تفجيران في مصر يسقطان قتيلين ويثيران مخاوف بشأن تطور الهجمات الإرهابية

مقتل 14 من عناصر بيت المقدس في قصف لـ«الأباتشي»

حضور أمني مكثف أمام دار القضاء العالي وسط القاهرة أمس بعد انفجار عبوة ناسفة أدت إلى سفوط قتيلين وإصابة 10 أشخاص بينهم 7 من قوات الأمن أمس (أ.ب)
حضور أمني مكثف أمام دار القضاء العالي وسط القاهرة أمس بعد انفجار عبوة ناسفة أدت إلى سفوط قتيلين وإصابة 10 أشخاص بينهم 7 من قوات الأمن أمس (أ.ب)
TT

تفجيران في مصر يسقطان قتيلين ويثيران مخاوف بشأن تطور الهجمات الإرهابية

حضور أمني مكثف أمام دار القضاء العالي وسط القاهرة أمس بعد انفجار عبوة ناسفة أدت إلى سفوط قتيلين وإصابة 10 أشخاص بينهم 7 من قوات الأمن أمس (أ.ب)
حضور أمني مكثف أمام دار القضاء العالي وسط القاهرة أمس بعد انفجار عبوة ناسفة أدت إلى سفوط قتيلين وإصابة 10 أشخاص بينهم 7 من قوات الأمن أمس (أ.ب)

قتل شخصان وأصيب 21 آخرون في انفجار عبوتين ناسفتين في العاصمة المصرية القاهرة، ومحافظة أسوان (أقصى جنوب البلاد)، وسط تنامي المخاوف من سقوط مزيد من الضحايا بعد أن تطورت الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الماضية، بحسب خبراء أمنيين، فيما واصل الجيش عملياته ضد عناصر تنظيم داعش في شمال سيناء، وقالت مصادر أمينة وعسكرية إن 14 من عناصر التنظيم المتشدد سقطوا خلال اليومين الماضيين في قصف لطائرات الأباتشي استهدف مواقعهم.
وانفجرت عبوة ناسفة أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة أمس، وقالت مصادر طبية وأمنية إن «الانفجار أسفر عن إصابة 10 أشخاص بينهم 7 من قوات الأمن».
وتعد منطقة وسط القاهرة أشد المناطق ازدحاما في العاصمة المصرية، كونها منطقة تسوق، وبها الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية. وفرضت قوات الأمن طوقا حول موقع التفجير، وباشرت عمليات التمشيط تحسبا لوجود عبوات ناسفة أخرى.
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، منتصف العام قبل الماضي، شهدت مدن مصرية عمليات إرهابية كبرى استهدفت قوات الجيش والشرطة، وإلى جانب تلك العمليات تنامت ظاهرة انتشار زرع عبوات هيكلية ومحدثات صوت طوال العام الماضي، من دون سقوط ضحايا، لكن خلال الأسابيع الماضية بات تأثير تلك العبوات أكبر في إحداث أضرار بمكان زرعها.
وقال رئيس نيابة الأزبكية المستشار محمد حتة إن النيابة قررت التحفظ على كاميرات المراقبة المتواجدة بدار القضاء العالي والمحلات المجاورة لها لتفريغها بمعرفة فنيين متخصصين من أجل كشف ملابسات الانفجار.
وأضاف حتة، في تصريحات صحافية، أن المعاينة المبدئية كشفت أن الانفجار ناتج عن عبوة بدائية الصنع تم زرعها في الحاجز الحديدي المواجه لبوابة دار القضاء العالي، وأسفر الانفجار عن تهشم سيارات مجاورة للعبوة.
وقال خالد عكاشة الخبير الأمني لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «العبوات بدائية الصنع التي انتشرت طوال الفترة الماضية، شهدت تغيرا نوعيا من حيث قدرتها، وأصبحت أكثر تأثيرا ما يعكس تطورا في حرفية صنعها واختلافا في المواقع المستهدفة».
وأشار عكاشة إلى أن التحدي الذي تواجهه السلطات الأمنية يتمثل في صعوبة اقتفاء أثر المجموعات الإرهابية الصغيرة التي تشكلت عشوائيا خلال الفترة الماضية، لافتا إلى أن المجموعات التي لقنت في أغلب الأحوال كيفية تصنيع القنابل وزرعها بشكل غير مباشر عن طريق شبكة الإنترنت، تمكنت على ما يبدو من تحصيل خبرة ومهارات متطورة.
وتابع عكاشة: «القوى الأمنية رصدت ملامح هذا التحول، وربما انعكس هذا في إعلان وزارة الداخلية خلال الأيام الماضية عن ضبط 16 خلية إرهابية في أسبوع واحد، وذلك عندما تكرر نمط ما يمكن للقوى الأمنية رصده عبر أجهزة جمع المعلومات، وهذا ما حدث بالفعل».
وقبل ساعات من التفجير الذي استهدف دار القضاء العالي، قالت مصادر أمنية محلية إن شخصين قتلا وأصيب 11 آخرون في انفجار قنبلة بمدينة أسوان أقصى جنوب البلاد مساء أول من أمس.
وأضافت المصادر أن الانفجار وقع خارج مسجد النصر المطل على كورنيش النيل بالمدينة السياحية وعلى بعد أمتار عن قسم للشرطة، مشيرة إلى أن قوات الحماية المدنية والأمن فرضت طوقا أمنيا حول مكان الانفجار.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن رئيس مباحث مديرية أمن أسوان، خالد الشاذلي، قوله إن الانفجار الذي شهدته مدينة أسوان «بدأ بقيام مجهولين بزرع عبوة ناسفة بجوار كابل للاتصالات على ناصية الشارع المؤدي إلى قسم شرطة أسوان أول، حيث استهدف دورية أمنية أثناء خروجها من القسم».
وفي غضون ذلك، قالت مصادر أمنية وعسكرية إن قوات الجيش شنت غارات استخدمت فيها طائرات الأباتشي وطائرات من دون طيار لقصف بؤرتين للتنظيم المتشدد في قريتي كرم القواديس، والتومة، جنوب الشيخ زويد، مما أسفر عن مقتل 14 إرهابيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم