لماذا النساء أكثر عرضة لـ«كورونا طويل الأمد»؟

امرأة مصابة بفيروس «كورونا» تستخدم جهاز التنفس الصناعي في أحد المراكز الطبية بالهند (د.ب.أ)
امرأة مصابة بفيروس «كورونا» تستخدم جهاز التنفس الصناعي في أحد المراكز الطبية بالهند (د.ب.أ)
TT

لماذا النساء أكثر عرضة لـ«كورونا طويل الأمد»؟

امرأة مصابة بفيروس «كورونا» تستخدم جهاز التنفس الصناعي في أحد المراكز الطبية بالهند (د.ب.أ)
امرأة مصابة بفيروس «كورونا» تستخدم جهاز التنفس الصناعي في أحد المراكز الطبية بالهند (د.ب.أ)

بينما يتعرض الرجال الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً للمعاناة من الأعراض الأكثر حدة لفيروس «كورونا»، فإن عدد النساء اللائي يصبن بـ«كورونا طويل الأمد» يفوق عدد الرجال الذين يصابون بهذه الحالة بنسبة 4 إلى 1.
وبحسب صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، فقد حاول عدد من العلماء في جميع أنحاء العالم الخوض في العوامل المختلفة التي تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بـ«كورونا طويل الأمد»، بهدف إلقاء الضوء على هذه الحالة الغامضة التي لم تكن محور اهتمام عدد كاف من الدراسات.
ومن ضمن الأسباب التي تجعل النساء أكثر عرضة لهذه الحالة وفقاً للعلماء ما يلي:
* الجينات:
تقول أكيكو إيواساكي، عالمة المناعة في كلية الطب بجامعة ييل بولاية كونيتيكت، إنها أمضت كثيراً من الوقت العام الماضي وهي تحاول تحديد الاختلافات بين كيفية استجابة الرجال والنساء لفيروس «كورونا».
وأشارت إيواساكي إلى أن إحدى النتائج الأولية التي توصلت إليها هي أن الخلايا التائية، وهي مجموعة من الخلايا المهمة لجهاز المناعة والتي تبحث عن الخلايا المصابة بالفيروس وتدمرها، تكون أكثر نشاطاً لدى النساء من الرجال في المراحل المبكرة من الإصابة، وذلك لأسباب جينية.
وتقول إيواساكي: «لدى النساء نسختان من الكروموسوم (إكس). والعديد من الجينات التي ترمز لأجزاء مختلفة من الجهاز المناعي تقع على ذلك الكروموسوم، مما يعني أن الاستجابات المناعية المختلفة يتم التعبير عنها بقوة أكبر لدى النساء».
وأوضحت عالمة المناعة أن هذه الاستجابة المناعية القوية تقلل من إمكانية تعرض النساء للوفاة جراء «كورونا»، ولكنها تزيد من فرص إصابتهن بـ«كورونا طويل الأمد».

* «فرضية تعويض الحمل»:
لفتت إيواساكي إلى أن زيادة تعرض النساء لـ«كورونا طويل الأمد»، قد تكون مرتبطة أيضاً بنظرية تسمى «فرضية تعويض الحمل»، والتي تشير إلى أن النساء في سن الإنجاب تكون لديهن استجابات مناعية تفاعلية أكثر ضد مسببات الأمراض، لأن أجهزتهن المناعية تكون قد تطورت بالشكل الكافي لدعم الحاجة المتزايدة للحماية أثناء الحمل.
وتابعت: «يُعتقد أن هذه الاستجابة المناعية القوية قد تتسبب في بقاء أعراض الفيروس بالجسم لمدة أطول. وتقول إحدى النظريات الرئيسية المرتبطة بـ(كورونا طويل الأمد) إنه ينتج عن اختباء أجزاء من الفيروس لأشهر عدة في جيوب صغيرة، رغم اختفائه من معظم أجزاء الجسم. فقد تم اكتشاف بقايا الفيروس لدى مرضى (كورونا طويل الأمد) في كل نسيج تقريباً من الدماغ إلى الكلَى».
وأكملت: «نظراً لأن النساء يتفاعلن بقوة مع وجود الفيروس، فإن بعض العلماء يعتقدون أن هذه الجيوب الفيروسية من المرجح أن تسبب موجات من الالتهابات المزمنة في جميع أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى أعراض الألم والتعب وضباب الدماغ التي يعاني منها كثير من المصابين بـ(كورونا طويل الأمد)».

* مرض يصيب جهاز المناعة:
يعتقد العديد من العلماء أنه في بعض الحالات يتسبب الفيروس في أحد أمراض المناعة الذاتية، الأمر الذي يدفع بعناصر من الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة ذاتية التوجيه تُعرف باسم «الأجسام المضادة الذاتية»، والتي تهاجم أعضاء الجسم.
ومنذ ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، نشرت إيواساكي وآخرون دراسات حددت مستويات مرتفعة لأكثر من 100 من الأجسام المضادة الذاتية المختلفة لدى مرضى «كورونا»، موجهة ضد مجموعة من الأنسجة من بطانة الأوعية الدموية إلى الدماغ.
وبينما انخفض مستوى بعض هذه الأجسام المضادة الذاتية بشكل طبيعي بمرور الوقت، ظل البعض الآخر باقياً خصوصاً لدى النساء.
وتعتقد إيواساكي أنه إذا بقيت هذه الأجسام المضادة الموجهة ذاتياً في دم مرضى «كورونا» لفترة طويلة على مدار أشهر عدة، فقد يفسر ذلك العديد من الأعراض الشائعة؛ من الخلل الوظيفي المعرفي إلى الجلطات، وخلل الحركة، وزيادة ضربات القلب عند القيام بأي نوع من النشاط.
وتوقع بعض خبراء الصحة أن يستمر تأثير «كورونا طويل الأمد» بعد انتهاء الوباء «بالطريقة نفسها التي ستستمر بها الأزمة الاقتصادية واستنزاف الموارد الصحية»؛ حسب قولهم.
وأبلغ معظم مرضى «كورونا طويل الأمد» عن أعراض تشمل التعب وضيق التنفس وألم الصدر والاضطرابات المعرفية بما في ذلك «ضباب الدماغ» وآلام المفاصل.
وجرى الإبلاغ أيضاً عن خلل وظيفي في بعض الأعضاء مثل القلب والرئتين والدماغ بشكل أساسي، حتى بين أولئك الذين لم تظهر عليهم أعراض ملحوظة بعد انتقال الفيروس إليهم مباشرة.
ولا يبدو أن معظم أعراض «كورونا طويل الأمد» مهددة للحياة. لكن دراسة أجريت على 1250 مريضاً بـ«كورونا» في ميتشغان، وجدت أن 6.7 في المائة ماتوا في غضون 60 يوماً من الخروج من المستشفى، فيما تطلبت الحالة الصحية لـ15.1 في المائة منهم إعادة إدخالهم للمستشفى، مما يشير إلى أن الآثار يمكن أن تكون خطيرة بالنسبة للبعض.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.