إميلي بلنت تجهد لحماية أطفالها في «مكان هادئ 2»

الصراع ضد وحوش الصمت يتجدد

هاربة مع أولادها في «مكان هادئ 2»
هاربة مع أولادها في «مكان هادئ 2»
TT

إميلي بلنت تجهد لحماية أطفالها في «مكان هادئ 2»

هاربة مع أولادها في «مكان هادئ 2»
هاربة مع أولادها في «مكان هادئ 2»

«الباقون على قيد الحياة ليسوا جديرين بالإنقاذ»، يقول إيميت (سيليان مورفي) لإيڤيلين (إميلي بْلنت) وهو يحذرها من الخروج من المخبأ الذي لجأ إليه، لكنها تصر؛ لا تستطيع أن تتخيل نفسها في مكان آمن بينما سواها من البشر معرضون للموت على أيدي (أو بالأحرى أرجل) وحوش تصطاد البشر.
هذا يرد في «مكان هادئ - الجزء الثاني» الذي يكمل حكاية وردت فيما أصبح الآن جزءاً أوّلَ. في ذلك الجزء، تعرفنا على إيڤيلين وزوجها وولديهما مختبئين في كوخ في أحد الأدغال تحت رحمة مخلوق لا يرى ولا يشم، لكنه يسمع جيداً.
نجاح ذلك الفيلم (341 مليون دولار حول العالم) كان بمثابة ضوء أخضر لصانعيه، وبينهم المخرج جون كرازينسكي والمنتج - المخرج مايكل باي، لإعادة الكرة. حتى الآن، ومنذ طرحه في الصالات قبل 10 أيام، أنجز هذا الجزء الثاني قرابة 100 مليون دولار.
البؤرة التي ينظر من خلالها الفيلم للعالم المقبل من خلال موضوعه تختلف في هذا الجزء الثاني؛ إيڤيلين لم تعد تعيش، هي وأولادها، في ذلك الملجأ في الأدغال، فقد كان عليها أن تتجه وأولادها إلى المدينة طلباً للأمان، لكن المدينة كانت في أسوأ أحوالها: الوحوش الغريبة وصلت إليها، وهي تهدد سلامة الجميع، وهناك شلل من الناس توزعت في مجموعات تقطن أماكن آمنة (أو هكذا هي لبعض الوقت) لجأت إيڤيلين وأولادها الثلاثة إليها.
زوجها الفعلي جون كرازينسكي يقول عن إميلي بْلنت إنها شريكته في الفيلم: «شاركتني في كل شيء: في الكتابة والتصميم وتوجيه الفيلم صوب مواضيع جديدة لم تكن مطروحة في الجزء الأول».

