اشتباك عون ـ بري يتسع إلى محازبيهما على خلفية الأزمة الحكومية

سفيرة فرنسا تلتقي باسيل... و«حزب الله» يدعو لـ«تنازلات متبادلة»

TT

اشتباك عون ـ بري يتسع إلى محازبيهما على خلفية الأزمة الحكومية

انتقل الاشتباك بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب إلى القيادات الحزبية في «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» التي تبادلت الاتهامات التي اتخذ بعضها الجانب الطائفي، وأظهرت تأزماً إضافياً جراء توتر العلاقة بين الرئيس ميشال عون من جهة، ورئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ثانية.
ولم يحصل أي خرق أساسي على مستوى الجهود المبذولة لحل معضلة تشكيل الحكومة العالقة منذ تكليف الحريري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رغم الدعوات لـ«تنازلات متبادلة» والتنبيه من أن «التصلب سيؤدي إلى تعطيل الحلول» بحسب ما جاء في بيان كتلة «حزب الله» النيابية (الوفاء للمقاومة).
وظهرت مؤشرات على محاولات لتطويق التأزم، حين زارت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وجرى عرض للملف الحكومي انطلاقا من الرؤية المشتركة لأولوية التأليف، وفي ضوء العراقيل التي لا تزال تعترض التشكيل.
وفيما لم تظهر ملامح تدخل معلن من أطراف داخلية لتطويق الاشتباكات، يسعى «حزب الله» في ظل التأزم الأخير، إلى «التهدئة» تمهيداً لإعادة الأمور إلى طبيعتها، على اعتبار أن الطرفين، بري و«الوطني الحر»، هما حليفان له. وتقول مصادر مقربة من الحزب إن مفتاح الحل لكل الأزمات هو تشكيل الحكومة، لافتة إلى أنه «في حال لم يتم تشكيل حكومة، فإن التأزم من هذا النوع سيبقى قائماً، لذلك من الضروري أن تجري تهدئة ويذهب الجميع إلى تشكيل حكومة».
وتحظى مبادرة بري بدعم عدة أطراف بينها تيار «المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الله» الذي سيبقى مؤيداً للمبادرة طالما أن بري متمسك بها «كونه لا مبادرات أخرى قائمة لحل المعضلة الحكومية».
وقالت كتلة الحزب النيابية أمس بعد اجتماعها الدوري، إن تشكيل الحكومة في لبنان «يبقى هو التدبير الأول الذي يتوقف عليه تقرير الحلول والإجراءات التي من شأنها وقف التردي المتدحرج والشروع في الخطوات اللازمة لتحسين أوضاع البلاد في مختلف المناحي والمجالات». وأكدت أن «التنازلات المتبادلة ضرورة حاكمة على الجميع، وليست منقصةً لأحد، في حين أن التصلب سيؤدي إلى تعطيل الحلول وتعقيد المعالجات، وإضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين».
وشددت على أنه «مهما بلغت التعقيدات فإن الجهود والمساعي التي ينبغي أن يواصلها المسؤولون أثناء الأزمات، من شأنها أن تبعث على الأمل في نفوس المواطنين لأنها توسع مساحة التلاقي بين الأطراف والفرقاء، ولأن البلد بحاجة إلى مزيد من الحوار والتفاهم الإيجابي بين أبنائه لحفظ مصالح البلاد العليا ولقطع الطرق أمام الانتهازيين والمثيرين للعصبيات ومنعهم من إسقاط ثوابت الوفاق الوطني».
وفي ظل التأزم، انفجرت الاتهامات بين مسؤولي «الوطني الحر» و«أمل» على خلفية التأزم بين الرئاستين أول من أمس. ورأى عضو كتلة «لبنان القوي» النائب سليم عون أن «جوهر الأشكال هو في رفض الأطراف تسمية الرئيس لوزير واحد في الحكومة»، وسأل: «من يسمي الوزراء المسيحيين في ظل عدم مشاركة التيار والقوات والكتائب؟ وأي قوة مسيحية تقبل التحدي الذي يتعرض له رئيس الجمهورية؟» وقال إن «البعض ينكر على الرئيس عون صلاحياته ويريدونه «باش كاتب» مهمته محصورة بتوقيع التشكيلة التي يعرضونها عليه».
وجاء الرد من نواب «أمل» على فريق عون، إذ رأى النائب علي خريس في تصريح أن «من يحاول أن يرشق الرئيس بري بسهام الكذب والخداع وتعمية الحقائق والتلطي وراء بيان من هنا وتصريح من هناك، للسير قدماً في عرقلة تشكيل الحكومة التي ستعالج الأزمات التي يعيشها البلد لتحقيق مصالح طائفية ومذهبية، لا يخدم المسيحيين ولا المسلمين ولا سائر أبناء الوطن». وأشار إلى أن مواقف القيادات السياسية في «التيار الوطني الحر» لن تثمر إلا الخراب ولا تبني أوطانا ولا تحمي طوائف أو شعوبا».
بدوره، قال رئيس الهيئة التنفيذية لحركة «أمل» مصطفى الفوعاني: «الرئيس بري مصر على متابعة مبادرته الإنقاذية وهو لا ينحاز إلا إلى وطن يعمد البعض منذ مدة إلى محاولة زعزعته وفدرلته بشعارات طائفية وهي كلام باطل يراد به باطل... وهم لم يتعظوا أن حربهم الدنكشوتية بالماضي والحاضر جرت الويلات وهدمت جسور التواصل».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».