أجواء تشاؤمية تظلل مشاورات الحكومة اللبنانية

عودة الاتهامات المتبادلة بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

TT

أجواء تشاؤمية تظلل مشاورات الحكومة اللبنانية

تعثرت مجددا الاتصالات السياسية المرتبطة بمباحثات تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، نتيجة فشل المساعي الأخيرة في التوصل إلى أي نتيجة، زادها سوءا تبادل الاتهامات بين الأفرقاء المعنيين، لا سيما التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل ورئاسة الجمهورية من جهة، وتيار المستقبل ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من جهة ثانية.
ومع بقاء العقد على حالها وتحديدا تلك المرتبطة بتسمية وزيرين مسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية، إضافة إلى معضلة منح كتلة «الوطني الحر» الثقة للحكومة. وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يسجل أمس (الخميس) أي حراك على خط الحكومة والأمور تتجه إلى السلبية أكثر منها إلى الإيجابية، فيما كان لافتا تسريب «الوطني الحر» عبر وسائل إعلام تابعة معلومات تلقي اللوم على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. وقالت «قناة «أو تي في» إن الحريري خلال لقائه النائب علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، لم يكن متجاوبا مع الحلول التي طرحت لحل إشكالية تسمية الوزيرين المسيحيين.
وهذا الأمر استدعى ردا عالي السقف مرة جديدة من قبل مصادر الحريري، التي اعتبرت أن باسيل ينصب نفسه رئيسا للجمهورية، نافية اتهام الحريري بالعرقلة، ومؤكدة أن لا جديد تحت شمس مشاورات تأليف الحكومة.
وقالت مصادر الحريري: «خلافا للشائعات التي يبثها جبران باسيل وفريق رئيس الجمهورية (ميشال عون) من أن الحكومة تتشكل في (منطقة) البياضة (مقر إقامة باسيل) فهذه محاولة ساذجة لتكريس أعراف من المستحيل أن «يمشي» بها الرئيس سعد الحريري».
وأكدت أن «الحريري لم يكلف أحدا بتأليف الحكومة والاجتماعات السياسية التي تحصل حاليا في البياضة أو غيرها لا تعدو عن كونها مشاورات سياسية بين عدة أطراف، ولكن المضحك المبكي فيها أن جبران باسيل يحاول أن يخترع دورا له بعدما بات معزولا فنصب نفسه رئيسا للجمهورية وبات يتصرف على هذا الأساس، ولسخرية القدر أنه يصدق هذه الكذبة». وأضافت: «فالحكومة تتألف وفقاً للدستور بالتفاهم بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، والرئيس سعد الحريري متمسك بهذه الأصول ولن يزيح عنها، ونقطة على السطر».
وشددت المصادر على أن «بث أجواء عن تذليل عقبات وحل عقد في عملية تأليف الحكومة فهي إيحاءات غير صحيحة ولا جديد تحت الشمس، وسبب هذه الإيحاءات هو محاولة إظهار جبران وكأن مفاتيح الحل موجودة بين يديه بينما الحقيقة أن القفل لديه ولدى رئيس الجمهورية».
هذه الأجواء التشاؤمية عكستها أيضا النائبة في «تيار المستقبل» رولا الطبش الطبش بتأكيدها أن «لا أفق واضحا بأن التأليف سيحصل في نهاية الأسبوع». وقالت في حديث إذاعي: «ملف تأليف الحكومة لا يزال بانتظار الحلول التي يسعى إليها رئيس البرلمان نبيه بري ضمن مبادرته، والتي تتوافق مع المبادئ العامة التي وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري لتأليف حكومة»، مشيرة إلى أن «التعويل اليوم هو على كل الإيجابيات التي تدور في فلك هذه المبادرة».
وأسفت الطبش «لمراوحة الأمور مكانها بسبب المناورات التي يستمر بها فريق العهد عبر الاجتماعات والتصريحات الاستفزازية التي توحي بأن هذا الفريق قدم ما يمكن تقديمه، راميا الكرة في ملعب الرئيس المكلف».
واعتبرت أن «لا أفق واضحا بأن التأليف سيحصل في نهاية الأسبوع الحالي، إلا في حال حصول معجزة»، ولفتت إلى أن «ذلك لا يعني أن في مقابل التأخير سيتخذ الرئيس الحريري قرار الاعتذار، لأنه لا يزال متمسكا بخيار التأليف وحل الأزمات التي يعانيها الشعب اللبناني».
وانتقد «حزب القوات» ما وصفها بـالأوهام وتحصيل الحقوق. وقال في تغريدة له عبر «تويتر» يكفي ابتزاز وإذلال للناس والهروب من المسؤولية. إما فلتشكل حكومة مهمة، مشروعها الأساسي خطة اقتصادية إنقاذية وهذا أمر مستحيل مع جماعة دمرت البلد وما زالت. وإما فلنذهب إلى انتخابات نيابية بأسرع ما يمكن ولنعد تكوين السلطة بدءاً من رئاسة الجمهورية. يكفينا عنتريات وأوهام وتحصيل حقوق.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.