«الإنقاذ» الدولية تدين الهجوم على مستشفى شمال سوريا

الجيش التركي يقصف أهدافاً في تل رفعت للوحدات الكردية

جانب من دمار مشفى الشفاء في عفرين شمال سوريا بعد قصف مدفعي مساء السبت (د.ب.أ)
جانب من دمار مشفى الشفاء في عفرين شمال سوريا بعد قصف مدفعي مساء السبت (د.ب.أ)
TT

«الإنقاذ» الدولية تدين الهجوم على مستشفى شمال سوريا

جانب من دمار مشفى الشفاء في عفرين شمال سوريا بعد قصف مدفعي مساء السبت (د.ب.أ)
جانب من دمار مشفى الشفاء في عفرين شمال سوريا بعد قصف مدفعي مساء السبت (د.ب.أ)

أعربت لجنة الإنقاذ الدولية، أمس، عن «إدانتها الشديدة» للقصف الذي طال مدينة عفرين في شمال سوريا، السبت، وأدى إلى مقتل مدنيين وأفراد طاقم طبي، وخروج مستشفى عن الخدمة، فيما قصف الجيش التركي أهدافاً في بلدة تل رفعت بشمال سوريا، بحسب وكالة الأناضول الحكومية للأنباء، الأحد، رداً على ما وصفته بـ«هجمات بالمدفعية أسفرت عن مقتل 14 وإصابة آخرين في بلدة عفرين القريبة».
وأصاب قصف مدفعي، مساء السبت، مشفى في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة فصائل موالية لأنقرة، وأسفر عن مقتل 21 شخصاً على الأقل، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير قسم سوريا في لجنة الإنقاذ الدولية فولفغانغ غريسمان: «ندين بشدة هذا الهجوم المميت على مستشفى الشفاء، أحد أكبر المرافق الطبية في شمال سوريا». وأضاف في بيان رسمي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «هذا هو الهجوم الحادي عشر الذي يتم تسجيله منذ مطلع العام وحتى الآن على مراكز الرعاية الصحية، ما يرفع العدد الإجمالي للهجمات التي تم توثيقها منذ يناير (كانون الثاني) 2019 إلى 124 هجوماً».
واتهمت أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية (السورية)، بالمسؤولية عن الهجمات التي وقعت يوم السبت، وشملت هجوماً على مستشفى. وقالت وكالة الأناضول إن القوات المسلحة التركية، التي لها وجود كبير في شمال سوريا، قصفت «أهدافاً إرهابية» في البلدة. وأكدت لجنة الإنقاذ الدولية أن الهجوم دمّر غرف الإسعاف والولادة بشكل كامل، وأصبح المشفى «خارج الخدمة الآن». وشدّدت في بيانها على ضرورة «أن تتوقف هذه الهجمات».
وكان المرصد، قد أوضح، السبت، أن القصف كان مصدره مناطق في شمال محافظة حلب «تنتشر فيها ميليشيات موالية لإيران ولقوات النظام وقربها قوات كردية». ونفت قوات سوريا الديمقراطية أي ضلوع لها في القصف، فيما لم يعلن أي طرف مسؤوليته عن الهجوم حتى الآن.
وقال مصدر في الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، لـ«الشرق الأوسط»، إن حصيلة الخسائر البشرية في مجزرة عفرين، تواصل ارتفاعها مع توثيق مزيد من القتلى ومفارقة جرحى للحياة، جراء سقوط قذائف صاروخية أطلقتها قوات النظام من مواقعها في الزيارة وأبين على مدينة عفرين، وإن جل القتلى قضوا في الاستهداف المباشر لمشفى الشفاء في المدينة، وإن «عدد الشهداء مرشح للارتفاع لوجود أكثر من 23 جريحاً بعضهم في حالات خطرة ومن ضمنهم نساء وأطفال».
وقال مسؤول طبي لـ«الشرق الأوسط» في مدينة عفرين فضل عدم الكشف عن اسمه، إن عدد ضحايا مجزرة عفرين بلغ «حتى الآن» (عصر أمس)، 21 شخصاً، جراء سقوط قذائف مدفعية وصاروخية، على مشفى الشفاء وأحياء سكنية داخل المدينة، مساء السبت، وإن معظم ضحايا المجزرة من المدنيين، وهم «17 مدنياً من ضمنهم سيدة وطفلها و3 نساء من كوادر المشفى وطبيب و4 عاملين في الجمعية الطبية السورية - الأميركية (منظمة سامز)، وعاملون في منظمة شفق الإنسانية».
يذكر أنه بالإضافة لمقتل أفراد من الطاقم الطبي والمدنيين، قتل في القصف، قيادي وعنصران في فصيل «سليمان شاه التابع للجيش الوطني السوري، وعنصر من الشرطة»، فضلاً عن إصابة أكثر من 50 شخصاً بجروح خطيرة، بحسب مصدر مطلع.
وقال العميد أحمد حمادة وهو مستشار في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، إن القصف المدفعي وراجمات الصواريخ التي استهدفت مشفى الشفاء في مدينة عفرين وأحياء سكنية، مصدره قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المتمركزة في كعشتار غرب حلب، بحسب معلومات أوردها فريق الرصد التابع للجيش الوطني، لافتاً إلى أن «قسد» تحاول جاهدة العمل على ضرب الاستقرار والإخلال بالأمن؛ تارة بالقصف الصاروخي والمدفعي، وتارة أخرى عبر المفخخات، بحق المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري والقوات التركية.
من جهته، نفى فرهاد أحمد، المسؤول الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، السبت، ضلوع الأخيرة بمجزرة مدينة عفرين، وقال في تغريدة على حسابة بموقع «تويتر»، إن «وسائل الإعلام تداولت أخباراً عن قصف استهدف مستشفى مدنياً في عفرين، وإن قسد تنفي مسؤوليتها عن القصف»، مطالباً وسائل الإعلام بالتحلي بالمصداقية في نقل الأخبار، بينما أدان مظلوم عبدي، الذي يشغل منصب القائد العام لقوات «قسد»، المجزرة، متهماً القوات الروسية بضلوعها فيها، وقال في منشور له على حسابه في «فيسبوك»: «ندين بشدة قصف القوات الروسية مدينة عفرين المكتظة بالمدنيين، وقصف القوات التركية لمهجري عفرين القاطنين في مخيمات بمنطقة الشهباء».
وفي حين لم تصدر وزارة الدفاع الروسية أي بيان أو إدانة عن استهداف عفرين شمال غربي سوريا، قالت الخارجية التركية عبر بيان رسمي، إن وحدات حماية الشعب الكردية هي المنفذ لهجوم عفرين الصاروخي، الذي استهدف قسم الإسعاف في مشفى الشفاء، الذي تموله «الجمعية الطبية السورية - الأميركية». وأدان البيان الهجوم، مؤكداً أنه يدل على الوجه الدموي للتنظيم، ومن ورائه «قسد»، التي تستهدف المدنيين السوريين والكوادر الطبية. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد قال في مؤتمر صحافي عقده في وقت سابق: «سنحاسب هؤلاء الجبناء عن كل قطرة دم يريقونها».
وتعد تركيا وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية ذات صلة بحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، ونفذت عمليات توغل في سوريا لدعم المعارضة السورية المسلحة لإبعادها عن الحدود التركية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.