الجزائر: نواب مستقلون يطلقون «تحالفاً» داعماً للرئيس

بدء مشاورات تشكيل الحكومة بعد تثبيت نتائج الانتخابات

الرئيس تبون لدى تصويته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (رويترز)
الرئيس تبون لدى تصويته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (رويترز)
TT

الجزائر: نواب مستقلون يطلقون «تحالفاً» داعماً للرئيس

الرئيس تبون لدى تصويته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (رويترز)
الرئيس تبون لدى تصويته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (رويترز)

أطلق نواب جدد في البرلمان الجزائري المنبثق عن انتخابات ١٢ من الشهر الحالي مسعى لتشكيل تحالف سياسي لدعم الرئيس عبد المجيد تبون وسياساته خلال ولايته (2019 - 2024). ويتوقع مراقبون أن تتشكل الحكومة الجديدة المرتقبة، من أحزاب «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، ونواب مستقلين.
ويتصدر المسعى تنظيم «الحصن المنيع»، الذي ترشح بلوائح مستقلة عدة في الانتخابات فاز منها 27 مترشحا. وقال رئيسه ياسين مرزوقي لـ«الشرق الأوسط»، إنه أجرى اتصالات مع أحزاب فازت بمقاعد بغرض «تشكيل مجموعة تساند برنامج الرئيس تبون»، مبرزا أن «الوضع الاقتصادي الصعب يدفع إلى الالتفاف حول خطة الرئيس الخروج من الأزمة لاستعادة التوازنات المالية للبلاد».
وأكد مرزوقي، وهو صحافي قديم، أن البرلمان الذي أفرزته الانتخابات «يمنح الرئيس هامشا مريحا لتنفيذ سياساته»، في إشارة ضمنا إلى أن غالبية المقاعد 407 عادت إلى أحزاب أعلنت تأييدها له منذ وصوله إلى الحكم نهاية 2017، وأهمها «جبهة التحرير» (105 مقاعد) و«التجمع الوطني الديمقراطي (57 مقعدا) وجبهة المستقبل» (48 مقعدا)، و«حركة البناء الوطني» (40 مقعدا).
وعقد مرزوقي أول من أمس، اجتماعا بالعاصمة مع رئيس «جبهة الحكم الراشد» عيسى بلهادي ورئيس «صوت الشعب» الأمين عصماني (3 مقاعد لكل منهما)، وتم الإعلان عن ائتلاف داعم للرئيس. ولا يستبعد ناشطون في «الحصن المتين»، إعلان التشكيلات السياسية الكبيرة الفائزة في الانتخابات، مبادرة لدعم الرئيس خاصة بهم.
ويشبه المسعى «التحالف الرئاسي» الذي أطلقته أحزاب «جبهة التحرير» و«التجمع الديمقراطي» و«حركة مجتمع السلم»، في 2004 غداة فوز الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بولاية ثانية، على سبيل إسناده لتعزيز حكمه. وتشكلت حكومات الرئيس التي تعاقبت، من «التحالف» الثلاثي الذي تلاشى مع الوقت لغياب الانسجام بين أقطابه. كما أن بوتفليقة لم يظهر حرصاً على استمراره بعد انتخابه لولاية ثالثة في 2009.
وأفاد مصدر في «المجلس الدستوري»، بأن رئيسه كمال فنيش سيعلن قبل نهاية الأسبوع عن النتائج النهائية للانتخابات، في ضوء دراسة الطعون الكثيرة التي رفعت إليه، يحتج أصحابها على «أعمال تزوير» حرمتهم حسبهم، من عدة مقاعد. وبعدها ستبدأ الاتصالات بين الرئيس والأحزاب الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة. وجاء في الدستور أن الرئيس يعين وزيرا أول ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة وإعداد «مخطط عمل» لتطبيق البرنامج الرئاسي، الذي يعرضه على مجلس الوزراء، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية». ولا يتعدى دور الوزير الأول، اقتراح أسماء الحكومة على رئيس الجمهورية، الذي يمكنه أن يقبل أو يرفض.
واستبعدت نتائج الاستحقاق الاحتمال الثاني، الوارد في الدستور، وهو أن يعين الرئيس رئيسا للحكومة من المعارضة إذا آلت إليها الأغلبية. وفي الحالتين يبقى اختيار رئيس الطاقم التنفيذي بيد رئيس الجمهورية.
إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، أمس في خطاب نشرته الوزارة الأولى بحساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي، بأن يحافظ «مخطط الإنعاش الاقتصادي» (2020 – 2024) على «الطابع الاجتماعي للدولة من أجل تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية للمواطن، ولا سيما الفئات الأكثر هشاشة»، مشيرا إلى أنه «سيسمح بتعزيز الأمن الطاقوي والغذائي للبلاد من أجل الحفاظ على سيادتها الوطنية، وضمان السيادة من حيث الخيارات الاقتصادية بما يخدم المصلحة الـمثلى للبلاد».
وأكد جراد أن قطاع المحروقات «يحتل مكانة مركزية في اقتصادنا، حيث يوفر أكثر من 90 في المائة من الصادرات ويمثل ما يقارب 40 في المائة من إيرادات الدولة. ومع ذلك، فإن ما يشكل قوته شكل أيضاً أكبر نقاط ضعفه. فالاقتصاد الجزائري لا يزال في الواقع يعتمد بشكل كبير على الأسعار الدولية للنفط والغاز التي شهدت اتجاهاً تنازلياً منذ صدمة 2014». مشيرا إلى أن «صندوق ضبط الإيرادات أدى) دوره بالفعل من خلال التخفيف جزئياً من انخفاض الاحتياطيات، حيث تم استهلاكه بالكامل ابتداء من سنة 2017».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.