أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أمس الثلاثاء نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الأسبوع الماضي، مشيرة إلى تصدر جبهة التحرير الوطني نتائج الاقتراع رغم تراجع عدد مقاعدها في البرلمان المنتهية ولايته.
وحلت جبهة التحرير أولى مع 105 مقاعد من أصل 407 تلاها المستقلون بـ 78 مقعداً، على ما أوضح رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات محمد شرفي خلال مؤتمر صحافي.
وحدث في هذه الانتخابات، كما يبدو، سيناريو يناقض تماماً ما كان يصبو إليه الشارع، عندما انتفض قبل أكثر من عامين. ذلك أن النتائج أفرزت فوز أحزاب «التحالف الرئاسي»، التي شكلت دعامة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في بداية حكمه، وهي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة مجتمع السلم».
وبحسب نتائج الانتخابات، فقد حصلت «جبهة التحرير» على نحو 105 مقاعد، وعاد لـ«التجمع الديمقراطي» 50 مقعداً، ونفس العدد تقريباً لـ«مجتمع السلم». وتعتبر الحصة الكبيرة لـ«حزبي السلطة» في البرلمان الجديد، أسوأ ما كان يتوقعه كثيرون من الجزائريين الذين تطلعوا عبر حراكهم، الذي اندلع في 22 فبراير (شباط) 2019، إلى قطيعة تامة مع الفساد الذي يمثله في نظرهم هذان الحزبان، وخصوصاً «جبهة التحرير»، التي تصدر رجالها السلطة منذ 59 سنة، وثار ضدهم الشارع في انتفاضة الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 1988 الشهيرة، ودخلت البلاد بعدها عهد الانفتاح والحريات والديمقراطية. غير أنه بعد مرور 33 سنة، لا شيء من ذلك تحقق، وعادت البلاد إلى المربع الأول، في نظر الكثيرين.
وصرح جيلالي سفيان، رئيس حزب «جيل جديد»، معرباً عن خيبته بحصوله على مقعد واحد، بأن «الدعوة إلى مقاطعة الحراك تسببت في سيطرة أحزاب الفساد على البرلمان». مبرزاً أن امتناع أكثر من 70 في المائة عن التصويت، حسب أرقام هيئة مراقبة الانتخابات، صب في مصلحة «جبهة التحرير» و«التجمع»، على أساس أن الكتلة الناخبة الكلاسيكية التي تعودت على التصويت لهما قادتهما من جديد إلى الريادة في الاستحقاق، في غياب أصوات المعارضين لهما.
وبنهاية العام الجاري، سيختتم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون «مسار الجزائر الجديدة» بتنظيم الانتخابات البلدية والولائية، حسبما تعهد به السبت الماضي بمناسبة انتخابات البرلمان. وبذلك سيخوض من جديد مغامرة، تتمثل في «الامتناع عن المشاركة» أو «المقاطعة الشعبية»، التي ميزت ثلاثة مواعيد انتخابية خلال عامين.
ووعد تبون عندما تسلم الحكم في ديسمبر (كانون الأول) 2019، بـ«تلبية كل مطالب الحراك الشعبي». وعلى هذا الأساس عدل الدستور في استفتاء جرى العام الماضي، تضمن تعديلات تخص السلطة التنفيذية والبرلمان، لكنها لم تكن مقنعة للمتظاهرين الذين رفضوا بشدة الدستور الجديد. ثم حلّ بعد ذلك «المجلس الشعبي الوطني» في مارس (آذار) الماضي معلناً عن انتخابات تشريعية مبكرة، وقال إن المسعى يعد استجابة لمطالب الحراك، بحجة أن المتظاهرين انتقدوا «برلمان بوتفليقة وليد الفساد»، لكن الحراك رفض بشدة أيضاً هذا المسعى.
وفي الاستحقاقات الثلاثة، كانت نسبة التصويت ضعيفة، وأقل من طموحات تبون الذي راهن على تأييد شعبي كبير لـ«مشروع الجزائر الجديدة»، الذي ينقل البلاد، حسبه، من حالة سوء التسيير وتبذير المال العام والفساد، و«سيطرة قوى غير دستورية على السلطة»، بحكم ضعف الرئيس السابق بسبب المرض، إلى دولة القانون، والتداول على السلطة عن طريق انتخابات نزيهة، وحرية التعبير والتظاهر في الشارع.
غير أن المعدلات الضعيفة للتصويت في الانتخابات أكدت عدم تجاوب الجزائريين مع أجندة الرئيس، ولا يبدو في الأفق أن هذا الموقف سيتغير في الانتخابات المحلية المرتقبة.
الجزائر: {جبهة التحرير} تتصدر نتائج الانتخابات
الجزائر: {جبهة التحرير} تتصدر نتائج الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة