وزراء الخارجية العرب للتضامن مع مصر والسودان في قضية السد الإثيوبي

عشية اجتماع «غير عادي» بالدوحة

«سد النهضة» قبل مرحلة الملء الثاني في يوليو المقبل (رويترز)
«سد النهضة» قبل مرحلة الملء الثاني في يوليو المقبل (رويترز)
TT

وزراء الخارجية العرب للتضامن مع مصر والسودان في قضية السد الإثيوبي

«سد النهضة» قبل مرحلة الملء الثاني في يوليو المقبل (رويترز)
«سد النهضة» قبل مرحلة الملء الثاني في يوليو المقبل (رويترز)

يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً «غير عادي»، اليوم (الثلاثاء) في قطر، لبحث آخر تطورات قضية «سد النهضة»، مع تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا. وعشية الاجتماع، أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري، «أهمية التضامن العربي» في القضية، التي تصفها بـ«الوجودية».
يعقد الاجتماع بناء على طلب من مصر والسودان، على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب المقرر عقده في الدوحة، وفق السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.
والتقى شكري، أمس، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مُستهل زيارته إلى الدوحة. وبحسب بيان للخارجية المصرية، فإن اللقاء بحث «سبل التعاطي مع التدخلات الخارجية الضارة بالأمن القومي العربي، وكذلك أهمية التأكيد على التضامن العربي مع مصر والسودان خلال الدورة غير العادية للمجلس الوزاري المقرر انعقادها حول القضية». ووصل مسار المفاوضات بين الدول الثلاث إلى طريق مسدودة، فيما تُصر إثيوبيا من عملية الملء الثاني لبحيرة سد النهضة في يوليو (تموز) المقبل، في إجراء عدته مصر «سعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب، ومخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي».
ووجهت مصر رسالة جديدة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تندد فيها بخطة أديس أبابا للمضي قدماً من جانب واحد في الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي في يوليو المقبل، وهي الخطوة التي من المتوقع أن تؤثر سلباً وتشكل خطورة على الأمن المائي في دولتي المصب مصر والسودان. وكثفت الدبلوماسية المصرية المحادثات مع الإدارة الأميركية من جانب، ومع مجلس الأمن والأمم المتحدة من جانب آخر في محاولة لدفع الجهود الدولية للتوصل إلى تسوية ملزمة لكل الأطراف.
وفي رسالة وجهها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، استعرض شكري أحدث تطورات الخلاف ورفض مصر لما أعلنته إثيوبيا من المضي قدماً في ملء السد خلال موسم الفيضان الحالي، وأشار إلى المفاوضات التي استمرت أكثر من عشر سنوات وكيف أدى تعنت أديس أبابا إلى عرقلة المفاوضات بالوساطة الأميركية، ثم المفاوضات الأخيرة بوساطة الاتحاد الأفريقي. وأرفقت مصر بالرسالة بيانات الاتفاقات السابقة حول النزاع واتفاق المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث عام 2015، وقالت الرسالة إن محادثات الاتحاد الأفريقية تعثرت بسبب سياسة إثيوبيا القائمة على اتخاذ قرارات أحادية والتصلب في اتخاذ مواقف متشددة غير بناءة. وتتخوف مصر والسودان من تأثير السد على إمداداتهما من المياه. وتبلغ حصة مصر السنوية 55.5 مليار متر مكعب، تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة في سد احتياجاتها المائية، فيما يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب. ويرى السفير زكي أن مصر والسودان بحاجة إلى دعم سياسي من قبل الدول العربية، في القضية، مشيراً إلى أن «الحصول على الدعم في هذه الأزمات هو دعم مقدر ومهم، سواء من الدول العربية، أو أي دول أخرى تربطها بها علاقات طيبة»، مشدداً في تصريحات تلفزيونية أول من أمس، على أن «الجانب الإثيوبي ماضٍ في تعنته وفي أسلوبه». وكانت مصر والسودان، دعت في بيان مشترك يوم الأربعاء الماضي، إلى «تدخل نشط من قبل المجتمع الدولي لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا في انتهاج سياستها القائمة على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب»، وأعرب مسؤولو البلدان عن قلقهم من «الآثار والأضرار المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي ودون اتفاق ملزم قانوناً ينظم عمل هذا السد الضخم على حقوق السودان ومصر ومصالحهما المائية». ويعد السد الإثيوبي، البالغة تكلفته أكثر من 4 مليارات دولار، أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، تطمح من خلاله أديس أبابا إلى استغلاله في مشروعات التنمية. من جهة أخرى، وصف محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية المصري، مشروعات التعاون الثنائي، في مجال الموارد المائية بين مصر وجنوب السودان، بأنها «نموذج ناجح» للتعاون بين مصر وأشقائها الأفارقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».