من يستطيع السفر إلى الفضاء؟ الجميع تقريباً... أو على الأقلّ... من يستطيع تحمّل كلفة الرحلة؟
سياحة فضائية
قالت شركة «بلو أوريجين»، التي اقامت مزاداً لبيع مقعد على متن رحلتها الفضائية المقرّرة في 20 يوليو (تموز)، إنّه على الفائز أن يكون قادراً على تحمّل ثلاثة أضعاف قوّة الجاذبية لدقيقتين في طريق الصعود، وخمسة أضعاف ونصف ضعف قوّتها لبضع ثوانٍ في طريق الهبوط. لهذا السبب؛ يجب أن يتراوح طول المشاركين بين (1.52 و1.9) متر، ووزنهم بين (49.8 و101) كيلوغرام.
وكان المنظّمون قد كشفوا عن أنّ وزن المشاركين في الرحلة يجب أن يكون أقلّ من 213 كلغم، وطولهم أقلّ من مترين، وأن «تكون صحّتهم النفسية والجسدية مناسبة للتدريب».
وقد دفع أحد الأثرياء مبلغ 28 مليون دولار السبت الماضي لقاء الفوز بمزاد على تذكرة للمشاركة في أول رحلة سياحية إلى الفضاء التي تنظمها «بلو أوريجين» التي سيكون في عدادها مؤسس الشركة جيف بيزوس.
وفي ميدان التنافس في مجالات السياحة الفضائية، قال إيلون ماسك، مؤسس شركة «سبيس إكس»، إنّ معظم النّاس سيكونون قادرين على السفر على متن مركبة «دراغون» التي تملكها شركته، مؤكّداً أنّه «إذا كان الشخص قادراً على الركوب في قطار الملاهي، أي النّوع القوي منه، فلن يواجه مشاكل في السفر في «(دراغون)».
في المقابل، لم تصدر شركة «فيرجن غالاكتيك» أي شروط جسدية لروّادها الفضائيين المستقبليين، ووعدت «بتحضير كلّ راكبٍ بشكلٍ كامل من خلال برنامجٍ من الفحوص الطبية والتدريبات المخصّصة له».
كلفة الرحلة
ما هي كلفة بطاقة السفر إلى الفضاء؟ يختلف الأمر من رحلة إلى أخرى. وحسب المحلل العلمي الأميركي كريستيان دافنبورت، فإن كلفة رحلة مدّتها أسبوع من تنظيم شركة «أكسيوم سبيس» إلى المحطّة الفضائية الدولية تصل إلى 55 مليون دولار للشخص الواحد، يذهبُ قسمٌ منها لوكالة «ناسا» الفضائية الأميركية التي تفرض سعر 10 ملايين دولار لرائد الفضاء الواحد، بموجب لائحة أسعار جديدة مخصّصة للمسافرين من القطاع الخاص. يُستخدم هذا المبلغ في تمويل المصاريف التي يحتاج إليها الطاقم طوال مدّة الرحلة والمهمّة والاتصال. كما تطلب الوكالة رسوماً يومية قليلة، لا تتعدّى 2000 دولار للشخص، لتقديم الطعام.
بدورها، تحدّد شركة «فيرجين غالاكتيك»، لصاحبها ريتشارد برانسون، مبلغ 250 ألف دولار للرحلات تحت المدارية التي يعايش الركّاب خلالها بضع دقائق من انعدام الوزن قبل الهبوط على الأرض. ولكن الشركة كشفت عن أنّ الأسعار ستقفز صعوداً عند فتح باب بيع التذاكر هذا العام. لم يُعلن بعد عن سعر التذكرة الجديد، ولكنّ المحلّلين يتوقعون وصوله إلى 500 ألف دولار.
