«الترويكا» توقّع اتفاقية جوبا بصفتها «ضامناً» للسلام في السودان

TT

«الترويكا» توقّع اتفاقية جوبا بصفتها «ضامناً» للسلام في السودان

وقّعت أمس دول «الترويكا» (أميركا وبريطانيا والنرويج)، بصفتها شاهداً وضامناً على اتفاقية جوبا للسلام، التي أبرمت بين الحكومة الانتقالية في السودان، وعدد من الفصائل المسلحة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في حين تعول الأطراف السودانية على الدعم الدولي لتنفيذ استحقاقات السلام على أرض الواقع.
وجرت مراسم التوقيع بقاعة الصداقة في الخرطوم أمس، وذلك بحضور نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس السيادة والوزراء، وقادة عملية السلام، ومبعوثو دول «الترويكا»، والبعثات الدبلوماسية، ووكالات الأمم المتحدة العاملة بالبلاد.
وأكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، خلال لقائه في القصر الجمهوري بالخرطوم مع وفد مجموعة دول «الترويكا»، برئاسة المبعوث الأميركي دونالد بوث، ومبعوث بريطانيا بوب فيرويدز، والنرويجي إندري ستيانسن، أن توقيع «الترويكا»، «يعد خطوة في طريق انفتاح السودان على المجتمع الدولي». مشيداً بـ«الجهود الكبيرة لـ(الترويكا) في دعم الفترة الانتقالية، وتعزيز مسيرة السلام والاستقرار بالبلاد».
من جانبه، عبر نائب رئيس مجلس السيادة «حميدتي» عن أمله في أن يواصل المجتمع الدولي دعمه للفترة الانتقالية وبناء السلام. مجدداً «عزم الحكومة على تنفيذ جميع بنود اتفاق السلام، على الرغم من التأخير الذي فرضته ظروف موضوعية، تعمل الأطراف على تجاوزها».
وقال حميدتي بهذا الخصوص، إن الدولة شكّلت لجنة وطنية عليا لمتابعة تسريع تنفيذ الاتفاق، وحشد الدعم ومعالجة الإشكالات، التي تسببت في التأخير، إلى جانب إعادة جدولة المصفوفة، واعتماد منتصف يونيو (حزيران) الحالي بدايةً لتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاقية.
بدوره، أكد المبعوث الأميركي دعم «الترويكا» الكامل للحكومة الانتقالية، وعملية التفاوض التي تجري حالياً في جنوب السودان مع الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو.
وقال بوث في حفل التوقيع إن أميركا وشركاءها في «الترويكا» «وقّعوا رسمياً على اتفاق جوبا للسلام كشهود لسببين: الأول هو أن (الترويكا) في حاجة إلى أن تحلل وتدقق في الاتفاق، والآخر توصلنا إلى أن السودانيين يتطلعون لتحقيق أهداف الثورة في السلام والحرية والعدالة».
وأضاف بوث موضحاً «نأمل بأن توفر حركة عبد العزيز الحلو واتفاق جوبا للسلام حرية المعتقد للفصل بين الدولة والدين». مشيراً إلى أن ضحايا السودانيين من الديكتاتورية على مدى عقود «ينبغي أن يحاسبوا، واتفاق جوبا للسلام يوفر ذلك من خلال العدالة الانتقالية، ومحاكم دارفور الخاصة. لكن بعد مضي 8 أشهر على توقيع الاتفاق، فإن التطبيق لا يزال بطيئاً واختيارياً، مقارنة بالاتفاقيات السابقة. غير أن الحكومات بدأت تتحرك، وهناك تغيرات بدأت تظهر على حياة الناس».
من جهتها، قالت «الترويكا» في بيان، إن توقيعها على الاتفاق «مؤشر منها» على دعمها السياسي، والتزام بنجاح الاتفاق، الذي يبشر بإمكانية تلبية مطالب الشعب السوداني في تحقيق الحرية والسلام والعدالة في دارفور، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وحثت «الترويكا» الحكومة على اتخاذ خطوات فورية للتنفيذ الكامل للجداول الزمنية المتفق عليها، والواردة في الوثيقة الدستورية الانتقالية واتفاق جوبا للسلام، بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي. مشيدة بالتقدم الذي أحرزته الحكومة الانتقالية في تنفيذ إصلاحات حيوية، وضرورية لنجاح الانتقال إلى الديمقراطية، بما فيها الإصلاحات الاقتصادية والقانونية. كما دعت إلى تعزيز الجهود المبذولة لتنفيذ البنود الرئيسية للاتفاق، بتشكيل القوة المشتركة، وإنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار للمساعدة في حماية المدنيين في دارفور من العنف.
في سياق ذلك، رحبت «الترويكا» بالتزام الأطراف بالتعاون الكامل، وغير المحدود، مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن السودانيين الذين صدرت بحقهم مذكّرات اعتقال، و«اتفاق المبادئ» بين حكومة السودان والحركة الشعبية عبد العزيز الحلو، لإنهاء النزاع لتمكين جميع السودانيين من المشاركة في العملية الانتقالية.
وبموجب الاتفاق، شاركت أطراف السلام بثلاثة مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي، وأربع وزارات في الحكومة التنفيذية، ستمثل بنسبة مقدرة في المجلس التشريعي الانتقالي وحكم الولايات.
وبتوقيعها على الاتفاق، تنضم دول «الترويكا» إلى آلية الرقابة والتقييم، التي تتكون من حكومة السودان وأطراف السلام ودولة جنوب السودان، وبقية الدول الشاهدة والضامنة لاتفاق جوبا للسلام.
ونصت اتفاقية جوبا للسلام على أن تلتزم الحكومة الانتقالية بتوفير 7 مليارات دولار على مدى 10 سنوات لإعادة إعمار وتنمية المناطق المتضررة من الحرب في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».