سنوات السينما

The Sheik
(1921)
أشهر {شيوخ العرب} في السينما‬
لم يكن «الشيخ» لجورج ملفورد، الفيلم الأول الذي يتعامل وشخصية «الشيخ العربي» لكنه بات أشهرها. وواحد من أهم أسباب شهرته بطله رودولف فالنتينو الذي كان يتمتع بوسامة واضحة وباسم ليس بحاجة للدعاية عنه. لكن فالنتينو لم يكن ممثلاً جيّـداً. وفي دور العربي، أو «الشيخ» ليس حتى متوسطاً. كان، في وقته، صورة لشاب بأمارات وجه جذّابة لا عليه أن يتكلّم لأن أفلام ذلك الزمن كانت صامتة.
يصلنا من الأرشيفات، إنه كسب في هذا الفيلم على الأخص، قلوب مشاهدات كثيرات وقعن تحت سطوة وسامته وسحره. كُتب، في صحف الأمس البعيد، عن حالات إغماء كثيرة يتمنى المرء لو أن بعضها يحدث الآن ولو نتيجة سوء تمثيل معظم أبطال اليوم.
هذا السحر هو أيضاً ما وقعت فيه عدة كاتبات غربيات. لا بفالنتينو، بل بسحر رومانسي غريب بالبطل العربي شجاع ومقدام وواقع في الحب. فارس لا تخلو شخصيته من التوحش والقسوة. إحدى الكاتبات التي رصفت حكايات مغامراتية حول ابن الصحراء اليافع إديث مود هول وهي كاتبة بريطانية (1880 - 1947) وضعت ثماني مؤلفات هذا أشهرها.
«الشيخ» هو رواية رومانسية في واقعها. أكثر رومانسية مما ينجح الفيلم في تأمينه لمشاهديه. البطلة نبيلة إنجليزية اسمها ديانا مايو (أغنيس آيرز) التي حطّـت في بلدة جزائرية اسمها بيسكرة (ورد اسمها أيضاً سنة 1902 في رواية أندريه جيد «غير الأخلاقي» The Immoralist). ديانا امرأة متحررة، قويّـة الإرادة. باردة العاطفة (تعترف في الفصل الأول من الكتاب بأنها لم تحب أحداً في حياتها). تلجأ للصحراء حبّاً في المعرفة والاكتشاف في الوقت الذي بدأت فيه صراعات القبائل. الأمير أحمد بن حسّان (فالنتينو) ينقذها من براثن القبيلة المعادية ليقع في حبّها، وبذلك ينتقل الصراع إلى فحوى تلك العلاقة بينهما: هي التي جذبها هذا الفارس العربي، وهو الذي لا يعرف كيف يُعاملها، لذا عليه ترويضها ليتمكّن منها. وهناك اقتراح في الفيلم بأنه اغتصبها.
شخصية أحمد بن حسّان على الشاشة شخصية شاب عنيف وجاهل، وبالتالي مصنوعة لتخدم تنميطاً شنيعاً. هذا على عكس ما يرد في رواية إديث مود هول التي تحافظ على رومانسية العلاقة. في كيانها هي طرح عاطفي لعالمين مختلفين: بطلة الفيلم من عالم كوّنها ثقافياً واجتماعياً وكمفاهيم مختلفة، وهو من عالم آخر يكاد يكون متناقضاً. لا المخرج ملفورد (أخرج 260 فيلماً بدأت قصيرة حتى عام 1914) ولا كاتب السيناريو مونتي م. كاترجون اكترثا لهذه الناحية إلا على النحو الجانبي المنتظر لإشعال النار في تلك العلاقة. وفي حين أن الرواية تتابع عن كثب التحوّلات العاطفية التي في ذات البطلين على نحو يؤسس للتباعد الثقافي ثم للتقارب الإنساني، إلا أن الفيلم لا يكترث لجوانب عاطفية فعلية، بل يختصر الطريق لما سيجلب له النجاح من دون ثمن.
في النهاية، ولمنح بطل الفيلم صورة إيجابية نكتشف في الفيلم أنه في الواقع أوروبي وجدَه والده بالتبني تائهاً في الصحراء طفلاً فاعتنى به.
إنه من الضروري هنا أن أشير إلى أن الممثل الإيطالي المولد فالنتينو احتج على الصورة النمطية التي عمد «الشيخ» إليها بعد أن شاهد الفيلم وصرّح مشيداً بالشخصية والحضارة العربية نافياً أن يكون العرب على الصورة التي يقدّمها الفيلم.