انقلابيو اليمن يفرضون «سعراً موحداً» لتزويج النساء وسط رفض مجتمعي

TT

انقلابيو اليمن يفرضون «سعراً موحداً» لتزويج النساء وسط رفض مجتمعي

رغم فشل الميليشيات الحوثية الذريع عقب توزيعها قبل أشهر وثيقة تحدد فيها مهور النساء بمبلغ ألف دولار تقريباً، لكسب تعاطف الشبان واستدراجهم إلى معسكرات التدريب والتعبئة، فإن الجماعة عادت مجدداً إلى استهداف هذه الشريحة عبر ذات الوثيقة، لكن بعد وضع تعديلات جديدة تفتح أمام الجماعة المجال لابتزاز السكان في مناطق سيطرتها.
وفي هذا السياق أفادت مصادر محلية مطلعة بأن الميليشيات دشنت منتصف الأسبوع الماضي ما تسميه «وثيقة تيسير الزواج في مديريات تابعة لمحافظات إب والمحويت وعمران وحجة وذمار وريمة وغيرها، حيث وزعت تلك الوثيقة على عشرات المسؤولين المحليين والتنفيذيين والمشايخ والأعيان بتلك المناطق تحضهم خلالها على إجبار الأسر والأهالي على تزويج بناتهم وفقاً للمهر الذي حددته الجماعة.
وحددت وثيقة الانقلابيين الجديدة، وهي مجرد حبر على ورق كما يفيد حقوقيون يمنيون، مبلغ المهر بـ800 ألف ريال للفتاة البكر، وبـ400 ألف ريال للثيب (الدولار نحو 600 ريال).
وأعطت الوثيقة للجماعة الحق بمصادرة أي أموال تزيد على تلك المفروضة على المواطنين كتكاليف للزواج، في حين فرضت وثيقة الميليشيات على الأمناء الشرعيين حال كتابة عقود زواج بمبالغ زائدة غرامة قدرتها بـ200 ألف ريال والسجن لمدة شهرين.
وطبقاً لتلك الوثيقة، فقد ألزمت الميليشيات الأسر اليمنية بمنع المظاهر الاحتفالية من غناء وموسيقى ومكبرات صوت وغيرها في حفلات الأعراس، وتوعدت المخالفين بعقوبات صارمة.
على الصعيد ذاته، عبر حقوقيون عن استغرابهم مما ورد في وثيقة الميليشيات المتعلقة بمهور وأسعار الزواج. وقالوا إن تنظيم ظاهرة الزواج وتخفيض المهور يستدعيان إصدار تشريع لا مجرد وثيقة لا تلزم قانوناً إلا الموقعين عليها.
وأكد الحقوقيون أن الوثيقة تعد مخالفة للدستور والأعراف والمبادئ القانونية لإنشائها جرائم وعقوبات، حيث لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون - أو بناء على نص شرعي أو قانوني»، حسب الدستور وقانون الجرائم والعقوبات اليمني.
ولفتوا إلى أن مسألة مصادرة الأموال الخاصة لا تكون إلا بحكم قضائي، وفقاً للدستور اليمني أيضاً. وقالوا إن مقدار مهر الزواج في اليمن كان يخضع عادة للعرف السائد في كل منطقة وبحسب الأحوال المادية لكل أسرة، دون تدخل من الجهات الحكومية.
وبدورهم، اعتبر ناشطون محليون أن تحديد سعر الزواج من النساء في اليمن بناءً على تعليمات من زعيم الانقلابيين يعد امتهاناً لكرامة اليمنيين واليمنيات، وعبر بعضهم عن سخريتهم من تدابير الجماعة بالقول: «إن سعر البقرة الواحدة وصل في ظل حكم الميليشيات إلى مليون و200 ألف ريال» وتساءلوا: «كيف تسمح تلك الجماعة لنفسها بالتدخل في خصوصيات اليمنيين وشؤونهم الأسرية».
وقالوا إنه في الوقت الذي لا تزال فيه الجماعة غير قادرة على توحيد سعر قنينة مياه بمناطق سيطرتها، فكيف لها أن تحدد سعر مهور الفتيات اليمنيات، خصوصاً في ظل ما تعيشه البلاد حالياً من أوضاع مأساوية وموجة غلاء فاحشة بفعل انقلابها وحروبها العبثية.
وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، عمدت الجماعة، وكيل طهران في اليمن، إلى توزيع وثيقة تحدد مهر الزواج بمبلغ يصل إلى 500 ألف ريال (نحو 900 دولار)، على العشرات من المشايخ والأعيان في العاصمة صنعاء، للضغط على الأسر بمناطق سيطرتها للتوقيع عليها وتزويج بناتهم مجاناً في حال مخالفتهم المهر المحدد من قبلها.
وأكدت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الخطوات جاءت بناءً على توجيهات صدرت حينها من زعيم الانقلابيين لأتباعه حضتهم على إعداد وثيقة عاجلة تحدد المبلغ المخصص للزواج وترغم الأسر بمناطق سيطرتهم على الالتزام بمضامينها أثناء تزويج بناتهم.
كما عد سكان في صنعاء وإب تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك التوجه يعد مؤشراً خطيراً على نية الجماعة فرض وثائق زواج بكل المدن الواقعة تحت سيطرتها، خصوصاً بعد أن فرضت في أوقات سابقة بمناطق يمنية قليلة عشرات الوثائق بالقوة أرغمت من خلالها الأسر والأهالي على تزويج فتياتهم وفقاً لشروط الجماعة.
وكانت الجماعة هددت عبر وثيقتها السابقة كل من يخالف من الأسر والأهالي ما نصت عليه الوثيقة بأنه سيجبر بقوة السلاح على تزويج ابنته بمهر أقل من المبلغ الذي حددته تلك الوثيقة، أو من دون دفع أي مهر.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.