تدريب السياح
• ما هو نوع التدريب الذي يتلقّاه الراغبون بالسفر إلى الفضاء؟ يختلف التدريب لروّاد الرحلات الفضائية تحت المدارية عن ذلك الذي يتلقّاه روّاد «ناسا». تقول «بلو أوريجين» على موقعها الإلكتروني، إنّ التدريب لرحلاتها يحتاج إلى يومٍ واحدٍ فقط. ويضيف المنشور «قبل يومٍ واحدٍ من الإطلاق، ستتعلّمون كلّ شيء ستحتاجون إليه في تجربتكم كرائد فضاء». يتضمّن التدريب عروضاً إيضاحية للبعثة والمركبة، وملخّصات للسلامة الداخلية، ومحاكاة للبعثة مع تعليمات للنشاطات التي ستمارسونها خلالها كالإجراءات التشغيلية والاتصالات والمناورة في البيئات المنعدمة الوزن».
من جهتها، صرّحت «فيرجن غالاكتيك» بأنّ هدفها تقديم «رحلة آمنة وزهيدة لا مثيل لها إلى الفضاء ولا تتطلّب تجربة سابقة خاصّة أو تدريب وتحضير كبيرين» للروّاد الراغبين بالسفر على متن مركبتها. ومن المتوقّع أن يدوم التدريب لثلاثة أيّام في «سبيس بورت أميركا» في نيو مكسيكو، حيث سيخضع المسافرون «لفحص طبي خاص وللإجراءات التحضيرية للرحلة، وأبرزها التدريب على استخدام أنظمة الاتصالات، وبروتوكولات الطيران، وإجراءات الطوارئ وتدريب على قوّة التسارع (الجاذبية)».
سيتعلّم المسافرون «كيف يغادرون مقاعدهم ويختبرون حالة انعدام الوزن، والطوفان حول القمرة، وكيف يضبطون وضعيتهم على واحدة من نوافذ عدّة على جوانب وفي سقف المركبة. وبعد الاستمتاع ببضع دقائق من انعدام الوزن، سيعود روّاد الفضاء إلى مقاعدهم للتحضير للعودة والدخول إلى غلاف الأرض الجوّي».
تعمل «فيرجن غالاكتيك» منذ سنوات على تحضير مجموعة من الراغبين بريادة الفضاء الذين أتمّوا تدريبهم بالتعاون مع الشركة من خلال السفر في رحلات متكافئة خالية من الجاذبية، وتجربة الحركة في غرفة مزوّدة بطردٍ مركزي تساعدهم في التأقلم على قوّة الجاذبية المتزايدة.
في المقابل، تقدّم «أكسيوم سبيس» مهمّة فضائية أكثر طموحاً تمتدّ لأسبوعٍ كامل على متن المحطّة الفضائية الدولية، ولكنّها تستبقها بمنهاج تدريبي مدّته 17 أسبوعاً بقيادة «ناسا» ووكالتي الفضاء الأوروبية واليابانية. تقول الشركة، إنّ «تدريبها يحضّر روّاد الفضاء المشاركين، وينمّي نوعاً من الصداقة بينهم، وينتهي بإعلان المشاركين أعضاءً في عائلة المسافر الفضائي الحصرية».
يتلقّى الركّاب تدريبهم إلى جانب قائد البعثة. وكشفت «أكسيوم»، عن أنّ رائدي الفضاء السابقَين في «ناسا» مايكل لوبيز - أليغريا وبيغي وايتسون سيقودان أوّل بعثتين لها.
وأخيراً، فإن السفر إلى الفضاء لا يعتبر مجالاً جديداً؛ إذ سافر العديد من المدنيين إلى الفضاء حتّى اليوم. أطلقت روسيا في بداية الألفية ثماني بعثات إلى المحطّة الفضائية الدولية حملت على متنها مواطنين أثرياء، أبرزهم دينيس تيتو وتشارلز سيمونيي وأنوشيه أنصاري. وفي عام 2004، سافر مايك ميلفيل وبراين بينّن إلى حافّة الفضاء على متن مركبة «سبيس شيب وان»، أولى المركبات الفضائية التجارية التي وصلت إلى الفضاء والتي تعتبر سلف الطائرة الفضائية الحالية التي تملكها «فيرجن غالاكتيك».
وفي الثمانينات، زار الفضاء عضوان في الكونغرس هما السيناتور جايك غارن (جمهوري عن ولاية يوتا) وبيل نيلسون (ديمقراطي عن ولاية فلوريدا) الذي يشغل اليوم منصبا إداريا في وكالة «ناسا». حصلت هذه البعثة عن تمويلها من «ناسا».