مقتل طفل وإصابة رضيعة بالاختناق بقنابل الاحتلال الإسرائيلي

على الطريق إلى المسيرة الاستيطانية {الاستفزازية} في القدس

فلسطينيون يحملون جريحاً خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جريحاً خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس (أ.ف.ب)
TT

مقتل طفل وإصابة رضيعة بالاختناق بقنابل الاحتلال الإسرائيلي

فلسطينيون يحملون جريحاً خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جريحاً خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في بلدة بيتا جنوب نابلس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تحذر فيه أوساط عديدة من خطر التدهور الأمني من جديد بين إسرائيل والفلسطينيين، بسبب مسيرة الاستيطان في قلب القدس الشرقية المحتلة، المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء القادم، شهدت المناطق الفلسطينية المحتلة، أمس الجمعة، سلسلة اعتداءات وصدامات، أسفرت عن مقتل طفل وإصابة طفلة رضيعة بالاختناق وإصابة عشرات المواطنين الآخرين برصاص وقنابل الجيش الإسرائيلي.
فقد استشهد الطفل محمد سعيد حمايل (15 عاماً)، جراء إصابة مباشرة في القلب برصاص قوات الاحتلال، على قمة جبل صبيح في بلدة بيتا، جنوب نابلس، خلال قمعها مسيرة مناهضة للاستيطان في البلدة. كما أصيب عدد من المواطنين بالرصاص الحي، والعشرات بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع. وأصيبت طفلة رضيعة بالاختناق، في الوقت نفسه، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل ذويها بقنابل الغاز المسيل للدموع، في قرية كفر قدوم، شرق قلقيلية. وأفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الغاز بكثافة تجاه منازل المواطنين في القرية، خلال قمعهم مسيرة كفر قدوم الأسبوعية السلمية، ما أدى لإصابة الرضيعة نورسين لؤي عبد الله (8 أشهر) بحالة اختناق إثر استهداف منزل ذويها، نقلت إثرها إلى مركز طوارئ في القرية.
كما أصيبت سيدة بالاختناق، واعتقل شابان، خلال اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين، عقب انتهاء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال رشت السيدة بغاز الفلفل في وجهها، فيما اعتقلت شاباً وطفلين في منطقة باب حطة بالقدس القديمة. وكان نحو 40 ألف مصلٍّ أدوا صلاة الجمعة، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية مشددة. وجاءت الصدامات على أثر قمع الشرطة الإسرائيلية لمظاهرة مقدسية تصدت للزيارة الاستفزازية التي قام بها، أمس، عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير عند اقتحامه المكان وهو يرفع العلم الإسرائيلي. وأوضحت مصادر فلسطينية أن عدد المعتقلين في القدس بلغ منذ صباح أمس 30 فلسطينياً.
وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، جراء قمع الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة انطلقت في بلدة سلواد شرق رام الله، للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال. ولفتت مصادر فلسطينية إلى أن قنابل الغاز التي أطلقها الجنود تسببت باندلاع حرائق في مساحات واسعة من أراضي المواطنين.
وكانت الشرطة الإسرائيلية، قد اتفقت أمس الجمعة، مع منظمي مسيرة المستوطنين الاستفزازية في القدس المحتلة التي يطلق عليها تسمية «مسيرة الأعلام»، والتي ستجري يوم الثلاثاء المقبل. وحسب الاتفاق، فإن المسيرة الاستفزازية تنطلق من شارع «هنِفيئيم» باتجاه شارع السلطان سليمان وصولاً إلى ساحة باب العامود، حيث سيقوم المستوطنون بحلقات رقص، ثم تتجه المسيرة إلى «ميدان تساهَل» عن طريق باب الخليل باتجاه حائط البراق. وسيمر قسم من المشاركين في المسيرة الاستفزازية في الحي الإسلامي، وقسم آخر في الحي اليهودي.
واعتبر الفلسطينيون هذه المسيرة استفزازاً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يهدف إلى التسبب بالتلبك لحكومة نفتالي بينيت، التي يفترض أن تتم المصادقة عليها غداً الأحد. وأكدت مصادر الشرطة أنها كانت قد أوصت بإلغاء هذه المسيرة «غير الضرورية»، لكن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، أصر على إجرائها، «حتى لا يبدو الأمر رضوخاً لحركة حماس التي هددت بتفجير الأوضاع مجدداً في حال المساس بالقدس». وكانت المخابرات الإسرائيلية قد حذرت هي الأخرى من الاستفزاز وأوضحت أن «تقديرات المسؤولين الاستخباراتيين وجهاز الأمن العام (الشاباك) تؤكد أن نشاطات النائب بن غبير وغيره من المتطرفين تؤدّي بدرجة كبيرة جداً إلى أضرار خطيرة بالنظام العام، وحتى الإضرار بأمن الدولة».
وكانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل أراضي 48، قد نظمت أمس مسيرة حاشدة، أمس الجمعة، طافت في الشوارع المحيطة بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة، دعماً وإسناداً لأهله. وأكد المشاركون في المسيرة الاستمرار في دعم ومساندة أهالي الحي، وأعربوا عن استنكارهم ورفضهم محاولات تهجيرهم. ورفع المشاركون لافتات بـ3 لغات تطالب بإنهاء الاحتلال والاستيطان، ورددوا شعارات «القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية»، و«لا للاحتلال»، و«لا للتهجير القسري». ويواصل الاحتلال إغلاق مداخل حي الشيخ جراح منذ نحو 40 يوماً بالسواتر الحديدية والأسمنتية، ويمنع المواطنين من خارج الحي والمتضامنين من الوصول إليه ولقاء سكانه.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.