مسألة بقائنا على قيد الحياة
تبتسم إميلي بْلنت عندما أسألها عن ذلك، وتجيب:
- «جون هو الفنان الأول الشامل؛ ما قمت به هو مجرد اقتراحات خلال عمله حين باشر كتابة السيناريو... إنه شخص متواضع جداً يحب أن يوزع حسنات عمله على المقربين منه».
«مكان هادئ - 2» ليس مجرد فيلم رعب. نعم، يأتي الرعب في مقدمة التصنيفات، كذلك التشويق الذي يضع المشاهدين مجمدين في كل مشهد خطر يقع أو مشهد ندرك أن ما وراءه سيكون تهديداً آخر لبطلته وأولادها، لكن إميلي تواجه في هذا الفيلم معضلة أكبر من معضلتها في الفيلم السابق؛ إنها هنا بلا زوج يشاركها حماية الأطفال، ما يجعلها هي المنوط بها المحاولات الدائمة لحمايتهم. وهذا ما يجعل الفيلم يمتلك خط الدراما العائلية. وهي توافق:
- «صحيح. التيمة التي يلعب الفيلم عليها أكبر كثيراً مما كانت عليه في الجزء الأول. والحقيقة أن الفيلم يطرح مسألة بقائنا (المجتمعات) على قيد الحياة. الصورة هنا كبيرة، وأشعر أنها مرتبطة بمخاطر الحياة الحاضرة بسبب ڤيروس لا يزال العالم يعاني منه، ويحاول أن يقضي عليه».
عدا ذلك، تضيف أن الفيلم ينذر بانهيار الحدود بين الناس:
- «وجدت في هذا الفيلم علو المشاعر الإنسانية وقت الحاجة؛ المجتمعات يريد بعضها حماية بعض، والحدود بين الناس لم تعد موجودة، والأبواب مفتوحة لمن يلجأ طلباً للحماية».
هل تتوقعين أن يقع شيء كهذا بالفعل؟
- «لا أدري. ربما ليس في زمننا، لكنه احتمال قائم في زمن لاحق؛ بات كل شيء قابلاً للتصديق، أليس كذلك؟».
أسأل لأنك ذكرت ڤيروس كورونا في الرد السابق.
- «(كوڤيد - 19) هو أول وباء نشهده على نحو دولي في حياتنا، فلم نكن أحياء عندما عانى العالم في مطلع القرن الماضي من وباء مماثل، وأعتقد أن هناك رسالة ما في هذا الوباء الحالي، ولو أني لا أعرف ما هي تحديداً. الفيلم ليس عن الوباء طبعاً، لكنني عندما كنت أشاهد الفيلم قمت بالربط بين ما يحذر الفيلم منه وما نعيشه؛ هو مجرد خاطر عابر على الأرجح».

التمثيل عوض التأتأة
إميلي بْلنت بريطانية المولد، ولدت قبل 38 سنة، وهي ابنة لممثلة ثانوية أحياناً معلمة في المدرسة معظم الأحيان اسمها جوانا، والدها محام اسمه أوليڤر. في سنواتها الأولى، كانت تعاني من التأتأة؛ الحل الذي اقترحته إحدى المدرسات عليها هو أن تمثل:
- «أعطي تلك المعلمة كل التقدير لما قامت به؛ لولاها لاستمرت مشكلتي طويلاً. وبناء على نجاح التجربة، بدأت أوجه النصيحة ذاتها لسواي».
لكن سواها لم يتحول للتمثيل، وإذا حاول لم ينجح كما نجحت هي. ففي سنة 2001، وقفت إميلي على المسرح لأول مرة تواجه الجمهور الذي جاء ليتابع مسرحية «العائلة الملكية»، وما هي إلا بضعة أسابيع حتى اختارتها صحيفة «إيڤنينغ ستاندارد» لتكون أفضل ممثلة جديدة.
من هذا العمل، وبضع مسرحيات أخرى، انتقلت إلى التلفزيون البريطاني، حيث لعبت بطولة فيلم درامي بعنوان «بوديسا»، تبعته بدراما تاريخية أخرى، هي «هنري الثامن». وبقيت في إطار الحكايات التاريخية عندما مثلت أول فيلم لها (الملكة المحاربة) سنة 2003.
بعد ثلاث سنوات، وفيلمين آخرين، انطلقت فعلياً في دور مساند في الفيلم الكوميدي «الشيطان يرتدي برادا» (The Devil Wears Prada)؛ إنها مساعدة ميريل ستريب التي قلما تمنحها كلمة تقدير. لكن إذا ما أغفلتها ستريب، فإن الجمهور أحبها.
واصلت بْلنت صعودها عبر أفلام معتدلة القيمة، بنتائج نقدية وتجارية متفاوتة، إلى أن ظهرت في البطولة النسائية لفيلم «حافة الغد» (Edge of Tomorrow)، إلى جانب توم كروز، سنة 2014. ومنه دلفت لبطولة «داخل الغابات»، إلى جانب آنا كندريك وجيمس كوندرون، وإلى «سيكاريو» لدنيس ڤينيڤييڤ.
خلال هذه الرحلة الناجحة، هل كانت لك تطلعات أخرى إلى جانب التمثيل؟
- «لا، كنت في وضع مرتاح بالنسبة لما أقوم به؛ أقصد أنني كنت سعيدة بدوري بصفتي ممثلة، وشغلي الدائم خارج التمثيل كان لذلك الحين البحث عن فيلم آخر أريد تمثيله».
هذا قبل لقائك بزوجك وبناء عائلة. وعلى الرغم من ذلك، لم يمنعك الزواج من العمل على نحو شبه متواصل، صحيح؟
- «لقائي بجون كان بداية مرحلة مهمة جداً في حياتي، وقد ساعدني في أن أواصل مهنتي عبر العناية بالأطفال عندما كنت أدخل التصوير. لو كنت أماً مطلقة أو غير متزوجة لكان ذلك من أصعب الحالات، ولن يكون لديّ أي عذر لو أهملت حياتي العائلية لصالح حياتي المهنية؛ أكن كثيراً من التقدير لجون».

