مجلس شورى «إخوان الأردن» يرفض «الانقلاب»

رئيس الوزراء الأردني: الحكومة لا تتدخل في خلافات الجماعة * التنظيم العالمي لـ («الشرق الأوسط») : «إخوان الأردن» داعم أساسي للعمل الإسلامي والوطني منذ عام 1946

«الإخوان» تنشر وثائق ترخيصها عامي 1946 و1953
«الإخوان» تنشر وثائق ترخيصها عامي 1946 و1953
TT

مجلس شورى «إخوان الأردن» يرفض «الانقلاب»

«الإخوان» تنشر وثائق ترخيصها عامي 1946 و1953
«الإخوان» تنشر وثائق ترخيصها عامي 1946 و1953

قرر مجلس إدارة سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية بالأكثرية الموافقة على تسجيل جمعية جماعة الإخوان المسلمين بموجب أحكام قانون الجمعيات النافذ. وجاء قرار المجلس خلال اجتماع عقد أمس، والذي تقرر فيه أيضا أن تتبع الجمعية إلى وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية لمتابعتها والإشراف عليها.
من جانبه، أدان مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أمس، السعي لإعادة تصويب أوضاع الجماعة بعيدًا عن مؤسساتها القيادية الشرعية المنتخبة وخلافًا للأصول المعتبرة، بحسب بيان للمجلس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه. واستهجن المجلس في جلسة طارئة استثنائية مساء أول من أمس (الاثنين)، قبول الحكومة لطلب تصويب أوضاع الجماعة، رافضا أي تدخل في شؤون الجماعة الداخلية. وأكد أن «العبث بالمركز القانوني المحفوظ للجماعة ووضعها التنظيمي المستقر، هو مخاطرة ومجازفة ستترك آثارها العميقة على الوطن الأردني قبل أن تصيب الجماعة بأي ضرر». وقرر المجلس بقاءه في حالة انعقاد دائم لمتابعة كل مستجد على هذا الصعيد.
من جانبه, أعلن رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور حياد حكومته بالخلاف القائم داخل قيادات في جماعة الإخوان المسلمين حول قضية الترخيص.
وأكد النسور أن الحكومة لا تتدخل في الخلاف القائم بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ولا شان للحكومة فيه.
وقال في رده على مداخلة نيابية: «لا يخفى على الحضور أن ثمة مشكلات داخلية بين أعضاء الجماعة وهي مشكلات داخلية متعلقة بهم وحدهم، والحكومة لا شأن لها بهذا الخلاف، وهي ليست مع هذا الجانب أو ذاك، وهي حريصة على ألا تتدخل في هذا الموضوع إطلاقا». وقال: «عند سؤالنا عن موقف الحكومة، فإن البعض يريد ترخيص الجماعة، فاتجه إلى جهة الترخيص وهي وزارة التنمية الاجتماعية وهي محايدة وليس لها علاقة بالسياسة، ولا شأن لها بنصرة هذا الجانب على ذاك. وتابع قوله: «الوزارة تنظر في الطلب المقدم لها إن كان فيه تلبية للمتطلبات القانونية وإن رأت أنه يستجيب توافق، وإن احتج أي طرف على طرف آخر فإن الفصل في ذلك هو للمحكمة الإدارية».
وأضاف: «لا نريد أن نكون جزءا مما يجري وخصوصا في ظل هذا الوضع السياسي الموجود في المنطقة، وهذا الوضع لا يسمح بمثل هذه المواجهات والمناوشات، وهذا شأنهم الداخلي ونحن لا شأن لنا بذلك، ولن نتجاوب مع المناوشات، وهذا شأنهم وهذه خصوصيتهم لا نتدخل فيها أبدا».
وكان رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور التقى القيادي في الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات الذي بحث معه قضية ترخيص الجماعة والوضع القائم. وكانت وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية أعلنت موافقتها على طلب قيادات إخوانية بتأسيس جمعية باسم جماعة الإخوان المسلمين.
وفي ردود الفعل، أكد مجلس علماء الشريعة في الجماعة ضرورة الالتفاف حول القيادة الشرعية للتنظيم والوفاء بحق البيعة لها في المنشط والمكره.
واعتبر علماء الجماعة أن قيام مجموعة من أعضاء الجماعة بطلب ترخيص للجماعة من الجهات الرسمية دون الرجوع لقيادة الجماعة ممثلة بمجلس الشورى والمكتب التنفيذي عمل مرفوض، وإعطاء فرصة للمتربصين بالجماعة لتحقيق مآربهم من إضعاف قوة الجماعة وتفكيكها ومنعها من تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها.
وأيّد المجلس قرارات الفصل التي اتخذها مجلس الشورى بحق كل من ثبت قيامه بالمضي في خطوات الترخيص دون علم القيادة.
من جهته، قال إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم العالمي للإخوان في الغرب، إن «إخوان الأردن» تنظيم قوي وكبير وفيه مجلس شورى وله تاريخ قديم في العمل الوطني والإسلامي منذ عام 1946. وأشار في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس إلى أن التنظيم العالمي «الذي صمد أمام الابتلاءات والتيارات المختلفة من اليمين إلى اليسار، قادر بإذن الله على أن يستوعب أي خلافات بداخله». وأكد أن تنظيم «إخوان الأردن» قادر هو الآخر على أن يحتوي أي خلافات تحدث بداخله، وهو داعم أساسي للعمل الإسلامي والوطني في بلاده. وأضاف: «في يقيني من حق كل فرد في داخل (إخوان الأردن) أن يكون له الرأي، الذي يرى فيه مصلحة للدعوة والوطن». وأعرب منير عن قناعته بأن الدولة في الأردن تدرك قيمة تماسك «إخوان الأردن» للإيجابية التي تركها على ساحة العمل السياسي. وبالنسبة لدور «التنظيم العالمي»، وتأثير سعي «إخوان الأردن» في البعد عن الجماعة في مصر، قال منير: «مهمتنا أن نقدم النصيحة و(إخوان الأردن) لهم الخيار في أن يأخذوا بها أو لا يأخذون بها».
وكان المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين المحامي عبد المجيد الذنيبات، أكد اختياره ومجموعة طالبي ما عرف بتصويب أوضاع الجماعة القانونية، لإعادة تسجيلها كجمعية سياسية تختص بها وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية. ورفض الذنيبات تسمية خطوات التصويب «الانقلاب» على الجماعة، قائلا: «إنه تصحيح لمسار الجماعة».
وقال الذنيبات، إن الهيئة الجديدة التي تولت مهمة التصويب، ستعرض «استبعاد القيادة» الحالية في الجماعة، مع الإبقاء على بقية الهيئات والمجالس الأخرى، مشددا في الوقت ذاته على أن من «سيرفض العمل في إطار الهيئة الجديدة»، سيكون مصيره «بيد الدولة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.