بوريل ينهي جولته في لبنان... والقرار اليوم للاتحاد الأوروبي

باسيل تجاهله وأودع نصر الله «هدية حكومية ملغومة»

عون مجتمعاً مع بوريل في بعبدا أول من أمس (الوكالة الوطنية)
عون مجتمعاً مع بوريل في بعبدا أول من أمس (الوكالة الوطنية)
TT

بوريل ينهي جولته في لبنان... والقرار اليوم للاتحاد الأوروبي

عون مجتمعاً مع بوريل في بعبدا أول من أمس (الوكالة الوطنية)
عون مجتمعاً مع بوريل في بعبدا أول من أمس (الوكالة الوطنية)

تترقب الأوساط السياسية اللبنانية بفارغ الصبر القرار الذي سيصدر عن مجموعة دول الاتحاد الأوروبي في ختام اجتماعها اليوم (الاثنين) في ضوء التقرير الذي أعده ممثلها الأعلى للشؤون السياسية الخارجية والأمنية جوزيب بوريل في جولته على القيادات اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة والتي انتهت أمس (الأحد) بلقاء جمعه بممثلين عن المجتمع المدني، مع أنه لم يحمل معه إلى بيروت أي أفكار جديدة تدفع باتجاه إخراج تأليفها من التأزم الذي يحاصرها، واقتصرت مهمته على عقد جلسات خُصّصت للاستماع إلى وجهات نظر الرؤساء المعنيين بتأليفها حول الأسباب التي لا تزال تعيق تشكيلها وإن كانوا أكدوا له من موقع الاختلاف تمسكهم بالمبادرة الفرنسية.
فالموفد الأوروبي - كما تقول مصادر مواكبة للقاءاته لـ«الشرق الأوسط» - حرص على طرح نفس الأسئلة على رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وإن كان انطلق من مضامين المرافعة التي أعدها عون في معرض «غسل يديه» من تهمة تعطيل تشكيل الحكومة ورميه المسؤولية على بري والحريري.
وتقول المصادر المواكبة بأن بوريل لم يتطرق إلى الخيارات البديلة التي يتبناها الاتحاد الأوروبي لإعادة الروح إلى مشاورات تأليف الحكومة تاركاً للمجتمعين الأوروبيين اليوم اتخاذهم القرار المناسب في ضوء تقصيه للأسباب التي تؤخر تأليفها، وتؤكد بأن بوريل وإن كان استخدم في لقاءاته أسلوب التهديد من العيار الثقيل، فإنه وضع من التقاهم أمام خيارين، الحكومة أو العقوبات التي تستهدف من يُثبت ضلوعه في عرقلة تشكيلها.
وتكشف بأن عون أدلى أمام بوريل بمطالعة أراد منها الحصول من الاتحاد الأوروبي على تبرئة ذمّته من الاتهامات التي تحاصره وتحمّله مسؤولية مباشرة حيال تعطيل الحكومة، ليس في معرض الدفاع عن نفسه فحسب، وإنما لرفع التهمة عن وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي تجنّب في كلمته أمس الإشارة إلى مهمة بوريل وإن كان اتهمه بطريقة غير مباشرة بممارسة الضغوط الخارجية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان، مقترحاً في الوقت نفسه على حليفه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بأن يختار بينه وبين بري وصولاً إلى مطالبته الأخير بالتنحي بسحب مبادرته من التداول.
ومع أن باسيل أوكل إلى نصر الله مهمة تشكيل الحكومة في محاولة لم يُكتب لها النجاح لإحداث اشتباك سياسي بين الثنائي الشيعي، وإن كانت مطالبته في هذا المجال لا تلقى قبولاً على المستويين العربي والدولي رغم أن نصر الله يرفض قبول هديته الملغومة فإن عون تعامل «ببراءة» في إجابته على الأسئلة التي طرحها عليه بوريل، فيما أعاد باسيل تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر، مستهدفاً في حديثه عن إعادة النظر بصلاحيات رئيس المجلس الإطاحة باتفاق الطائف.
فرئيس الجمهورية أكد تمسكه بالمبادرة الفرنسية وإصراره على تشكيل الحكومة، رافضاً مطالبته على الأقل في العلن بالثلث الضامن من الوزراء، غامزاً في الوقت نفسه من قناة الرئيس المكلف بذريعة إصراره الالتفاف على المعايير الدستورية لتشكيل الحكومة، وأيضاً من رئيس المجلس، متهماً إياه بالانحياز للأخير، مما يصعب عليه القيام بدور الوسيط لتسويق مبادرته، مع أنه كان وافق عليها وبالتكافل والتضامن مع صهره باسيل قبل أن ينقلب عليها في اجتماعه بالنائب علي حسن خليل وحسين خليل، المعاونين السياسيين لرئيس البرلمان ونصر الله، الذي عُقد في البياضة.
