ماكرون يكشف عن اهتمام باريس بقمّتي «السبع» و«الأطلسي»

ماكرون يعرض في باريس أمس ملفات فرنسا استباقاً للقمّتين (إ.ب.أ)
ماكرون يعرض في باريس أمس ملفات فرنسا استباقاً للقمّتين (إ.ب.أ)
TT

ماكرون يكشف عن اهتمام باريس بقمّتي «السبع» و«الأطلسي»

ماكرون يعرض في باريس أمس ملفات فرنسا استباقاً للقمّتين (إ.ب.أ)
ماكرون يعرض في باريس أمس ملفات فرنسا استباقاً للقمّتين (إ.ب.أ)

استفاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من المؤتمر الصحافي الذي أراده «الإليزيه» قبل قمة «مجموعة السبع» وخصوصاً قبل «القمة الأطلسية» في بروكسل، ليكشف عن خطة تقليص عديد قوة «برخان» التي نشرت في الساحل الأفريقي منذ عام 2014. وكشفت مصادر «الإليزيه» عن أن ماكرون عازم على طرح ملف الساحل، إلى جانب ملفات أخرى، بمناسبة قمته الأولى مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتسعى باريس للحصول على ضمانات من واشنطن لجهة استمرار الدعم اللوجيستي والاستخباراتي الذي توفره الطائرات الأميركية المسيّرة (درون) المرابطة في قاعدة شمال النيجر. ومن جهة أخرى؛ تسعى باريس لدفع شركائها الأوروبيين لمزيد من الانخراط في محاربة التنظيمات المسلحة والإرهابية؛ وتحديداً من خلال توفير الرجال والدعم لتعزيز قوة «تاكوبا» المشكلة من وحدات كوماندوز غرضها مواكبة القوات الأفريقية في عملياتها العسكرية إضافة إلى التدريب. وكانت هذه القوة تضم 60 رجلاً؛ نصفهم من الفرنسيين.
ووعدت روما بإرسال 200 رجل، والدنمارك مائة، وعديد آخر من اليونان والمجر وصربيا. ومن جانبها؛ أرسلت السويد 140 رجلاً.
من جانب آخر؛ تدفع باريس باتجاه تعزيز القوة الأفريقية المشتركة للدول الخمس التي تعاني من نقص التدريب والتسليح والتمويل. وجاء مقتل رئيس تشاد، إدريس ديبي، بمثابة إضعاف للموقف الفرنسي؛ لأنه كان حليفاً دائم التعاون مع باريس.
يضاف إلى ذلك أن الرأي العام الفرنسي أخذ منذ سنوات في طرح تساؤلات حول المدة الزمنية لبقاء القوة الفرنسية في بلدان الساحل التي كلها مستعمرات فرنسية سابقة.
وفي هذا السياق؛ أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، خلال وجوده في ساحل العاج، أمس، أن فرنسا «ليست مدعوة للبقاء في الساحل إلى ما لا نهاية، ومن الممكن أنه تتعين إعادة النظر في (برخان)». كذلك تتعين الإشارة إلى أن الحضور العسكري الفرنسي في هذه المنطقة طرح في إطار مجلس الدفاع الذي رأسه ماكرون أول من أمس. وأمس، أعلن الرئيس الفرنسي عن قرب انتهاء عملية «برخان» في صيغتها الراهنة؛ أي عملية عسكرية آتية من الخارج، على أن تحل مكانها في الأسابيع المقبلة «عملية دعم» للدول الراغبة في ذلك وفي «إطار إقامة تحالف دولي» يضم الدول الشريكة لفرنسا ودول الساحل المعنية؛ على أن يكون هدف هذه العملية الجديدة محصوراً في محاربة الإرهاب؛ وتحديداً الإرهاب في بلدان الساحل.
وبحسب الرئيس الفرنسي؛ فإن الحضور الفرنسي بصيغته الراهنة «لا يمكن أن يستمر» على هذا المنوال، داعياً إلى استخلاص العبر من السنوات التي انقضت على حضور «برخان» في الساحل. كذلك؛ ندد ماكرون بشكل ضمني بالدول «التي لا تقوم بواجباتها إزاء المناطق التي يتم إخراجها من هيمنة الإرهابيين، من خلال إعادة الإدارة والخدمات العامة والبرامج التنموية».
