انقلابيو اليمن يضغطون للاستحواذ على ثاني شركة خاصة للاتصالات

في سياق سعيهم لإحكام قبضتهم على القطاع الحيوي

TT

انقلابيو اليمن يضغطون للاستحواذ على ثاني شركة خاصة للاتصالات

أفادت مصادر مطلعة في صنعاء، بأن الميليشيات الحوثية تمارس ضغوطاً كبيرة ضد مسؤولي شركة «MTN» للهاتف النقال؛ بهدف إجبارهم على بيعها لصالح الجماعة بمبلغ 150 مليون دولار، أي ما يعادل 15 في المائة من القيمة الفعلية لفرع الشركة في اليمن، التي قدرت وفق اقتصاديين بما يزيد على مليار دولار.
وكشفت المصادر عن مباحثات نهائية سبقتها ضغوط حوثية متنوعة تجري حالياً بين قيادات بارزة في الجماعة وإدارة الشركة بهدف إتمام عملية البيع والشراء.
الشركة، بحسب المعلومات، أعلنت سابقاً نيتها إنهاء وجودها في اليمن من دون توضيح الأسباب التي تقف وراء ذلك، وتشير الاتهامات إلى قيادات حوثية أجرت محادثات تحت غطاء شركة قابضة لشراء فرع الشركة في اليمن بثمن بخس.
وفي السياق، اعتبر مصدر في شركة MTN لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك الإجراء الحوثي يأتي تواصلاً لضغوط عدة مارستها ولا تزال تمارسها الجماعة ضد القائمين على فرع الشركة بغية إقناعهم بإتمام عملية البيع التي إذا تمت ستكون غير قانونية؛ كونها جاءت نتيجة ضغوط وممارسات حوثية قمعية وتعسفية.
وتحدث المصدر عن البعض من انتهاكات الميليشيات بحق الشركة طيلة فترات ماضية منها الاستقطاعات المفروضة التي تدفعها بشكل مستمر للجماعة وإتاوات وجبايات تحت مسميات مختلفة، إلى جانب إلزامها في كل مرة بفرض تبرعات على المشتركين في خدماتها لصالحها.
وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن شركة «إم تي إن» سبق لها قبل فترة أن سلمت نحو 26 مليون دولار للانقلابيين كرسوم تجديد رخصة لعام 2020 - 2021 للعمل في أنحاء الجمهورية كافة، بما في ذلك مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وفي حين ناشد ناشطون ومشتركون في خدمات الشركة الجهات الحكومية بالعمل على وقف بيع فرع الشركة للميليشيات الحوثية، قالوا، إن حدوث ذلك الأمر سيترتب عليه زيادة دخل الجماعة الذي يذهب في الأخير لصالح استمرار جرائمها وعملياتها العسكرية، كما سيترتب عليه أيضا تشديد الرقابة الحوثية على عملية الاتصالات وزيادة الجماعة لجباياتها وعمليات النصب على العملاء تحت مسميات دعم الفعاليات الطائفية والجبهات القتالية.
يشار إلى أن الجماعة سبق أن ارتكبت جملة من الاعتداءات والتعسفات بحق شركات تعمل في قطاع الاتصالات، منها شركة «سبافون» أول مشغل للهاتف النقال في اليمن، والتي تسببت في نهاية المطاف إلى إعلان الشركة أواخر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي إعلان نقل مقرها الرئيسي إلى عدن، استجابة لدعوة الحكومة الشرعية لنقل شبكات قطاع الاتصالات إلى العاصمة المؤقتة.
وقالت «سبافون»، حينها عبر بيان صادر عنها، إنها «دشنت خدماتها الآمنة للاتصالات بالهاتف النقال في المناطق المحررة عبر شبكة اتصالات مستقلة عن سيطرة وتحكم الميليشيات في صنعاء، وتستهل انطلاقتها بالخدمات الأساسية، مع استمرار طاقمها في الأعمال الحثيثة مع وزارة الاتصالات لاستكمال تشغيل بقية الخدمات، وصولاً إلى تقنية الجيلين الرابع والخامس».
وفي سياق ما تعرّض له ذلك القطاع النشط بمناطق سيطرة الحوثيين من عمليات ابتزاز وتضييق ممنهجة طيلة سنوات الانقلاب الماضية، سبق للميليشيات أن أعلنت في مارس (آذار) من العام الماضي عن إفلاس شركة «واي» المشغل الرابع للهاتف النقال في اليمن، في خطوة وصفت من قبل اقتصاديين، بأنها تهدف إلى تمكين نافذين حوثيين من استكمال الاستحواذ والسيطرة عليها.
ونشرت محكمة حوثية في صنعاء إعلاناً عن إفلاس شركة «واي»، وزعمت أن الإفلاس جاء بناءً على تأخر الشركة عن سداد ديونها التجارية لـ«شركة لينك أن تايم المحدودة» و«شركة مينا فاز المحدودة» في ضوء رفع الشركتين دعوى ضد «واي» أمام المحكمة.
كما سبق أن صادرت الجماعة ما يزيد على 17 مليار ريال يمني من شركة «واي»، كما فرضت عليها ضرائب وجبايات غير قانونية وغرامات باهظة، كما صادرت أسهم شخصيات مناهضة للحوثيين في الشركة. (الدولار يقدر بنحو 600 ريال يمني).
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، تحول قطاع الاتصالات بشكل عام وشركات الهاتف النقال والجهات التابعة لها على وجه الخصوص، إلى موارد مالية رئيسية لتمويل حرب الجماعة ضد اليمنيين.
وبحسب تقارير اقتصادية، يبلغ حجم الثروة التي جمعتها الميليشيات من موارد القطاع العام، بما فيه الاتصالات نحو 14 مليار دولار، منها ما تستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
وأشارت تقديرات أخرى لعاملين في قطاع الاتصالات بصنعاء كانوا قد تحدثوا بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عوائد الجماعة من قطاع الاتصالات بلغت خلال 2018 فقط، نحو 280 مليون دولار، ما يساوي 162.4 مليار ريال، مسجلة زيادة على السنوات السابقة بعد إضافة الميليشيات ضرائب جديدة؛ منها معلنة وأخرى سرية.
وكان أحدث تقرير للجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي أشار إلى أن قطاع الاتصالات الخاضع للميليشيات يدر على الجماعة الانقلابية ملايين الدولارات إلى جانب قطاعي تجارة النفط وصناعة التبغ وغيرها من القطاعات الأخرى.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.