سقوط مادونا من فوق المسرح.. وسفاح «داعش» يتصدران الإعلام البريطاني

الصحافة الأميركية: إحباط بسبب روسيا.. والأزمة الأوكرانية مستمرة

كشف هوية سفاح «داعش» تصدر الصحافة عبر الأطلسي (أ.ف.ب)
كشف هوية سفاح «داعش» تصدر الصحافة عبر الأطلسي (أ.ف.ب)
TT

سقوط مادونا من فوق المسرح.. وسفاح «داعش» يتصدران الإعلام البريطاني

كشف هوية سفاح «داعش» تصدر الصحافة عبر الأطلسي (أ.ف.ب)
كشف هوية سفاح «داعش» تصدر الصحافة عبر الأطلسي (أ.ف.ب)

وجدت الصحف البريطانية في حفل جوائز الموسيقى البريطاني «بريت أووردز» قصة ترفيهية تخفف على القارئ حدة القضايا السياسية والاقتصادية الساخنة مع اقتراب نهاية الأسبوع. وتصدر موقف محرج تعرضت له المغنية المخضرمة مادونا أثناء حفل زاخر بالنجوم في لندن عناوين الصحف البريطانية، أمس (الخميس)، مع صور لها وهي تسقط للخلف من فوق المسرح، متعثرة في عباءة سوداء.
ومن صحيفة «غارديان» المرموقة وصولا إلى صحيفة «صن» الشعبية كان سقوط مادونا هو الحدث الأبرز الذي طغى على أي شيء آخر في حفل «بريت أووردز» السنوي الذي أقيم أول من أمس (الأربعاء). جاء سقوط مادونا أثناء تأديتها أغنية «ليفينغ فور لاف» بعد أن فشلت في خلع العباءة التي ترتديها ضمن الزي المصمم للعرض الفني، قبل أن يساعدها الراقصون على النهوض مجددا.
كما تناول التقارير الإعلامية أن مسؤولي الاستخبارات البريطانيين تمكنوا من تحديد هوية متطرف تنظيم داعش الذي ظهر في لقطات الفيديو الخاصة بالتنظيم وهو يقوم بذبح كثير من الرهائن، مبديا فيه علامات السخرية والاستهزاء. وقالت هيئة البث البريطاني (بي بي سي) البريطانية إنها «علمت أن الشخص الذي يُعرف بالاسم المستعار جون هو محمد الموازي المشتبه في أنه الشخص الذي ظهر في تسجيلات ذبح الرهائن، ويُعتقد أنه بريطاني من غرب لندن، ومعروف لأجهزة الاستخبارات البريطانية. وذكرت «بي بي سي» أن أجهزة الاستخبارات فضلت عدم الكشف عن اسمه الحقيقي في وقت سابق، نظرا لأسباب خاصة بعمليات الأجهزة الأمنية.
في تقريرها ليوم الخميس قالت صحيفة «تايمز» تحت عنوان «بوتين مستعد لإيقاف إمدادات الغاز عن أوروبا»، إن روسيا تهدد بإيقاف الغاز عن أوروبا خلال أيام، وبهذا فإنها مستعدة لفتح جبهة جديد في المجابهة بين الغرب وروسيا بخصوص الوضع في أوكرانيا. وكانت قد تناولت الصحف خلال الأسبوع تصريحات السفير الروسي في بريطانيا، ألكسندر ياكوفينكو، الذي انتقد فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشدة على خلفية إعلان كاميرون اعتزام بلاده إرسال 75 مدربا عسكريا لأوكرانيا.
وقال السفير الروسي على صفحته بموقع «تويتر» للتغريدات القصيرة إن الإجراء الذي أعلن عنه كاميرون يوم الثلاثاء يدل على أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) مشارك بالفعل في النزاع الأوكراني. وكانت قد أوردت الصحف إعلان كاميرون عزم بلاده إرسال مدربين عسكريين لأوكرانيا.
صحيفة «غارديان» استمرت بتغطيتها لأزمة مصرف «إتش إس بي سي» ومثول رئيس البنك دوغلاس فلينت أمام لجنة برلمانية بريطانية ليجيب حول عمليات فرعه في جنيف المتهم في تبيض الأموال، ومساعدة شخصيات على التهرب من الالتزامات الضريبية.
كما استمرت الصحف بتغطيتها للفضيحة التي طالت وزيري خارجية سابقين في بريطانيا؛ المحافظ مالكلم ريفكيند والعمالي جاك سترو، وذلك بعدما تم تصويرهما وهما يعرضان استغلال منصبهما لصالح شركة وهمية في هونغ كونغ مقابل المال. وظهر العضوان بالبرلمان اللذان تم تصويرهما بكاميرا خفية خاصة بالقناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني وصحيفة «ديلي تلغراف»، وهما يحددان المبلغ الذي يريدان الحصول عليه مقابل التواصل مع شركة علاقات عامة وهمية.
واستمرت التغطية بعدما قرر ريفكيند أنه سيترك منصب رئيس لجنة الأمن والمخابرات في البرلمان وسيترك مقعده في مجلس العموم في مايو (أيار) المقبل بسبب الفضيحة. وقال ريفكيند في بيان استقالته أن المزاعم المثارة حوله «وضيعة»، وأنه لن يُعَلق عليها بأكثر من ذلك.
