أداة ذكاء صناعي جديدة تبتكر وجوهاً بشرية

صور مختلقة تحمل مختلف الصفات الجسدية والعرقية

أداة ذكاء صناعي جديدة تبتكر وجوهاً بشرية
TT

أداة ذكاء صناعي جديدة تبتكر وجوهاً بشرية

أداة ذكاء صناعي جديدة تبتكر وجوهاً بشرية

في البداية، ظهرت تقنية التزييف «ديب فيكس» deepfakes التي تتيح لمستخدمها لصق وجه أحدهم على جسم أي شخصٍ آخر. بعدها، برزت تقنية «ذس بيرسون داز نات إكزيست» This Person Does Not Exist التي تبتكر أشخاصاً على أي موقع إلكتروني مع كلّ تحديثٍ تجرونه لتحميل الموقع. وأخيراً، حان دور «جينريتد فوتوز» Generated Photos، الموقع الذي يخزّن صوراً فوتوغرافية تجارية مصنوعة بكاملها من بشرٍ... ابتكرهم الذكاء الصناعي.

ابتكار صور البشر
يعدّ ابتكار بشرٍ بهيئة حقيقية من أكبر التحديات التي يواجهها الذكاء الصناعي البصري، ولكنّ الباحثين بدأوا يتقنون استخدام هذه التقنية بسرعة كبيرة. وجديد هذه التقنية يحمل اسم «جينريتد فوتوز» التي وصلت عائداتها إلى 15 ألف دولارٍ في الشهر من بيع مكتبة تحتوي على نماذج بشرية مبتكرة بالذكاء الصناعي. وأطلقت الشركة التي تقف خلف هذا الموقع أخيراً تحديثاً جديداً لا يتيح للمستخدم صناعة نسخة بشرية بمساعدة الذكاء الصناعي فحسب، بل يسمح له أيضاً بتحريكها.
يوفّر هذا التحديث ضوابط تحكّم سهلة الاستخدام ليتمكّن من جعل الشخص الذي صنعه يعبس، أو ينظر إلى اليسار، أو يرتدي النظّارات. وكما المصوّر الفوتوغرافي، يمكنكم الاستعانة بواجهة المستخدم المتوفّرة في الموقع لضبط الوضعية التي تريدونها للشخصية التي صنعتموها.

جوانب سلبية
يقول إيفان براون، مؤسس «جينريتد فوتوز»، إنّه يرى «منصّته كبرنامج فوتوشوب، ولكن لتعديل مشاهد وليس بيكسلات؛ لذا يجدر بالمستخدم أن يعتمد على أوامر عالية المستوى وكأنّه يتعامل مع طابعة بشرية».
لا شكّ في أنّ ابتكار أشخاص جدد ليس اقتراحاً مريحاً، لا سيّما أنّنا رأينا الكثير من الانتهاكات مع «ديب فيكس»، فقد تعرّض الكثير من المشاهير، وحتّى الأشخاص العاديين، إلى استغلال وجوههم ولصقها على محتوى غير لائق. ولكنّ «جينريتد فوتوز» لا يسمح لكم بنسخ شخصٍ آخر.
تسعى الشركة المطوّرة لهذه التقنية إلى حماية مستخدميها من الجوانب السلبية لهذا التطوّر وتجنّب حوادث سرقة الهوية الإلكترونية. قبل بضعة أشهر، أطلقت «جينريتد فوتوز» أداة أسمتها «أنونيمايزر» Anonymizer tool يمكنها نسخ صورتكم وصناعة نسخة منكم لا يمكن التعرّف عليها لاستخدامها على مواقع التواصل الاجتماعي وتفادي المراقبة. قد يكون للوجه الجديد نفس الشعر ولون البشرة، ولكن لن تزيّنه العينان كلتاهما، ولا الضحكة المميزة. بمعنى آخر، قد تكون هذه النسخة أقرب إلى قريبٍ يشبهكم وليس إلى أخٍ توأم. (يقول براون أيضاً، إنّه يتعاون مع وكالات الشرطة عند حاجتها إلى رصد وتحديد الصور المزيفة).

