«عقبات» المسار السياسي تهدد بإلغاء الانتخابات الليبية

من اجتماعات «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في جنيف في فبراير الماضي (البعثة الأممية)
من اجتماعات «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في جنيف في فبراير الماضي (البعثة الأممية)
TT

«عقبات» المسار السياسي تهدد بإلغاء الانتخابات الليبية

من اجتماعات «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في جنيف في فبراير الماضي (البعثة الأممية)
من اجتماعات «ملتقى الحوار السياسي» الليبي في جنيف في فبراير الماضي (البعثة الأممية)

تقترب ليبيا من موعد الاستحقاق الانتخابي، المحدد قبل نهاية العام الجاري، في ظل عدم تمرير الميزانية العامة للدولة، واختلافات حول آلية توزيع «المناصب السيادية»، إضافة إلى انقسام المشاركين في «ملتقى الحوار السياسي» حول إنجاز «القاعدة الدستورية» للانتخابات، وتشعب الآراء، بشأن إمكانية إجراء انتخابات دون وجود دستور للبلاد من عدمه.
واقترح 91 عضواً بالمجلس الأعلى للدولة، في بيان، أن يتم اعتماد مشروع الدستور، الذي انتهت هيئته التأسيسية من إقراره قبل أربعة أعوام، كـ«دستور مؤقت للبلاد لدورة رئاسية ونيابية واحدة، على أن يباشر مجلس الشورى المقبل النظر في تعديلاته الضرورية واللازمة، بعد سنتين من انطلاق أعماله»، مرجعين هذه الخطوة لـ«ضيق الوقت وهشاشة الوضع الأمني خاصة، والمؤسساتي عامة، وحداثة أجواء التصالح»، ومشيرين إلى «احتمال تعذر إجراء استحقاق الاستفتاء على مشروع الدستور في وقت مبكر من هذا العام، وقبل موعد الانتخابات».
كما أوضح الأعضاء الموقعون على البيان أنه «سيكون من صلاحيات مجلس الشورى أيضاً إقرار مشروع الدستور، وعرضه معدلاً للاستفتاء الشعبي في أجل أقصاه منتصف السنة الرابعة والأخيرة من ولايته، وتُلغى كل الوثائق الدستورية السابقة». ورأوا أن هذا الاقتراح يأتي «إدراكاً لخطورة المرحلة، وعظم التحديات التي تواجه الشعب الليبي في هذه الفترة الحرجة».
في هذا السياق، قال مسؤول سياسي بحكومة «الوحدة الوطنية»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في حال استمرار التجاذبات بين الأطراف الليبية على هذا النحو، فإنه لن تكون هناك انتخابات هذا العام»، مشدداً على أن «الوضع يفرض على الجميع التخلي عن عنادهم، والتوافق حول ضرورة إجراء الانتخابات بعيداً عن التحزبات».
وجاءت دعوة أعضاء مجلس الدولة بالاعتماد على مشروع الدستور مؤقتاً لإنقاذ الوقت، عقب تبني 51 من نواب البرلمان الدعوة ذاتها، من بينهم فوزي النويري النائب الأول لرئيس المجلس، مشيرين إلى إمكانية الاعتماد على هذا المشروع كدستور مؤقت لدورة رئاسية ونيابية واحدة، على أن يباشر مجلس الشورى المقبل صلاحياته بالنظر في التعديلات الضرورية على المشروع، بعد سنتين من انطلاق أعماله.
وتمسك خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، وجبهته بضرورة الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً قبل انتخابات الرئاسة، متهماً المفوضية العليا للانتخابات بـ«التلكؤ» في إجرائه.
وعلاوة على أزمة الدستور والاستفتاء عليه من عدمه، لا يزال الخلاف قائماً بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب حول آلية انتخاب الشخصيات التي ستشغل المناصب السيادية في ليبيا. وأعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة أن لجنة فرز وقبول ملفات المترشحين للمناصب القيادية بالوظائف السيادية فتحت باب قبول الترشح لشغل هذه المناصب المنصوص عليها في الاتفاق الموقع في مدينة بوزنيقة المغربية، مبرزا أن اللجنة، التي بدأت عملها الأربعاء الماضي، تعمل وفق اتفاق «بوزنيقة 1» بالمغرب، وستتسلم رغبات المترشحين بمقر ديوان منطقة زناتة بالعاصمة طرابلس.
غير أن «تكتل فزان النيابي» اقترح انتخاب لجنتين من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للبت في هذه المناصب السيادية، يراعى في تشكيلهما البعد الجغرافي، ويناط بهما «وضع أسس المشاركة والتوزيع للمناصب، وآلية فرز ملفات المتقدمين، وتعرض نتائجها على مجلس النواب لإقرارها».
وقال التكتل إنه يتابع ما يتداول من «تصريحات متضاربة بشأن المناصب السيادية، لا تخدم المصلحة العامة، وتهدف فقط إلى خلط الأوراق لبقاء شاغلي هذه المناصب لأجل غير مسمى، ما يؤثر سلباً على الدولة الليبية، ويزيد من حالة الانقسام المؤسساتي، وإهدار المال العام، وتفشي الفساد في ظل غياب الأجهزة الرقابية والقضائية»، لافتاً إلى أنه رصد «عدة شكاوى بخصوص عمل لجنة فرز المتقدمين إلى المناصب السيادية، ومنها إقصاء متقدمين تنطبق عليهم المعايير المنصوص عليها في القوانين الليبية النافذة، لأسباب غير موضوعية».
كما تطرق التكتل النيابي إلى الجولات المتعددة لمسؤولي السلطة الجديدة بشأن الحوار حول المناصب السيادية، بقوله: «كنا نتمنى أن تتم التسوية فيها داخل أرض الوطن، لكن تم تدويل هذه الأزمة وأصبحت تدار بأيادٍ خارجية».
والمناصب السيادية السبعة هي النائب العام، وديوان المحاسبة، والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ومصرف ليبيا المركزي، والرقابة الإدارية والمحكمة العليا، وهيئة مكافحة الفساد.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».