«العنصرية» ضد مرشحات تثير جدلاً في انتخابات البرلمان الجزائري

مواطنة جزائرية تشارك في حملة الانتخابات التشريعية وسط العاصمة (أ.ف.ب)
مواطنة جزائرية تشارك في حملة الانتخابات التشريعية وسط العاصمة (أ.ف.ب)
TT

«العنصرية» ضد مرشحات تثير جدلاً في انتخابات البرلمان الجزائري

مواطنة جزائرية تشارك في حملة الانتخابات التشريعية وسط العاصمة (أ.ف.ب)
مواطنة جزائرية تشارك في حملة الانتخابات التشريعية وسط العاصمة (أ.ف.ب)

على الرغم من وجود عدة سيدات على قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية، تبقى المرأة الجزائرية بعيدة عن عملية صنع القرار، ومشاركتها أحيانا شكلية فقط.
وفشلت حملة الانتخابات التشريعية المبكرة في جذب اهتمام الجزائريين، لكن بعض التصريحات العنصرية ضد بعض المرشحات نجحت في إثارة الجدل، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أظهرت ملصقات قائمة انتخابية في ولاية المنيعة (وسط)، يتساوى فيها عدد المرشحين الرجال مع النساء كما ينص على ذلك القانون، وجوه الرجال فقط، مع إغفال صور النساء، وهو ما أثار استنكارا واسعا على الشبكات الاجتماعية. لكن هذه الممارسة ليست بجديدة على المجتمع الجزائري. ففي انتخابات المجلس الشعبي الوطني لعام 2017، تم نشر عدة قوائم دون صور النساء.
وإضافة إلى ذلك أثارت تصريحات رئيس حزب جبهة الحكم الراشد، عيسى بلهادي، استنكارا واسعا بسبب تشبيه النساء على قائمة حزبه بـ«الفراولة الممتازة» للتغني بصفاتهن وكفاءتهن. وسرعان ما حوّل مستخدمو الإنترنت هذه التصريحات العنصرية ضد المرأة إلى موضوع للسخرية من السياسيين.
وأعاد هذا الجدل النقاش حول مكانة المرأة في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب في البرلمان). فمع أنها باتت أكثر حضوراً منذ عام 2012، إلا أنها تظل غائبة عن الأضواء مقارنة بالنواب من الرجال. علما بأن المرأة الجزائرية استفادت حتى الآن من إطار قانوني ملائم يسمح بدخولها المجالس المنتخبة، خاصة بعد أن أتاح التعديل الدستوري لسنة 2008 الاعتراف بحقوقهن السياسية، وإنشاء قانون 2012 حصصاً تمثيلية تتراوح ما بين 30 في المائة و40 في المائة وفقا للدوائر الانتخابية.
أما في قانون الانتخابات الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في مارس (آذار) الماضي، فقد أقرت المساواة التامة، حيث يفرض 50 في المائة من النساء على قوائم الانتخابات التشريعية أو المحلية.
ومع ذلك، لا يضمن هذا القانون حضورا أكبر للمرأة في المجلس المقبل لأنه يلغي نظام الحصص الإجبارية للمرشحات. لكن الأكيد هو أن هذه الإجراءات أدت إلى زيادة كبيرة في عدد النساء المنتخبات: من 7.7 في المائة من المقاعد في المجلس الشعبي الوطني عام 2007 (29 امرأة)، إلى 31.6 في المائة في العام 2012 (146 امرأة من أصل 462 نائبا). لكن في سنة 2017 سُجل انخفاض طفيف، حيث احتلت النساء 25.8 في المائة من المقاعد.
لكن الباحثة لويزة دريس آيت حمادوش، ترى أن الإشراك الواضح للمرأة هو «انتقائي». وكتبت في عام 2016 في مجلة إنسانيات الجزائرية للأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية أنهن «يحصلن على المزيد من الحقوق في السياسة، لكنهن يبقين غائبات عن مناصب صنع القرار»، أو داخل الهيئات القيادية للأحزاب أو الحكومة على سبيل المثال.
ووفقاً لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 2018، فإنه «من بين 32 منصباً من مواقع المسؤولية الموجودة داخل المجلس الشعبي الوطني، تشغل النساء 6.3 في المائة فقط»، ولا يرأسن أي كتلة نيابية، فيما يتركز عملهن بشكل أساسي في اللجان التي تتناول «الموضوعات المرتبطة تقليديا باهتمامات المرأة»، مثل الشؤون الاجتماعية والثقافية والصحة والتعليم.
ومن بين 36 منصباً في الحكومة الحالية، تشغل النساء ست حقائب فقط. وفي هذا السياق رأت حمادوش، أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أن السلطة الجزائرية تعتمد نظاما «ذكوريا وحصريا». موضحة أنها «تجمع بين المنطق الاستبدادي والأدوات الديمقراطية»، وتستند إلى «مطالب النساء لتعويض العجز الديمقراطي».
من جهتها، رحبت المحامية والناشطة من أجل حقوق المرأة، نادية آيت زاي، بالمساواة الواضحة في قوائم الانتخابات التشريعية لعام 2021، لكنها ذكرت أن هذا لا يضمن المساواة في النتائج. معربة عن أسفها لعدم نجاح النساء المنتخبات في تقديم مطالب لصالح حقوق المرأة، بقولها: «لم نر النساء الحاضرات في المجلس الشعبي الوطني يبرزن، أو يظهرن من خلال المواقف المؤيدة للمساواة والعدالة. لقد انصهرن في الجماعة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».