طريقة العمل
إذن، كيف تعمل الأداة الجديدة؟ تبدأون العمل بوجهٍ منتقى بشكل عشوائي. يمكنكم اختيار الجنس (رجلاً أو امرأة)، وتغيير وضعية الرأس من خلال جرّ قالبٍ خاص في الاتجاه الذي تريدون للشخص أن ينظر نحوه. بعدها، حدّدوا خياراتكم الأخرى من خلال النقر في المربعات وسحب الشرائح. يمكنكم تغيير لون البشرة والشعر، وجعل الشخص مشمئزاً أو حزيناً، وأن تضيفوا نظارات للقراءة أو ماكياج. يمكنكم حتّى أن تجعلوه أكبر أو أصغر سناً.
بعد الانتهاء، يمكنكم شراء ابتكاركم بصيغة عالية الدقّة لاستخدامه كما تشاؤون (وحتّى للاستعمال التجاري). وتُباع الوجوه ذات التصميم الخاص بثلاثة دولارات، ويحصل الزبون على خصم للطلبات الكبيرة.
يعتبر التنوّع مهمّاً بالنسبة لزبائن براون الذين يبحثون عن وجوهٍ مجهولة الهوية وقابلة للتعديل قد تكون مفيدة للشركات النّاشئة التي تريد وضع صورة إنسان على روبوت محادثة «تشات بوت»، أو حتّى لتسويق موقع مواعدة، دون إدراج الشخص الحقيقي. يدّعي براون أنّ لديه زبوناً في شركة تواصل اجتماعي بارزة تستخدم «جنريتد فوتوز» للمساعدة في تدريب الذكاء الصناعي على رصد الصور المزيفة. كما تحدّث عن شركة صينية لصناعة المواد الغذائية ابتكرت وجهاً بشرياً لتجنّب قوانين التغليف المطبّقة في البلاد.
ويضمّ زبائنه الآخرون باحثين يحتاجون إلى ابتكار وجوه جديدة لتدريب برامجهم الخاصّة بالذكاء الصناعي البصري، وباحثين أكاديميين يشترون الوجوه لاستخدامها في دراساتهم. للسيطرة على الانحياز الثقافي، أو لعزل متغيّر كخطوط الشعر، يمنح اختراع بعض البشر بمواصفات محدّدة الباحثين قدرة أكبر على التحكّم مقارنة بالصور الفوتوغرافية التقليدية.
شارك براون شهادات عدّة من زبائن من الدوائر الأكاديمية، اختلفت فيها حالات الاستخدام من تعليم مادّة حول شهادات شهود العيان في المحاكم الجنائية، إلى تدريب ذكاء صناعي بصري على التعرّف على وجوهٍ ترتدي أقنعة بشكلٍ خاطئ في عصر الجائحة.

