الكنيسة الكاثوليكية في أميركا تصوّت لحرمان بايدن من «القربان المقدس»

لدعمه حقوق الإجهاض

الرئيس بايدن لدى مغادرته مبنى كنيسة في ولايته ديلاوير (أ.ف.ب)
الرئيس بايدن لدى مغادرته مبنى كنيسة في ولايته ديلاوير (أ.ف.ب)
TT

الكنيسة الكاثوليكية في أميركا تصوّت لحرمان بايدن من «القربان المقدس»

الرئيس بايدن لدى مغادرته مبنى كنيسة في ولايته ديلاوير (أ.ف.ب)
الرئيس بايدن لدى مغادرته مبنى كنيسة في ولايته ديلاوير (أ.ف.ب)

صوت أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، بأغلبية ساحقة، على مسودة توجيهات لحرمان الرئيس الأميركي جو بايدن مما يُعرف عند المسيحيين بـ {القربان المقدس}، بسبب دعمه لحقوق الإجهاض. وعكس التصويت غلبة لتيار المحافظين في الكنيسة، رغم تحذيرات الفاتيكان، الذي تحفظ على الإقدام على هذه الخطوة. وصدر القرار مساء أول من أمس، مستهدفاً ثاني رئيس كاثوليكي في البلاد، بعد جون إف كيندي، حيث ينظر إلى بايدن على أنه قد يكون أكثر الرؤساء الأميركيين تديناً منذ الرئيس الأسبق جيمي كارتر، كاشفاً عن انقسامات مريرة في الكنيسة الكاثوليكية الأميركية. وكان الأساقفة قد عقدوا اجتماعاً على مدى ثلاثة أيام من النقاش المثير للجدل في اجتماع افتراضي، لمؤتمر الولايات المتحدة للأساقفة الكاثوليك. وصادق على القرار أغلبية 73 أسقفاً وعارضه 24. ويعد «القربان المقدس»، أو «الشركة المقدسة»، من أكثر الطقوس قداسة في المسيحية، بعدما عبر الأساقفة عن قلقهم المتزايد في السنوات الأخيرة جراء سوء فهم أهمية هذا الطقس لدى أتباع الكنيسة الكاثوليكية. غير أن استهداف رئيس يحضر القداس بانتظام ويقضي حياته ملتزماً بالطقوس والممارسات المسيحية، هو أمر لافت للنظر من قادة الكنيسة التي يتبعها بايدن، رغم تغاضيها عن الكثير من الممارسات والفضائح الجنسية التي تنسب للرئيس السابق دونالد ترمب. وفيما تعلن الكنيسة عن دعمها لأجندة ترمب السياسية، يكشف قرار حرمان بايدن من «القربان المقدس» عن تزايد الخلافات مع الفاتيكان والابتعاد عن أجندة البابا فرانسيس الأكثر ليبرالية. وكان بايدن قد عبر عن اعتقاده بأن الأساقفة لن يقدموا على اتخاذ هكذا قرار، قائلاً إنها «مسألة خاصة ولا أعتقد أن ذلك سيحدث». غير أن القرار الذي لم يتم كتابة نصه الرسمي بعد، ويحتاج إقراره النهائي إلى تصويت أغلبية ثلثي مجمع الأساقفة، أثار على الفور انتقادات 60 كاثوليكياً ديمقراطياً في الكونغرس الأميركي، الذين حثوا الأساقفة على «عدم المضي قدماً وإنكار الأسرار المقدسة»، متحدين الأساقفة عبر تحديد التزامهم «بجعل المبادئ الأساسية الموجودة قلب التعاليم الاجتماعية الكاثوليكية». وعكس القرار تزايد وتيرة الانقسامات السياسية، التي تلقي بظلالها على الطوائف الدينية في الولايات المتحدة، حيث شهد الأسبوع الماضي أيضاً تمكن أغلبية أكثر اعتدالاً على منع حركة دينية يمينية من السيطرة على اجتماع للمؤتمر المعمداني الجنوبي في ناشفيل. وحسب القرار، فإنه «سيتضمن الأساس اللاهوتي لنظام الكنيسة فيما يتعلق باستقبال المناولة المقدسة ودعوة خاصة للكاثوليك الذين هم قادة ثقافيون أو سياسيون أو أبرشيون ليشهدوا الإيمان». ويسعى المحافظون لاستخدام هذا النص كمبرر لاهوتي لحرمان بايدن والسياسيين الكاثوليك ممن يدعمون حق الإجهاض.
من الناحية الفنية، عكس التصويت حول صياغة بيان لاهوتي عن «القربان المقدس»، جزئياً، خطة استراتيجية طويلة المدى من الأساقفة، لمعالجة انخفاض حضور القداس الجماعي وسوء الفهم حول القربان. وشعر الأساقفة بالقلق في عام 2019، قبل أن يكون بايدن هو المرشح الأوفر حظاً في السباق الرئاسي، بعدما وجد استطلاع لمركز «بيو»، أن حوالي ثلث الكاثوليك الأميركيين فقط يؤمنون بالتعاليم الكاثوليكية المركزية، بأن الخبز والنبيذ يجسدان دم المسيح الذي يناوله المصلون خلال القداس.
ويعد بايدن، كما البابا فرنسيس، نموذجاً للمسيحية الليبرالية التي تركز على السياسة الجنسية بشكل أقل، وعلى عدم المساواة العرقية، وتغير المناخ والفقر بشكل أكبر. لكن القرار يشكل انتصاراً لتيار المحافظين في الكنيسة الكاثوليكية في مواجهة قضية الإجهاض، في الوقت الذي يتم فيه تشجيع النشطاء المناهضين للإجهاض في جميع أنحاء الولايات المتحدة ونشطاء حقوق الإنجاب، الذين يريدون من بايدن التحدث بقوة أكبر في الدفاع عنهم. وأدخلت المجالس التشريعية في العديد من الولايات، خصوصاً التي يسيطر عليها الجمهوريون، أكثر من 500 قيد على الإجهاض خلال الأشهر الخمسة الماضية، ووافقت المحكمة العليا التي يهيمن عليها المحافظون أيضاً، على النظر بقضية في قانون ولاية ميسيسيبي الذي يحظر معظم عمليات الإجهاض في الأسبوع 15 من فترة الحمل، وهو ما شكل طعناً في الدستور الذي يضمن الحق في الإجهاض. ومن المتوقع أن يصوت الأساقفة على النص النهائي في نوفمبر (تشرين الثاني)، قبل انتخابات التجديد النصفي عام 2022، مما يمنح المحافظين أداة لانتقاد الديمقراطيين خلال حملة الانتخابات، خصوصاً أن قضية الإجهاض من أكثر القضايا التي يحرض عليها اليمينيون المتشددون. ورغم أن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الذي يتشكل من 433 أسقفاً، يمكنه إصدار بيانات توجيهية، لكن ليست لديه السلطة لتقرير من يمكنه أو لا يمكنه تلقي سر «القربان المقدس». فهذه السلطة محفوظة للأسقف المحلي، الذي يتمتع بالحكم الذاتي في أبرشيته، أو لبابا الفاتيكان. وأوضح الكاردينال ويلتون غريغوري، رئيس أساقفة واشنطن وأول كاردينال أميركي من أصل أفريقي في البلاد، أنه لا يؤيد رفض المناولة للرئيس. ولم يصدر عن الأسقف المنتخب ويليام كونيغ من مدينة ويلمنغتون بولاية ديلاوير، مسقط رأس بايدن، أي تعليق بانتظار تنصيبه رسمياً الشهر المقبل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».