وقال إنه يعتزم مواصلة عمله السياسي والعام بعد تركه البرلمان.
وانصبّ اهتمام الصحف البريطانية الصادرة أول من أمس على الكشف عن هوية سفاح «داعش» الذي نفذ عددا من عمليات ذبح رهائن تنظيم داعش.
وقالت افتتاحية صحيفة «الإندبندنت» التي جاءت بعنوان «روح ضالة» إنها «تكشف عن فجوة دينية وثقافي». وتقول الصحيفة: «مع اتضاح التفاصيل عن خلفية محمد الموازي، الذي يعتقد أنه (جون المتطرف)، من الصعب تجنب هذا الإحساس أن بريطانيا شابا يشعر بالانفصال التام عن هذا البلد، حتى إنه يفضل أن يعارض قيمه وشعبه بهذه الطريقة شديدة الوحشية».
وتقول الصحيفة إنه «يُعتقد أن الموازي كان يعيش حياة ميسورة في غرب لندن، وإنه قدم إلى بريطانيا وهو في السادسة من العمر. وكان يرتدي ملابس عصرية أنيقة وتخرج في جامعة ويستمنستر، إذ درس علوم الحاسب الآلي. كان على ما يبدو شابا عاديا».
وترى الصحيفة أنه نظرا لحياته العادية يبدو تحول الموازي إلى «فتى الغلاف» لعنف المتطرفين ضد رهائن غربيين أبرياء أمرا يستعصي على الفهم. وتستدرك الصحيفة أنه ليس حالة فريدة في التخلي عن الحياة في بريطانيا لقتل الآخرين في سوريا، إذ تشير تقديرات رسمية إلى أن نحو 600 بريطاني ذهبوا للقتال في سوريا والعراق.
وتضيف أن حالة الموازي بارزة ضمن كثيرين سافروا للقتال لأنه أصبح رمزا للازدراء الشديد الذي يكنه تنظيم داعش لحياة معارضي قضيته. وترى الصحيفة أيضا أن مسار الموازي صوب التطرف مثير للاهتمام لمعرفة الأجهزة المخابراتية والأمنية به منذ عام 2009، والاعتقاد أن «الملاحقات والمضايقات التي لا داعي لها من قبل المخابرات أسهمت في إحساسه بالعزلة والتهميش عن المجتمع».
وتقول الصحيفة إنها أعدت تقريرا منذ 5 سنوات خلص إلى أن استراتيجيات الحكومة البريطانية لمكافحة الإرهاب أثبتت إخفاقها بسبب مثل هذه المضايقات».
وتقول الصحيفة إن نتائج الاستطلاع الذي أجرته «بي بي سي» عن آراء المسلمين البريطانيين يؤكد فكرة أن محاربة التطرف لا يمكن تركها للشرطة والمخابرات.
وتضيف الصحيفة أن 20 في المائة من المسلمين البريطانيين الذين استطلعت «بي بي سي» آراءهم يرون أن المجتمع الغربي الليبرالي لا يمكن أن يتماشى مع الإسلام يوضح مستوى مدمرا من الانعزال والانفصال، وأن التغلب عليه مهمة للمجتمع بأسره من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
وننتقل إلى افتتاحية صحيفة «الإندبندنت» التي جاءت بعنوان «حقيقة الإرهاب». وتقول الصحيفة إن الهستيريا المصاحبة للكشف عن هوية الموازي، الذي ظهر في لقطات فيديو لذبح بعض رهائن غربيين احتجزهم تنظيم داعش، تخفي حقيقة رئيسية وهي أن بعض الإرهابيين سيفرّون.
وتتساءل الصحيفة: هل كان في وسع الأمن البريطاني القيام بالمزيد لمنع الموازي من خوض عالم الإرهاب؟ وتضيف أن الموازي كان معروفا لدى السلطات، بل إن المخابرات عرضت عليه العمل. ويجيب قائلا إنه كان بالإمكان منعه من السفر، ولكن هذا يعني أنه كان سيبقى حرا داخل بريطانيا، وسيكون بإمكانه شن هجمات داخل بريطانيا.
وتقول الصحيفة إنه يمكن دائما عمل المزيد، ولكن الطريقة الوحيدة لضمان عدم قيام المشتبه به بأي جرائم إرهابية هي التحفظ على المشتبه بهم واحتجازهم دون إثبات الاتهام. وهذا يعني قيام دولة بوليسية تركز اهتمامها على فئة واحدة فقط من المجتمع، أغلب من فيه يلتزمون بالقانون ولا يرغبون إلا في توفير حياة كريمة لأسرهم.
بالنسبة للإعلام الأميركي، بدأ الأسبوع وانتهى بعلامات إحباط تعكس المزاج الأميركي، وتعكس رأي المسؤولين في موضوعين هامين: روسيا و«داعش».
بدأ الأسبوع بتصريحات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» عن قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه من غير المرجح وقوع حرب مباشرة مع أوكرانيا. لكن رفض بوتين عقد مزيد من الاجتماعات مع قادة فرنسا، وألمانيا، وأوكرانيا حول وقف الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا. وقالت الصحيفة إن بوتين لم يغير رأيه منذ أن بدأت مشكلة أوكرانيا، ولن يغير رأيه، وإن الغرب يجب أن يصل إلى هذه القناعة، وربما ستعود الحرب الباردة مرة أخرى.
