إسرائيل ترد في غزة... وتبلغ مصر أنها {لا تريد تصعيداً}

أبقت معبر كرم أبو سالم مغلقاً عقاباً لـ«حماس»

البحث عن أحياء أو ضحايا وسط بناء دمرته غارة إسرائيلية على غزة فجر الأربعاء (أ.ف.ب)
البحث عن أحياء أو ضحايا وسط بناء دمرته غارة إسرائيلية على غزة فجر الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل ترد في غزة... وتبلغ مصر أنها {لا تريد تصعيداً}

البحث عن أحياء أو ضحايا وسط بناء دمرته غارة إسرائيلية على غزة فجر الأربعاء (أ.ف.ب)
البحث عن أحياء أو ضحايا وسط بناء دمرته غارة إسرائيلية على غزة فجر الأربعاء (أ.ف.ب)

ردت إسرائيل على إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة بغارات جوية على أهداف تابعة لحركة حماس، في تطور يؤكد اعتماد إسرائيل سياسة جديدة تجاه القطاع قائمة على تغيير المعادلة في التعامل مع أي تصعيد، وهو قرار اتخذته إسرائيل بعد حرب الـ11 يوماً التي اندلعت الشهر الماضي، وتضمن رفع مستوى النار رداً على أي «خرق» للتهدئة، واستخدام سياسة عقابية شملت إبقاء معبر كرم أبو سالم التجاري مغلقاً حتى الآن.
وأغارت الطائرات الإسرائيلية، فجر الأربعاء، على أهداف تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، في أول هجوم للجيش الإسرائيلي بعد تسلم نفتالي بينيت رئاسة الحكومة قبل أيام قليلة، والأول أيضاً منذ دخول وقف إطلاق النار في 21 الشهر الماضي حيز التنفيذ. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن «مقاتلات حربية هاجمت مواقع عسكرية لحركة حماس استخدمت كمعسكرات، ومواقع اجتماع لنشطاء الحركة في ألوية خان يونس وغزة، في هذه المواقع التي تمت مهاجمتها نفذت نشاطات إرهابية»، مضيفاً أن «الهجوم نفذ رداً على إطلاق البالونات الحارقة تجاه الأراضي الإسرائيلية». وتابع أن «الجيش الإسرائيلي مستعد لكل السيناريوهات من بينها استئناف القتال في مواجهة النشاطات الإرهابية من قطاع غزة».
وكان نشطاء أطلقوا، الأربعاء، مجموعة من البالونات الحارقة من قطاع غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية القريبة من غزة، رداً على مسيرة المستوطنين المستفزة في القدس. وقالت السلطات الإسرائيلية إن 26 حريقاً اشتعلت في المناطق الإسرائيلية في غلاف غزة، بينها 15 حريقاً في غابة واحدة، كما انفجر بالون يحمل متفجرات فوق كيبوتس يتبع المجلس الإقليمي «شعار هنيغف»، وتم سماع صوت انفجار مرتفع في المنطقة.
واختيار حماس للبالونات الحارقة إلى جانب مظاهرات ليلية، وهي أدوات شعبية، ورد إسرائيل الذي لم يوقع أي إصابات في غزة، مؤشر قوي حول نية الطرفين عدم التصعيد أو الانجرار إلى مواجهة جديدة. وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، أن إسرائيل أرسلت للجانب المصري بعد قصف غزة رسالة مفادها أنها غير معنية بالتصعيد ومهتمة بالعملية التي بدأت خلال الأسابيع الأخيرة حول غزة.
وأكدت إسرائيل أنه إذا كانت «حماس» ستواصل إطلاق البالونات فهذا سيضر بالقدرة على دفع المحادثات بشأن تهدئة طويلة مع غزة. ونقلت إسرائيل نفس الرسالة إلى الإدارة الأميركية بعد أن عبرت عن قلقها من التصعيد الأخير. وردت «حماس» بوصفها «قصف الاحتلال لقطاع غزة، فجراً بمحاولة فاشلة لوقف تضامن الشعب الفلسطيني ومقاومته مع المدينة المقدسة».
وقال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة، في تصريح مقتضب، إن «الاحتلال هدف للتغطية على حالة الإرباك غير المسبوقة للمؤسسة الإسرائيلية في تنظيم ما يسمى مسيرة الأعلام». وتابع: «سيظل شعبنا ومقاومته الباسلة يدافعون عن حقوقنا ومقدساتنا حتى طرد المحتل من كامل أرضنا».
وفيما قصفت إسرائيل غزة، أبقت معبر كرم أبو سالم التجاري مغلقاً، ما فاقم من تردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع الصغير المحاصر.
وأغلقت إسرائيل المعبر في العاشر من الشهر الماضي، مع بدء جولة القتال في غزة وأبقته مغلقاً حتى بعد انتهاء الحرب، بخلاف المرات السابقة التي كانت تسمح فيها بإدخال تسهيلات، تشمل فتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد البحري وزيادة عدد التصاريح وحجم البضائع... إلخ.
ومعبر كرم أبو سالم هو المعبر التجاري الوحيد في قطاع غزة، ويتم من خلاله إدخال جميع احتياجات القطاع.
ووجه تجار ومزارعو قطاع غزة، أمس، مناشدة عاجلة إلى المؤسسات الحقوقية والدولية وكل الجهات المعنية، من أجل الضغط على الاحتلال لفتح معبر كرم أبو سالم أمام تسويق وتصدير المنتجات من غزة للضفة الغربية والخارج. وكانت وزارة الزراعة بغزة، قد حذرت، الثلاثاء، من أن السلة الغذائية لسكان قطاع غزة تقترب من حافة الخطر، نتيجة تكبد المزارعين خسائر فادحة وعزوفهم عن الزراعة، بسبب إغلاق الاحتلال معبر كرم أبو سالم في وجه الصادرات الزراعية. وأوضحت الوزارة أن قيمة الخسائر التي لحقت بقطاع الصادرات الزراعية والأسماك، بلغت نحو 12مليون دولار، مؤكدة أن إطالة أمد الإغلاق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، سوف يضاعف من خسائر المزارعين والتجار الفلسطينيين.
وقطاع الزراعة واحد من بين قطاعات أخرى كثيرة تضررت. وأدى الإغلاق إلى حرمان قطاع غزة من دخول نحو 6500 شاحنة إلى غزة، بالإضافة إلى عدم تمكن ما يزيد على 300 شاحنة من الخروج إلى أسواق الضفة الغربية والأسواق الخارجية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.