سوريا «حاضرة» في الاجتماعات الثنائية على هامش قمة «الناتو»

تركيا تحشد دول الحلف ضد المقاتلين الأكراد

مقاتلة كردية قرب مظاهرة ضد تركيا بالقامشلي شمال شرقي سوريا في الـ10 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
مقاتلة كردية قرب مظاهرة ضد تركيا بالقامشلي شمال شرقي سوريا في الـ10 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

سوريا «حاضرة» في الاجتماعات الثنائية على هامش قمة «الناتو»

مقاتلة كردية قرب مظاهرة ضد تركيا بالقامشلي شمال شرقي سوريا في الـ10 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
مقاتلة كردية قرب مظاهرة ضد تركيا بالقامشلي شمال شرقي سوريا في الـ10 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)

حضر الملف السوري في الاجتماعات الثنائية بين قادة عدد من الدول، خصوصاً الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظراءه، على هامش قمة «حلف شمال الأطلسي» في بروكسل، أمس (الاثنين)، قبل القمة الأوروبية - الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، وتوجه الرئيس جو بايدن للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف، غداً (الأربعاء).
وقال إردوغان إن بلاده لم تحصل على الدعم المنشود من حلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حربها ضد «التنظيمات الإرهابية». وأوضح الرئيس التركي، في رسالة مصورة إلى جلسة باسم «المساهمة في الاستقرار» في منتدى بروكسل الذي يعقد على هامش قمة الناتو التي انطلقت أمس في بروكسل: «لم نحصل على الدعم والتضامن المنشود من حلفائنا وشركائنا في حربنا ضد جميع أشكال الإرهاب».
وأضاف إردوغان أن تركيا تساهم في جميع المبادرات الرامية لتحقيق الاستقرار، من سوريا والعراق إلى أفغانستان، ومن القوقاز إلى البلقان، ومن البحر الأسود إلى المتوسط. وأشار إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة داخل الناتو التي حاربت تنظيم داعش وجهاً لوجه في سوريا، وحيدت نحو 4 آلاف من عناصره الإرهابية، وفقدت كثيراً من جنودها في الحرب ضده.
وتابع إردوغان، في انتقاد مبطن للدعم الأميركي لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) و«حزب العمال الكردستاني»: «رأينا كيف يتم التعامل مع قياديي (التنظيمات الإرهابية) الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء في سوريا والعراق وتركيا على أنهم شرعيون».
وعقد إردوغان، خلال أعمال قمة الناتو، لقاءات مع عدد من قادة دول الحلف، حيث التقى كلاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. وجرى خلال هذه اللقاءات التركيز على الملف السوري، إلى جانب القضايا المشتركة بين تركيا والناتو في كل من ليبيا وأفغانستان والقوقاز وشرق البحر المتوسط وقبرص.
وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه ونظيره التركي رجب طيب إردوغان ناقشا الحاجة إلى العمل معاً للتصدي للمشكلات في سوريا وليبيا. وأضاف المكتب، في حسابه الرسمي على «تويتر»: «أجرى ماكرون محادثة طويلة وجهاً لوجه مع الرئيس إردوغان للمضي قدماً بكل وضوح واحترام».
كان إردوغان قد قال، عشية قمة الناتو، إن بلاده «تحمي حدود الحلف عبر حماية حدودها»، مشيراً إلى أنه يتطلع إلى «نهج أميركي يعزز اتحاد الناتو وتضامنه». ورأى أن تركيا «تحملت وتتحمل مسؤوليات بالغة الأهمية، بصفتها حليفاً موثوقاً، في مواجهة التحديات التي تعترض الناتو، وتكافح الإرهاب، وتتعرض في الوقت ذاته لضغوط هجرة غير نظامية كثيفة».
وتسعى تركيا إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا. والأسبوع الماضي، قال وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو: «إننا نرى رغبة أميركية في التعاون في الملف السوري، بعد أن تراجع الاهتمام الأميركي به وانحصر فقط في شمال شرقي سوريا». كما اتهمت أنقرة الناتو بعدم الوفاء بتعهداته بشأن إقامة منطقة آمنة للاجئين في شمال سوريا، على الرغم من تقديمها مشروعاً لإنشاء هذه المنطقة، والقيام بما يتعين عليها في هذا الشأن.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية التركية، أمس، القبض على 13 شخصاً في شمال سوريا بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش الإرهابي.
وانتقد إردوغان حلفاء أميركا، واتهمهم بالوقوف وراء الهجوم على مستشفى في عفرين خاضع لسيطرة فصائل تابعة لأنقرة في ريف حلب، وقال: «سنحاسب هؤلاء الأوغاد على كل قطرة دم أراقوها، فهم قتلوا الأبرياء في بلدنا والمدنيين في سوريا وأشقاءنا الأكراد في العراق». وأفادت وزارة الدفاع التركية، أمس، بتعرض مدينة عفرين (الواقعة في شمال سوريا الخاضعة لسيطرة تركيا)، السبت، لهجوم صاروخي على يد قوات كردية، طال مستشفى وأسفر عن مقتل 13 شخصاً على الأقل.
وسيكون ملف نشر صواريخ «إس - 400» الروسية في تركيا ضمن نقاط النقاش مع الدول الغربية والأعضاء في «ناتو». وأعرب وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عن استعداد بلاده لتبديد «القلق الفني» لدى حلفائها بخصوص منظومة «إس - 400»، مؤكداً أن «الحلول المعقولة المنطقية ممكنة دائماً».
وذكر الوزير التركي أنه أجرى محادثة هاتفية مع وزير الدفاع الأميركي، لويد جيمس أوستن، وصفها بأنها كانت «صريحة بناءة إيجابية». وأضاف أكار أنه «على الرغم من أن حلفاءنا في الناتو قاتلوا بحزم ضد المنظمات الإرهابية في أجزاء كثيرة من العالم، فإنهم للأسف لم يظهروا الموقف الحازم نفسه ضد منظمة بي كي كي (حزب العمال) وي بي كي (الوحدات الكردية) الإرهابية».
وشدد على أن تركيا وجهت كثيراً من الدعوات إلى حلفائها للقتال معاً ضد أنشطة منظمة «بي كي كي» و«بي بي كي» الإرهابيتين، وتنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا، التي تهدد أمنها القومي واستقرارها الإقليمي. وأوضح: «لقد اقترحنا مراراً وتكراراً على حلفائنا في الناتو إنشاء منطقة آمنة في سوريا، واتفقنا معاً على بعض الخطط. ومع ذلك، لم يتم الوفاء بمتطلبات هذه الاتفاقيات، وتُركت تركيا وحدها في مكافحة الإرهاب».
وأكد أن تركيا هي «دولة الناتو التي تحملت العبء الأكبر لتخفيف معاناة الشعب السوري، والقوات المسلحة التركية هي جيش الناتو الوحيد الذي قاتل ضد (داعش) وجهاً لوجه». وأشار أكار إلى أن تركيا تستضيف 4 ملايين لاجئ سوري من مختلف الأعراق والأديان والمذاهب، بالإضافة إلى دعمها لخمسة ملايين نازح في شمال سوريا، ليتمكنوا من العيش في ظروف إنسانية.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».