«الحواوشي» يدخل «أفران التجريب» بوصفات جذابة

مزيج من الخضراوات مع الجبن والسجق والبسطرمة

TT

«الحواوشي» يدخل «أفران التجريب» بوصفات جذابة

تفوح رائحته من داخل الأفران أو فوق الفحم المشتعل فلا يخطئها أنف، فلا شيء يضاهي قرمشة أطرافه بمذاقه الساخن الشهي، لا سيما إذا كانت مُتبلة بـ«الشطة» الحارة، فضلاً عن ذلك ما تشهده صناعة الحواوشي من «تجريب» طرق مبتكرة لم تكن معهودة من قبل زاد من المُقبلين عليه.
فالشهرة التي يحظى بها «الحواوشي» جعلت منه ماركة مصرية حصرية، فهذا الساندويتش الذي يتكون ببساطة من اللحم المفروم داخل الخبز، مع مزجه بالخضراوات مثل البصل والبقدونس، وإضافة الفلفل والتوابل، يعد إحدى الوجبات التي تحتل مكاناً بين الأكلات الشعبية التي تشتهر بها مصر مثل الكشري والفول والفلافل.
ويمكن أن تشتم رائحة ساندويتش «الحواوشي»، أو «رغيف الحواوشي» إذا ما تجولت في شوارع مصر القديمة، على سبيل المثال، أو بجوار أحد المحال المتخصصة في صناعته مثل «الرفاعي»، أو «علي بتاع الحواوشي»، أو «سلطان الحواوشي».
فكثير من المطاعم باتت تتفنن في تجهزيه وتسويته، وبطرق مختلفة، وكذلك تستغل محال الجزارة لتوفر اللحوم لديها وتعمل على تقديم «الحواوشي» لزبائنها، فضلاً عن ذلك، تفضل كثير من ربات البيوت تحضيره في المنزل بسبب مذاقه المحبب للجميع.
ورغم شهرته الواسعة، فإن بدايات «الحواوشي» التاريخية غير متفق عليها، لكنه يظل صنفاً مرتبط بشكل أكبر بالطبقات الشعبية، كما يوجد منه بخلاف النوع المعروف الذي يُعد بالخبز البلدي، نوع آخر هو «الحواوشي الإسكندراني»، نسبة لمدينة الإسكندرية، حيث تم فيها استبدال العجين المحشو باللحم بالخبز البلدي، ومن ثم إدخاله إلى الفرن حتى يتم النضج، ما جعله يأخذ رواجا كبيرا في المدينة الساحلية بسبب مذاقه المحبب.
قبل سنوات أدخلت ابتكارات عدة على الحواوشي، حيث أضيفت إليه بعض الخضراوات مثل الطماطم والفلفل والزيتون، أو زيادة بعض المكونات التي تضفي مذاقا ونكهات إضافية على الساندويتش، مثل الجبن والسجق والبسطرمة.
ولعل من أبرز هذه الابتكارات ما أقدم عليه مطعم «الرفاعي»، الذي يعد من أشهر مطاعم إعداد الحواوشي في مصر، حيث تنتشر له فروع في أنحاء القاهرة، وتشهد إقبالا كبيرا من عشاق ساندويتش الحواوشي.
من داخل فرعه الرئيسي بوسط القاهرة، وتحديدا منطقة عابدين، تفوح رائحة الحواوشي التي يمكن تمييزها عن بُعد، والتي تجتذب مئات الرواد من عشاق الرغيف الشعبي، يقول رامي الرفاعي، مالك المطعم: «تتطلب طريقة إعداد ساندويتش الحواوشي فنا خاصا، فهو ليس مجرد وضع اللحم في رغيف من الخبز، وإن كان يبدو ذلك سهلا للبعض، فهو يحتاج لطريقة في تتبيل اللحم والتسوية، حتى التقديم، لذا فنحن نرفع شعارا خاصا بنا، أصبح وسما (هاشتاج) بعد ذلك، هو (#مش_أي_حاجه_في_رغيف)، قاصدين من ذلك أن رغيف الحواوشي ليس فقط في وضع اللحم وحشوه داخل الخبز ثم إدخاله إلى الأفران».
يتابع: «تختلف لمسات طريقة تجهيز الحواوشي من مطعم لآخر، ولدينا في مطعم (الرفاعي) لنا لمساتنا وبصماتنا الخاصة على رغيف الحواوشي جعلت منه علامة مميزة يعرفها كل من أقدم على تجربته». مشيراً إلى أن هذا الإقبال تقف وراءه خبرة طويلة في عالم اللحوم منذ نهاية ستينات القرن الماضي، ويختلف لدينا مذاق الحواوشي مع اختيار نوعية اللحم الذي يتم تقديمه داخل الساندويتش، ثم تغيير الخبز المعتاد استخدامه.
وتابع: «المعتاد تقديم الحواوشي في الرغيف البلدي صغير الحجم، لكننا قمنا باستبدال الخبز الأبيض كبير الحجم به، الذي تصنع عجينته خصيصا لنا بخامات معينة، ثم يأتي بعد ذلك سر التتبيل أو الخلطة التي نقدم بها ساندويتش الحواوشي، وهي سبب مذاقنا المختلف، كما لنا اختياراتنا للمكونات الأخرى مثل الطماطم والفلفل وغيرها، وهو ما يضمن لنا في النهاية جودة ساندويتش الحواوشي».
ولفت إلى أن رغيف الحواوشي يعد من أرخص الوجبات وأكثرها إشباعا، وبالتالي يناسب جميع الفئات الاجتماعية، رغم أن اللحم مكون رئيسي للرغيف.
وتكتسب مطاعم «الرفاعي» شهرتها أيضا نظرا للابتكارات التي تم إدخالها على ساندويتش الحواوشي، يقول صاحب الفروع: «قمنا بتطوير الحواوشي، فوضعنا بداخله، ولأول مرة، الجبن الشيدر، وكذلك عدة أصناف من الخضراوات، كما وضعنا بعض المكونات غير المعتادة، وهو ما حوّل رغيف الحواوشي لدينا إلى اختراع خاص بنا غيرنا به مفهوم الحوواوشي التقليدي».
تضم قائمة المطعم بهذه الابتكارات نحو 10 أنواع من الحواوشي، أبرزها الحواوشي السادة وبالخضراوات، وبالجبن الشيدر، والسجق، والسجق بالجبن، وبشرائح البسطرمة، بالإضافة إلى التركي المدخن، وحواوشي اللحم الضأن.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».