التمثيل فقط
على الرغم من اكتفائها بالتمثيل، فإنها غنت في فيلمين خلال السنوات القليلة الماضية، هما: «داخل الغابات» و«عودة ماري بوبنز»، وعن ذلك تجيب:
- «كان هذا من ضروريات العمل».
هل توخيت لنفسك في أي مرحلة من حياتك أن تمارسي الغناء؟
- «لا مطلقاً؛ كل ما كنت أريده أن أمثل. هل يفاجئك هذا؟ شخصياً، بدأت أتساءل إذا ما كان يجب عليّ قبل سنوات امتهان الغناء أيضاً. حدث ذلك بعد دور في (عودة ماري بوبنز) قبل 3 سنوات. بعضكم (النقاد) كتب مشجعاً، لكن بصراحة لا طموحات لي في هذا المجال، ويكفيني ما أقوم به بصفتي ممثلة».
بقاؤها على سدة الاختيارات الناجحة ساعدها في الحفاظ على رغبة كثير من المخرجين في العمل معها. فإلى جانب ڤينيڤييڤ و«سيكاريو»، لعبت بطولة «ذا هانتسمان: وينتر وورز» لسدريك نيكولز ترويان (2016)، و«الفتاة في القطار» لتايت تايلور (2016)، ثم -من بين أفلام أخرى- الجزء الأول من «مكان هادئ».
لماذا لم تعودي للاشتراك في الفيلم الثاني من «سيكاريو» سنة 2018؟
- «لسببين: الأول أنني كنت مشغولة، وعندما أكون كذلك لا أخطط لأي شيء آخر سوى إكمال ما أنا فيه. طبعاً، أعرف ما هو فيلمي المقبل، لكني لا أفكر فيه مطلقاً حتى انتهاء دوري في الفيلم الذي أعمل عليه؛ والسبب الثاني أن الفيلم الثاني من (سيكاريو) (خرج تحت عنوان Sicario‪:‬ Day of the Soldado) كان مكتوباً بصفته فيلم مغامرة رجالية أساساً، فلم أجد أنني سأكون نداً لشخصيتي (بنيثيو) دل تور أو (جوش) برولين».
إميلي تؤكد، في هذا المقابلة المتسارعة على إيقاع الإنترنت التي وردت وسط مجموعة أخرى من المقابلات تمت في عداد الترويج للفيلم الحالي «مكان هادئ - 2»، أنها لم تتوقع نجاح الجزء الأول من هذا الفيلم:
- «لم يخطر لجون، أو لي، أن الفيلم السابق سيحدث كل هذا النجاح. نعم، تفاءلنا وبذلنا كل الجهد لكي لا ينتهي الفيلم بصفته مجرد إنتاج عابر بين كثير من أفلام الرعب، لكن لا شيء أخبرنا سلفاً بأنه سيلاقي الإقبال الذي شهده، والذي حفزنا لإتباعه بهذا الجزء».
هل من جزء ثالث؟
- «لا أدري بعد. هذا محتمل إذا وجدنا قصة جيدة».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».