تجمع حشدٌ من اللبنانيين من هواة عروض الأفلام القصيرة أمام متحف قصر سرسق. حضروا بالمئات لمتابعة العرض الأول لفيلم «يرقة» للأختين ميشيل ونويل كسرواني. سبق الفيلم أن نال جوائز عدة، أبرزها «الدب الذهبي» في مهرجان «برلين السينمائي»، وفي مهرجان الأعمال العربية القصيرة الذي يقام في بيروت لغاية 17 مايو (أيار)، يسلك طريقه إلى اللبنانيين للمرة الأولى.
حضرت الشقيقتان إلى مكان العرض يتملكهما الحماس. إنها المرة الأولى التي يُعرض فيها عملهما السينمائي الأول على أرض الوطن. وتتشاركان في التعليق لـ«الشرق الأوسط»: «ننتظر بفارغ الصبر الوقوف على رد فعل أهل بلدنا على الفيلم. صحيحٌ أننا سبق وشاهدناه مئات المرات، ولكن عرضه في لبنان يحمل لنا نكهة خاصة».
كتبت ميشيل الفيلم وشاركتها نويل في عملية إخراجه. ولعبت فيه أحد الأدوار الرئيسية. ويحكي عن سارة وأسما، امرأتين من بلاد الشام، تلتقيان أثناء عملهما في مطعم فرنسي بمدينة ليون. وتحمل كلُ واحدة منهما حنيناً لحياتها وبيتها، الذي تركته في بلدها. فتبدأ علاقتهما بتوجّس وحذر، ومع مرور الوقت تتوطّد علاقتهما وينشأ خيط يربط بينهما. خيط من نسيج الحرير كالذي يربط بين البلد والمهجر. وفي خضمّ هجرتهما القسرية تبحث كلُ واحدة منهما على ما يعزّيها ويخفف من وطأة انسلاخها عن وطنها. الفيلم من إنتاج «ديو بيريز» لمارين فايان و«لا بيينال دي ليون»، ومدته 30 دقيقة.
وتعلق ميشيل في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «يأتي عرض هذا الفيلم في توقيت يناسبه ضمن مهرجان الأفلام العربية القصيرة. فنحن اليوم بأمس الحاجة للاتحاد وللالتفات إلى بعضنا بعضاً. إننا نعيش في فترة صعبة تشوبها حملات التحريض والتنكيل ببعضنا البعض. ويأتي الفيلم ليحمل رسالة واضحة بضرورة اتحادنا، وتقرّبنا من بعض بشكل أفضل».
وترى ميشيل أن المهرجان الذي يشارك فيه فيلمها وأختها نويل، يتيح الفرصة لتجمعٍ كبير من المخرجين العرب الشباب. «هذا الأمر أسعدنا كثيراً إذ يفتح بيننا نحن المخرجين مساحة حوار كبيرة. فنطّلع من خلالها على أفكارنا الإبداعية بعيداً عن هموم اقتصادية وسياسية نواجهها اليوم في لبنان».
بدت الأختان متأثرتين جداً بالإقبال الذي شهده عرض فيلمهما. وتعلّق ميشيل: «تأثرت كثيراً بهذا المشهد وأشعر كأني أخضع لامتحان مدرسي. فكل الأنظار موجهة على (يرقة) الآن وأتمنى أن ينال رضا الناس».
لا صالات سينمائية في لبنان تخصّص عروضاً للأفلام القصيرة، وهو ما سيقف مانعاً عند كثير من اللبنانيين لمتابعته. ولكن ميشيل تضيف متفائلة: «للأسف لا نملك صالات سينمائية في لبنان تخصص عروضاً رسمية للأفلام القصيرة. ولكننا في المقابل سنحمله إلى مناطق لبنانية مختلفة. فهناك عدد من المهرجانات السينمائية التي يُعَدُّ لها في لبنان سيشارك فيها (يرقة). وسنحاول أن تجري عروضه في طرابلس والجنوب وباقي المناطق».
تصف ميشيل مشاركة فيلمها «يرقة» بالاحتفالية، فتأخذ معها فترة استراحة، «نحن نحضّر لأعمال عديدة بينها ما ستشاركني في تنفيذها نويل. فيما أخرى ستشهد أفلاماً تخص كل واحدة منّا».
وتستعد الشقيقتان لجولات سفرٍ عدة، متنقلتين أيضاً بين لبنان وفرنسا. «لا أحب أن أقول إنني أعيش في فرنسا فأنا مهاجرة. ولبنان هو قطعة منّا ونعمل دائماً على زيارته بين وقت وآخر لتنفيذ أفلامنا على أرضه. فكل ما نقوم به من أعمال فنية نتمّسك بلبنان أرضيةَ عمل لها. ونترجم في الوقت نفسه حبّنا لسرد قصص تحكي عنه وترتبط به».
تسأل «الشرق الأوسط» ميشيل عن الكلمة التي تحبّ في هذه المناسبة التوجه بها إلى اللبنانيين فترد: «ليس عندي من رسالة معينة لأهل بلدي. أشعر بذلك وكأني أدّعي فهم واستيعاب الأمور أكثر منهم. ما أحب ذكره هو أني أحبّذ هذه المساحات المضيئة التي لا ينفك لبنان يزخر بها. كما أني متحمسة لاكتشاف إبداعات مخرجين صاعدين. فالمهرجانات من هذا النوع تتيح المجال لانطلاقة كثير من المخرجين. وعندي حاجة للاطّلاع على أعمال مخرجين جدد، كي لا أتقوقع بأفكار تخصني وحدي».