اتفاق عراقي ـ أميركي على إعادة انتشار قوات التحالف الدولي

ترتيبات لجولة جديدة من الحوار في يوليو أو أغسطس

مسؤولون في التحالف الدولي خلال اجتماع في المنطقة الأمنية ببغداد (أ.ف.ب)
مسؤولون في التحالف الدولي خلال اجتماع في المنطقة الأمنية ببغداد (أ.ف.ب)
TT

اتفاق عراقي ـ أميركي على إعادة انتشار قوات التحالف الدولي

مسؤولون في التحالف الدولي خلال اجتماع في المنطقة الأمنية ببغداد (أ.ف.ب)
مسؤولون في التحالف الدولي خلال اجتماع في المنطقة الأمنية ببغداد (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية أن العراق والولايات المتحدة الأميركية عقدا أول لقاء فني بين قيادتي البلدين العسكرية من أجل بحث خطة إعادة انتشار قوات التحالف خارج العراق. وقال بيان للقيادة إن الاجتماع الأول بين اللجنة العسكرية التقنية العراقية، برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري  ونظيرتها الأميركية برئاسة قائد قوات عمليات العزم الصلب في العراق الجنرال بول كالفرت جاء في إطار المحادثات الفنية الأمنية التي تم الاتفاق عليها في جلسة الحوار الاستراتيجي التي عقدت في السابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وأضاف البيان أن «الجانب الأميركي جدد تأكيد احترامه للسيادة العراقية، موضحاً أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة موجود في العراق بطلب من الحكومة العراقية لتقديم المشورة والدعم والتمكين في إلحاق الهزيمة الكاملة بعصابات (داعش) الإرهابية». وأوضح البيان أن الجانبين اتفقا «على إطار عمل للجلسات المقبلة لمناقشة العلاقة الأمنية على المدى الطويل بين دولتين تتمتعان بالسيادة الكاملة». كما تم الاتفاق أيضا «على خطة عمل لتطبيق مخرجات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، وأن تنجز الخطة خلال جلسة المحادثات المقبلة التي ستعقد في بغداد أو واشنطن، في شهر يوليو (تموز) أو أغسطس (آب) من سنة 2021 وسوف تتضمن آليات وتوقيتات محددة لاستكمال إعادة نشر القوات القتالية للتحالف الدولي خارج العراق».
وحول مخرجات هذا الحوار، يقول الخبير الاستراتيجي معن الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «نجاح الجولات السابقة بين الطرفين أدى إلى استمرار هذا الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة حيث تمكن المحاور العراقي من تحقيق نتائج إيجابية على صعيد جولات الحوار السابقة التي كانت تمثل مشكلة سواء للحكومات السابقة أو الحكومة الحالية بسبب الضغوط التي تمارسها قوى سياسية لتحقيق هدف واحد وهو سحب القوات الأميركية من العراق». وأضاف الجبوري أن «هذا الأمر كان يمثل حرجا للحكومة العراقية لكون الأسلوب المتبع من قبل القوى السياسية سواء كانت ميليشيات أو فصائل مسلحة لا سيما القريبة من إيران يمثل إشكالية كبيرة للدبلوماسية العراقية والحكومة العراقية كما يعطي انطباعا لدى الآخرين بأن الحكومة العراقية غير قادرة على كبح جماح هذه القوى من ناحية كما يعطي مؤشرا سلبيا بأن الوضع الأمني منفلت وليس تحت السيطرة فضلا عن التأثيرات السلبية الأخرى لذلك، لا سيما على الاقتصاد حيث تحول العراق إلى بيئة طاردة للاستثمار».
وأوضح الجبوري أنه «وبناء على هذه المعطيات انطلقت المفاوضات الفنية بين القيادتين العسكريتين والتي تمثل الجولة الرابعة من الحوار العراقي - الأميركي التي تأتي أيضا في ظل إدارة الرئيس جو بايدن التي ربما لديها مرونة واستعداد لتفهم الواقع في العراق وتفهم موقف الحكومة العراقية كما يأتي في ظرف تخوض فيه أميركا وإيران مفاوضات في فيينا حول الملف النووي وما يمكن أن تستثمره إيران من أوراق ضغط في هذا السياق».
وبين الجبوري أن «المؤمل أن تحقق هذه الجولة نتائج أكثر رسوخا ووضوحا لكون الجولات السابقة كانت قد مهدت لهذه الجولة وهو بحد ذاته مؤشر نجاح ويتوقع أن تكون هناك مخرجات تصب في صالح الحكومة العراقية بالدرجة الأولى والتفهم الأميركي أصبح واضحا الآن بشأن ما تتعرض له الحكومة العراقية من الضغوط»، مؤكدا أن «كل المعطيات على الأرض تؤكد أن العراق سيدخل مرحلة جديدة في إطار اتفاقه مع الولايات المتحدة الأميركية بما في ذلك إعادة انتشار تلك القوات وتقليص المقاتلين الموجودين في العراق حيث سيبقى هذا الوجود في إطار الاستشارة والدعم اللوجيستي والاستخبارات وخبراء القوة الجوية فقط».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.