ولتأكيد ذلك اليأس، نقل تلفزيون «سي إن إن» صور سحب أسلحة الجيش الأوكراني الثقيلة من الجبهة، رغم أن الجيش لا يزال يتعرض للهجوم من قوات المتمردين، حتى بعد وقف إطلاق النار. وفي بداية الأسبوع، أيضا، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا عن نشاطات منظمة داعش في دول الشرق الأوسط، أوضح أنها الآن في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن، وأنها تخطط لدخول الأردن ولبنان والخليج، وعكس التقرير تشاؤما من أن مشكلة «داعش» تتفاقم ولا تتقلص.
وفي منتصف الأسبوع، غطت أخبار داخلية على التغطية الإعلامية الأميركية:
قرار عمدة واشنطن العاصمة أن تنضم إلى ولايات ألاسكا، وكولورادو، وواشنطن، وهي الأماكن الوحيدة في الولايات المتحدة التي تسمح باستخدام حشيشة الماريغوانا لأغراض ترفيهية. وقرار لجنة الاتصالات الاتحادية (إف سي سي) منع أي حظر أو حجر، على مقدمي خدمات الإنترنت واعتبارها من المرافق العامة، وتأكيد قواعد الحياد الكامل فيها، وفي الأجهزة الإلكترونية التي تسيرها.
واستعمل الرئيس باراك أوباما حق الفيتو، واعترض على مشروع قانون كان أصدره الكونغرس بالموافقة على خط أنابيب «ترانس كيستون»، بين الرمال النفطية الكندية والمصافي في خليج المكسيك (تلفزيون «إيه بي سي»).
وأقرت محكمة في تكساس بأن إدي روث مذنب بقتل «أميركان سنايبر» (قناص أميركا) كريس كيبل، الذي كان قتل مئات في العراق خلال الاحتلال الأميركي. وحكم على روث بالسجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط (صحيفة «دالاس مورننغ نيوز»).
وفي شيكاغو، كما نقل تلفزيون «إيه بي سي»، مني صديق الرئيس أوباما، العمدة رام إيمانويل، بهزيمة عندما لم يقدر على الفوز بأكثر من نصف الأصوات في الانتخابات التمهيدية ليستمر عمدة على المدينة. وسيذهب الناخبون في الأسبوع المقبل إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 50 من أعضاء المجلس المحلي. وستكون هناك جولة إعادة بين إيمانويل ورئيس مقاطعة كوك (التي فيها مدينة شيكاغو) جوشا غارسيا.
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» خبر اعتراف روبرت ماكدونالد، وزير المحاربين القدامى، بأنه كذب عندما ادعى أنه خدم في «سبشيال فورسيز» (القوات الخاصة في الجيش الأميركي).
ومع نهاية الأسبوع، عرض تلفزيون «فوكس» معلومات كثيرة، ومثيرة، عن الممثل الأميركي ليونارد نيموي الذي اشتهر بدور «سبوك» في سلسلة أفلام «ستار وورز» (حروب النجم)، حيث توفي وعمره 83 عاما من مضاعفات مرض الانسداد الرئوي.
وتناقل مليونا شخص في الإعلام الاجتماعي، بالإضافة إلى الإعلام التقليدي، فيديو الفنانة مادونا وهي تقع من على المسرح أثناء أداء أغنيتها «ليفينغ فور لاف» (أعيش من أجل الحب).
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» خبر ذبح أفيجيت روي، كاتب بنغلاديشي - أميركي، ذبح في بنغلاديش على يد متطرفين.
ومع نهاية الأسبوع، كانت هناك أخبار أكثر فظاعة.
ركز تلفزيون «سي إن إن» على جون المتطرف «سفاح داعش»، الشخص الذي ظهر في عدة شرائط فيديو وزعها «داعش» وهو يذبح رهائن غربيين، والذي تأكد أنه محمد الموازي، بريطاني ولد في الكويت.
وأيضا، شريط فيديو وزعه «داعش»، يظهر تدمير متحف الموصل، ثاني أكبر متحف في العراق، والغني بالقطع الأثرية من آلاف السنين من التاريخ العراقي.
ومع نهاية الأسبوع، مثل بدايته، جاءت أخبار مزيد من اليأس عن أي تحسن في العلاقات بين الغرب وروسيا: قتل بوريس نيمتسوف، من زعماء المعارضة في روسيا. وكما كانت «نيويورك تايمز» قالت في بداية الأسبوع، يبدو أن روسيا لن تتغير، وبالتالي، يبدو أن الحرب الباردة عائدة لا محالة.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.