وشدد ماكرون على أن حضور بلاده العسكري في البلدان الأفريقية المعنية يجري «بناء على طلب من هذه البلدان، ومساعدتها على محاربة الإرهاب، ولكن باريس لا تريد بأي حال من الأحوال أن تحل محل سلطات هذه الدول». وامتنع الرئيس الفرنسي عن كشف عديد القوة التي ستبقى في الساحل، إلا إنه أفاد بأن رئيس أركان القوة الفرنسية «يعمل منذ شهور على سيناريوهات» متعددة لتقليص عديد القوة الفرنسية، وأنه وافق على أحدها. وفي المحصلة؛ ستبقى في منطقة الساحل، «مئات عدة، وهم سيشكلون من الجنود الفرنسيين (العمود الفقري) للقوة الجديدة التي سيستكملها حضور شركائنا الأوروبيين والأميركيين والأفارقة». وترى باريس في هذا التوجه، بحسب ماكرون، «تجسيداً لما تم التوافق على إنشائه في قمة مدينة (بو)» جنوب غربي فرنسا بداية عام 2019 لجهة إنشاء «التحالف من أجل الساحل». وكشف ماكرون عن عقد اجتماع قبل نهاية الشهر الحالي، ووعد بالإفصاح عن تفاصيل التحولات التي يريد إدخالها على طبيعة ومهمة القوة المقبلة. وأخيراً؛ ربط ماكرون بين معاودة العمليات المشتركة مع الجيش المالي بالتزام السلطات المالية الجديدة بالاستحقاقات المقبلة، وتوضيح موقع الأحزاب والهيئات السياسية، والموقف من التنظيمات الجهادية، واحترام اتفاق الجزائر للمصالحة الوطنية، وتسليم السلطة إلى المدنيين العام المقبل.
من جانب آخر؛ تناول ماكرون في مؤتمره الصحافي المطول، قمتي «مجموعة السبع» للبلدان الصناعية الأكثر تطوراً و«قمة الأطلسي» في بروكسل، وطموحاته للاستمرار في بناء «الاستقلالية الاستراتيجية» للدول الأوروبية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. ومن المقرر أن يعقد ماكرون لقاء قمة مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأيضاً مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل التئام القمة؛ مما يشكل تغييراً رئيسياً في العلاقة المتوترة سابقاً بين باريس وأنقرة.
وهاجم ماكرون بقوة النظام الإيراني الذي ميز بينه وبين الشعب الإيراني، عادّاً أن النظام «يشكل تهديداً للتوازن الإقليمي» عبر برنامجه النووي وبسبب برنامجه الباليستي الذي يعدّ «تهديداً لكل دول المنطقة». وجدد ماكرون تمسكه بالحاجة إلى «حوار متشدد» مع إيران بالنسبة لهذا البرنامج الذي يثير القلق ليس فقط على مستوى المنطقة؛ بل على مستوى العالم.
وفي رده على سؤال عن مستقبل الجهود الفرنسية من أجل لبنان، أكد ماكرون أنه ما زال يدافع عن «خريطة الطريق» الإصلاحية التي طرحها الصيف الماضي للبنان، وأن باريس «مستمرة في الضغوط من أجل تشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات». إلا إنه سارع للتنبيه إلى أنه لا يستطيع «الحلول محل من هم يسيطرون على النظام» الذين اتهمهم مراراً بخيانة الشعب اللبناني وبمنع الوصول إلى حكومة إصلاحية. ووردت في كلام الرئيس الفرنسي عبارة ذات دلالات مقلقة؛ إذ أشار إلى أن باريس تعمل مع شركاء دوليين «من أجل الوصول إلى نظام تمويل دولي يضمن استمرار عمل الخدمات العامة في لبنان في حال حدوث أي اضطراب سياسي» في البلاد.
وفي هذا السياق، يذكر أن باريس تعدّ لمؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني. ومن المنتظر أن يحدث في 17 يونيو (حزيران) الحالي عن طريق تقنية الـ«فيديو كونفرنس»، وسيضم مجموعة الدعم للبنان التي تبرز من بينها الدول الغربية الرئيسية؛ وهي؛ إلى جانب فرنسا: الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيطاليا وكندا.


مقالات ذات صلة

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

صحتك رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: كبار السن أكثر قدرة على تحمل حرارة الطقس مقارنة بالشباب

كشفت دراسة مكسيكية أنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن كبار السن أكثر قدرة على تحمل موجات الحرارة مقارنة بالشباب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.