسوم الجمركية الأعلى لاحقاً، مما يؤدي إلى انخفاض الصادرات بنسبة 1.7 في المائة في عام 2025، فيما إذا فُرضت رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة فقط، فقد يأتي نمو صادرات الصين في عام 2025 بنسبة 0.2 في المائة.