الكونغرس الأميركي يقترب من إلغاء تفويض حرب العراق

TT

الكونغرس الأميركي يقترب من إلغاء تفويض حرب العراق

يقترب النواب الأميركيون من إلغاء «تفويض الحرب في العراق» الذي أقره الكونغرس في عام 2002، ويتوقع أن يصوت المجلس هذا الأسبوع على إلغاء التفويض بعد أن حشد الديمقراطيون الدعم له وأمنوا الأصوات اللازمة لإقرار مشروع إلغاء القانون.
وتحدث زعيم الأغلبية الديمقراطية ستيني هوير عن ضرورة حسم المسألة بعد جدل مستمر منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وقال: «الكونغرس أصدر هذا التفويض منذ 19 عاماً بهدف استخدام القوة العسكرية ضد نظام صدام حسين. وليس هناك حالياً أي حاجة لعمليات مشابهة في العراق وغيره». وتابع هوير مفسراً أن العمليات الحالية التي تنفذها الولايات المتحدة هي ضمن تفويض استعمال القوة العسكرية الذي أقره الكونغرس بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، ولا تقع ضمن التفويض الذي سيتم إلغاؤه من قبل مجلس النواب.
ويشدد المشرعون على أن إلغاء تفويض حرب العراق لا يعني سحب القوات الأميركية من هناك التي ستبقى هناك بموجب تفويض العام 2001.
ويسعى الديمقراطيون منذ فترة لإلغاء تفويض العام 2002 بحجة أنه قديم ولا يتجاوب مع التهديدات الحالية التي تواجهها الولايات المتحدة. ويعتبرون أن هناك حاجة للتصويت على تفويض جديد يمكن الولايات المتحدة من التصدي للتهديدات الحالية من الميليشيات المدعومة من إيران و«تنظيم داعش» و«القاعدة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.
وفيما يرفض بعض الجمهوريين إلغاء التفويض من دون استبداله مباشرة من خلال تفويض آخر، يذكر داعمو الإلغاء بأن الرئيس الأميركي لديه صلاحيات ضمن البند الثاني من الدستور يستطيع بموجبها شن ضربات عسكرية في حال وجود تهديد مباشر على أمن الولايات المتحدة القومي. وقد استعمل الرئيس الحالي جو بايدن هذا البند لدى شن ضربات عسكرية على مواقع لميليشيات إيرانية في سوريا، فيما اعتمد الرئيس السابق دونالد ترمب على تفويض الحرب في العراق لشن غارة أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وفي وقت يتوقع أن يقر مجلس النواب الإلغاء من دون عقبات تذكر، لا يزال مجلس الشيوخ يتخبط في قرار الإلغاء، ويتفاوض داعمو المشروع مع البيت الأبيض قبل البت في نسختهم من المشروع. ويشدد السيناتور الديمقراطي تيم كاين وهو من أبرز الوجوه الداعية للإلغاء في مجلس الشيوخ على أهمية الحصول على ضوء أخضر من البيت الأبيض للمباشرة قدماً بقرار إلغاء التفويض، وذلك لإقناع المترددين بأنهم لن يقيدوا يدي بايدن من خلال إقرار مشروع مهم بهذا الشكل. وأضاف كاين متحدثاً عن مفاوضاته مع البيت الأبيض فقال: «كنت أتحدث مع البيت الأبيض عن الموضوع، وأعتقد أن الإدارة ستعطي رأيها قريباً والأرجح أنها ستدعم إلغاء تفويضي عامي 1991 و2002 مع التشديد على أن هناك حاجة مستمرة لأنشطة عسكرية ضد المنظمات الإرهابية.».
ورغم أن كاين يدعم كذلك إلغاء تفويض العام 2001 لكنه سيتحفظ على هذا الطرح نظراً لغياب الدعم له من دون وجود طرح بديل.
يذكر أنه بالإضافة إلى تفويضي عامي 2001 و2002 فإن الكونغرس أقر أيضاً في عام 1991 تفويضاً مختلفاً سمح حينها للرئيس جورج بوش الأب باستعمال القوة العسكرية في العراق إثر غزو الكويت، وينوي الكونغرس إلغاء هذا التفويض في التصويت نفسه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.