وتؤكد المصادر المواكبة بأن مرافعة عون أمام بوريل جوبهت بشدّة من قبل بري والحريري، اللذين حرصا على وضع النقاط على الحروف، رغبة منهما برد التهمة إلى عون الذي يصر من وجهة نظرهما على الثلث الضامن في الحكومة مع أنه يدحض هذه التهمة باستمرار بخلاف تشدّده في تسمية الوزيرين المسيحيين، مما يؤمّن له الحصول على الثلث المعطل في حكومة من 24 وزيراً.
وتلفت إلى أن بري شدد أمام بوريل على أن عون يصر على الثلث الضامن بإلحاق تسميته للوزيرين المسيحيين بحصته التي تضم 8 وزراء، وتقول إن «التيار الوطني» من أصحاب السوابق في تعطيل الحكومات وشل قدرتها على الإنتاجية، وهنا تستشهد، كما تنقل عن رئيس المجلس، اتهامه بتعطيله لأكثر من شهرين لاجتماعات مجلس الوزراء في حكومة الحريري الأولى بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية بذريعة مطالبة باسيل بإحالة حادثة البساتين - قبرشمون على المجلس العدلي، لكنه سرعان ما تراجع عن مطالبته.
وتقول إن اتهام عون المجلس النيابي بعدم التجاوب مع مشاريع واقتراحات القوانين الخاصة بتحقيق الإصلاحات ليس في محله وإن المشكلة كانت وما زالت تقع على عاتق الرئيس عون ورئيس الظل باسيل، وتؤكد بأن مشروع التدقيق الجنائي أقره البرلمان، وهو الآن في عهدة حكومة تصريف الأعمال التي سارعت انصياعاً للمزايدات الشعبوية لعون إلى إرسال مشروع قانون خاص بالبطاقة التمويلية من دون أن تؤمّن التكلفة المالية المترتبة على اعتمادها، تاركاً للبرلمان تدبير أمره من حواضر البيت، أي مما تبقى من الاحتياطي لدى مصرف لبنان.
وتحمّل المصادر المواكبة عون والحكومة المستقيلة مسؤولية عدم بدء مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي لتأمين الحد الأدنى من التعافي المالي للبنان، وصولاً للالتفات إلى الأزمات المعيشية والاجتماعية التي تجاوزت المخاوف من انهيار البلد إلى وضعه على حافة الانفجار الشامل، فيما نقلت عن الحريري قوله لبوريل إن هناك استحالة أمام تشكيل حكومة على غرار الحكومات السابقة، فيها الثلث المعطل ويعوزها تحقيق الإصلاحات وتضم وزراء غير محازبين.
وتؤكد بأن الحريري يرفض كل هذه الشروط لأنها غير مقبولة من النواحي العملية والدستورية، وكان الشعب اللبناني قال كلمته في انتفاضته في 17 (أكتوبر (تشرين الأول)) 2019. وتقول إن بعض القوى سرعان ما انقلبت على ما تعهدت به في اجتماعها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعادت تطالب بحكومة هي نسخة طبق الأصل عن الحكومات السابقة.
وترى المصادر نفسها أن الحريري يلقي المسؤولية على من لا يريد الإصلاحات التي من دونها لن نحصل على مساعدات مالية لا من صندوق النقد ولا من المجتمع الدولي، وتنقل عنه بأنه لا يزال يضحّي منذ تكليفه بتشكيل الحكومة ويقدّم الحلول، لكن هناك من يقاوم تشكيل حكومة مهمة، ومع ذلك «لن أتوقف عن إعطاء الأولوية لتشكيلها، لكن لن أبقى هكذا إلى ما لا نهاية، وإذا استمرت العراقيل سأقوم بالتشاور مع حلفائي وأولهم بري لنبني على الشيء مقتضاه لننظر في الخيارات البديلة، مع أنه من غير الجائز المساواة بين من يسهّل تشكيل الحكومة ومن يعطّلها ووضعهما في سلة واحدة».
وعليه يبقى السؤال: هل يكتفي الاتحاد الأوروبي في اجتماعه اليوم بالتهديد بالعقوبات، أم أنه سيلجأ إلى خيارات بديلة بدلاً من استمراره في مخاطبة المعنيين بتشكيل الحكومة بنبرات عالية لا يمكن صرفها سياسياً؟ وإلا لم يكن بوريل مضطراً للمجيء إلى بيروت في مهمة استقصائية بامتياز، وكان في مقدور سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طراف أن ينوب عنه في مهمة بقيت في حدود تجميع المواقف بدلاً من أن يبادر إلى حشر من يعرقل ولادتها، فيما يصر باسيل - كما تقول المصادر - على توسيع دائرة اشتباكاته برهانه هذه المرة على اشتباك شيعي - شيعي بعد أن أقحم نفسه في اشتباك مع خصومه في الشارع المسيحي وآخر في الشارع السنّي.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).