نواب لبنانيون يطالبون «الداخلية» بتفعيل مكافحة المخدرات

الوزير فهمي أكد أهمية استعادة الثقة بالصادرات الزراعية

الوزير محمد فهمي مع النواب أمس (الوطنية)
الوزير محمد فهمي مع النواب أمس (الوطنية)
TT

نواب لبنانيون يطالبون «الداخلية» بتفعيل مكافحة المخدرات

الوزير محمد فهمي مع النواب أمس (الوطنية)
الوزير محمد فهمي مع النواب أمس (الوطنية)

يسعى لبنان إلى إعادة الثقة مع الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، عبر تنفيذ الإجراءات الأمنية الآيلة إلى ملاحقة تجار ومهربي وصانعي المخدرات وتوقيفهم وإحباط مساعيهم، إثر تحويل لبنان إلى ممر لتهريب المخدرات إلى المملكة ما دفعها لوقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية.
وطالب نواب لبنانيون وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أمس، بتسريع الخطوات الإجرائية المتخذة لإعادة الثقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية عقب اتخاذ لبنان إجراءات لضبط المعابر الحدودية ومكافحة المخدرات.
واجتمعت لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني أمس، وحضور المقرر النائب علي بزي والنواب ميشال ضاهر وشوقي الدكاش وأمين شري، بوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي في مقر الوزارة، وذلك لبحث موضوع التصدير إلى المملكة العربية السعودية. وناقش المجتمعون السبل الأفضل لتعزيز الثقة بين المملكة ولبنان وذلك بعد الخطوات التي اتخذتها الدولة اللبنانية لضبط المعابر ومكافحة المخدرات، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. وعبّر النواب عن آرائهم أمام فهمي، وطالبوا بتسريع الخطوات الإجرائية المتخذة لإعادة الثقة بين البلدين.
وطمأن الوزير فهمي الوفد النيابي إلى أنه يعطي هذا الأمر الأهمية القصوى نظراً للضرر الذي يحيط بالمحاصيل الزراعية والصادرات الصناعية، واتفق الطرفان على متابعة الموضوع قريباً، وستلي هذا اللقاء اتصالات بمسؤولين لبنانيين وجهات خليجية أخرى.
وأدى تحول لبنان إلى منصة لتهريب المخدرات إلى الدول العربية خلال الأشهر الماضية، إلى أزمة أثرت على صادرات لبنان إلى الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي تعد متنفساً للبضائع والمنتجات الزراعية والغذائية اللبنانية. وتحركت السلطات اللبنانية خلال الفترة الأخيرة على خط مكافحة تصنيع المخدرات والاتجار بها، ولاحقت مروجيها ومهربيها بشكل فعال، في خطوة تهدف إلى إعادة الثقة مع الدول العربية.
وتعد الزراعة في لبنان داعماً أساسياً وباتت اليوم العمود الفقري الوحيد للاقتصاد اللبناني، الذي يعتمد على الصناعات الغذائية التي تمثل 40 في المائة من المصانع اللبنانية، بحسب ما تقول وزارة الزراعة اللبنانية. وكشف وزير الزراعة عباس مرتضى عن العمل على استراتيجية خمسية مع المنظمات الدولية، من 2021 حتى 2025. وانبثق عنها 70 مشروعاً، وتوجهت الوزارة إلى المنظمات الدولية حيث استطاعت توفير تمويل لمشاريع عديدة، وقال إنه في الأسبوع المقبل سيكون هناك إطلاق عدة مشاريع «نكون فيها إلى جانب المزارعين على كل مساحة الأراضي اللبنانية».
وتترافق محاولات لبنان لترميم الثقة مع الدول العربية، مع نشاط أمني لبناني لمكافحة التهريب والتصنيع والاتجار بالمخدرات. فخلال الأيام الماضية، دهمت قوة من الجيش اللبناني مصنعين لتصنيع المخدرات في بلدة بوداي – بعلبك في شرق لبنان، وقد ضبطت داخلهما معدات وآلات تستخدم في عملية التصنيع، وزهاء 700 كيلوغرام من حشيشة الكيف، بالإضافة إلى زهاء 1040 حبة كبتاغون. كما أوقفت قوى الأمن الداخلي تاجري مخدرات في منطقة الدورة في بيروت، إضافة إلى زبائن لهما. وأواخر الشهر الماضي، أوقفت قوى الأمن الداخلي أحد أكبر مروجي المخدرات في منطقة جبل لبنان، وذلك ضمن إطار مكافحة آفة المخدرات وخصوصاً مادة الهيرويين، وبعد توافر معلومات لدى مفرزة البحث والتدخل في وحدة الشرطة القضائية عن نقل مواد مخدرة معدة للترويج بين البقاع وجبل لبنان.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.