صور حسب الأعراق
يقول براون، إنّه طوّر هذه المزايا التخصيصية في المنصّة بناءً على طلب الزبائن منذ اليوم الأوّل. عند انطلاقه عام 2019، قدّم الموقع قاعدة بيانات تحتوي على 10 آلاف نموذج من أصول عرقية متنوّعة، ولكنّها كانت جميعها شابّة بعمر 25 سنة تقريباً، بضحكة جذّابة، تنظر دائماً إلى الكاميرا.
يقول براون، إنّ «طلب أحد الزبائن كان: هل يمكنه التوقّف عن الابتسام لثانية واحدة حباً بالله؟»؛ لهذا السبب، وبعد ستّة أشهر من العمل، شهران منها لوضع الذكاء الصناعي في قلب الخدمة، طوّر الفريق البحثي المنتج الذي ترونه اليوم. جرّبته بنفسي ويمكنني القول، إنّه مثيرٌ جداً عندما يعمل. يشعرك أنّك صاحب قوّة خارقة لأنّك تصنع الإنسان الخاص بك. من النّادر جداً أن يستطيع المستخدم التحكّم بخوارزمية غامضة بهذه السهولة والدقّة.
ولكنّ الخدمة أصبحت أسوأ بسبب الانحرافات البصرية التي لم تكن موجودة في مكتبة الموقع قبل التحديث. يعود هذا الأمر إلى دفع هذه الأداة بقوّة أكبر بكثير مما كانت عليه قبلاً، وتغذيتها بزوايا أكثر تعقيداً للرأس وتسريحات الشعر. يقول براون، إنّ الأمر هو عبارة عن «توازن بين الانحراف والشّكل الموحّد»، مشيراً إلى أنّ أفواه وأنوف البشر سهلة المحاكاة؛ لأنّ معظم الأنوف متشابهة جداً. ولكن عندما يتعلّق الأمر بشيء كالشعر، لا يعود للمعايير أهميّة.
خلال تجربة الموقع، لاحظتُ أنّ الصور العائدة لأصحاب البشرة السوداء كانت بشعر أملس وكأنّه مصفّف بأداة خاصة، رغم أنّ شعور هؤلاء تكون عادة سميكة وكثيفة. لم أجد أي خصل مجعّدة أو سميكة أو جدائل. وعندما سألت إذا كان هذا الموضوع عابراً، وما إذا كانت نسقات البيانات التي يغلب عليها العرق الأبيض التي درّبت الذكاء الصناعي قد تكون هي المؤثّرة على تقديم الشخصيات ذات البشرة السوداء، أصرّ براون على أنّ الأمر ليس كذلك.
وأجاب بأنّ «المثير للسخرية هو أنّ هذه الحالة هي نتيجة الطلب المعاكس. راسلنا أشخاصٌ من البشرة السوداء يشكون من فبركة صور أشخاص بتسريحات شعر تنميطية، معتبرين أنّه يجب أن تتوفّر لدينا أنواع شعرٍ عديدة ومن بينها الشعر الأملس. لذا؛ فإن المبالغة في التفاعل مع هذا الطلب ربّما تكون هي المشكلة».
في جميع الأحوال، يستحقّ التحديث الجديد من «فيس جنرايتور» التجربة ولو للحصول على نظرة خاطفة على مستقبل أدوات الذكاء الصناعي. قبل خمس سنواتٍ مضت، كان احتمال ابتكار بشرٍ بهيئة حقيقية أشبه بأفلام الخيال العلمي. أمّا اليوم، فلم يصبح بإمكاننا صناعتها فحسب، بل يمكننا أن نطلب منها أن تأخذ وضعية معيّنة».
في خطوتها التالية، تعتزم «جنريتد فوتوز» السماح لمستخدميها وضع وجوههم على أجساد بشرية كاملة؛ ما سيساهم في توسيع سوق مخازن الصور من جهة، ويدفع الحرب على ما هو حقيقي إلى المزيد من الالتباس من جهة ثانية.
* موقع «فاست كومباني»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»
TT

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

وفي وثيقة قضائية، دعت وزارة العدل المحكمة إلى تفكيك أنشطة «غوغل»، بما في ذلك عبر منع المجموعة من إبرام اتفاقيات مع شركات مصنّعة للهواتف الذكية تجعل من محرك بحثها المتصفح الأساسي في هذه الهواتف، ومنعها من استغلال نظام تشغيل أندرويد الخاص بها.

وقال مسؤولون عن شؤون مكافحة الاحتكار، وفقاً لوثائق الدعوى، إنّه ينبغي أيضاً إجبار غوغل على بيع نظام أندرويد إذا كانت الحلول المقترحة لا تحول دون أن تستخدم المجموعة لصالحها سيطرتها على نظام التشغيل.

وتشكّل هذه الدعوى تغييراً عميقاً في استراتيجية الهيئات التنظيمية التابعة للحكومة الأميركية والتي تركت عمالقة التكنولوجيا لحال سبيلهم منذ فشلها في تفكيك مايكروسوفت قبل عقدين من الزمن.

ومن المتوقّع أن تعرض غوغل دفوعها على هذا الطلب في ملف قضائي تقدمه الشهر المقبل، على أن يقدّم الجانبان قضيتهما في جلسة استماع تعقد في أبريل (نيسان).

وبصرف النظر عن القرار النهائي الذي سيصدر في هذه القضية، فمن المتوقع أن تستأنف غوغل الحكم، مما سيطيل العملية لسنوات وربما يترك الكلمة الأخيرة للمحكمة العليا الأميركية.

بالمقابل، يمكن أن تنقلب القضية رأسا ًعلى عقب بعد أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في يناير (كانون الثاني).

ومن المرجح أن تقوم إدارة ترمب بتغيير الفريق الحالي المسؤول عن قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل.