السودان: القاعدة الروسية رهن تلبية شروطنا

الخرطوم توقف التفاهمات مؤقتاً مع موسكو

سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

السودان: القاعدة الروسية رهن تلبية شروطنا

سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سفينة حربية روسية بميناء بورتسودان في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

أبلغ مسؤول رفيع في الحكومة السودانية «الشرق الأوسط» أن بلاده لم تلغ أو تنسحب من الاتفاق مع روسيا في إقامة قاعدة عسكرية بالقرب من الميناء الرئيسي بورتسودان في البحر الأحمر، في تعليق للسودان على حديث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغداندف، أن السودان لم ينسحب من اتفاق مع روسيا بشأن إقامة القاعدة.
وذكر المسؤول السوداني الذي فضل حجب اسمه، أن القرار صدر عن مجلس السيادة الانتقالي بوقف التفاهمات والنقاش مع الجانب الروسي في هذه المسألة لعدم وفائه بما تم الاتفاق عليه من شروط بين البلدين، ورفض المسؤول الكشف عن المزيد من التفاصيل لحساسية المعلومات.
وأضاف المسؤول أنه متى ما أوفت روسيا بالشروط سنعود للنقاش مرة أخرى حول الاتفاقيات العسكرية بشأن القاعدة، مشيراً إلى أن حديث رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، بالنظر في مراجعة محتملة للاتفاقية مع روسيا، يتسق تماماً مع الموقف الرسمي للحكومة. وأوضح المسؤول أن «ما تم هو تجميد النقاش وليس الانسحاب من الاتفاقية كما يذهب البعض».
وكان رئيس هيئة الأركان السوداني، أشار إلى أن الاتفاق تم التوقيع عليه في عهد حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، ولم يتم المصادقة عليه من قبل البرلمان الحالي بعد التغيير الكبير الذي حدث في البلاد. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أول من أمس: «أعتقد أنه يمكن دائماً التوصل إلى حل وسط». وأكدا أن السودانيين «لم ينسحبوا من الاتفاق ولم يسحبوا توقيعهم... لديهم بعض الأسئلة التي استجدّت». ويرى مقدم متقاعد في البحرية السودانية، عمر أرباب، أن هنالك حلقة مفقودة في الأمر، وأنه قبل الانتهاء من الإجراءات لاعتماد الاتفاقية من الجانب السوداني وفقاً للإجراءات المتعارف عليها بالمصادقة في أجهزة الدولة الرسمية أصبح الوجود الروسي في البحر الأحمر أمراً واقعاً.
وأشار إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي بدأت روسيا فعلياً في الوجود في قاعدة «فلامنجو» بوصول قوات عسكرية، ورسو بعض القطع الحربية للجيش الروسي للقاعدة خلال الأشهر الماضية.
وأضاف أن هناك قفزاً في المراحل التي تتطلب أن تكون هناك لجان فنية مشتركة من الجانبين تعمل على بروتوكول الاتفاق، ومن ثم إجازة الاتفاق في البرلمان، والمصادقة عليه في مجلس السيادة. ولا يستبعد أرباب أن يكون هناك تواصل تم بين البلدين في هذا الجانب، إذ لا يمكن قانونياً إنشاء قاعدة روسية قبل استكمال المراحل المعروفة في الاتفاقيات الدولية.
وزار نائب وزير الدفاع لروسيا إسكندر فومين يرافقه وفد عسكري رفيع، في مايو (أيار) الماضي، الخرطوم، وأجرى مباحثات مع رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين ناقشت مسارات الاتفاقية. وقال الحسين بحثنا مع الوفد إعادة النظر في الاتفاقية لتحقيق مصالح السودان، وما دامت الاتفاقية لم تُعرض على المجلس التشريعي ولم يتم التصديق عليها فهي غير مُلزمة بالنسبة لنا.
وكانت المتحدثة باسم القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، سيندي كينغ، أكدت لوسائل إعلام أول من أمس، أنه لا وجود لاتفاق بين السودان وروسيا على إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان على البحر الأحمر. وأشارت إلى أن الخرطوم لم تُوقع أي اتفاق، وبالتالي لا يمكن الحكم مسبقاً على أي سياسة رسمية أو قرار في هذا الإطار. وأوضحت ينبغي سؤال سلطات الخرطوم عن مسألة السماح لروسيا بإنشاء قاعدة عسكرية داخل السودان.
وتلقى المجلس العسكري الانتقالي (المنحل) في السودان، الذي يمثله القادة العسكريون في مجلس السيادة، دعماً كبيراً من روسيا، إذ وافق فور توليه إدارة شؤون البلاد بعد سقوط البشير في أبريل (نيسان) 2019 على الإبقاء على العقود الروسية في قطاعات الدفاع والتعدين والطاقة في البلاد، وخططها مع حكومة البشير المعزولة لبناء قاعدة على البحر الأحمر.
وكان الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، طلب خلال زيارته روسيا عام 2017 من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر، بسبب مخاوفه من أي تدخلات أميركية مناوئة في الشؤون الداخلية السودانية.
وتذهب التحليلات إلى أن روسيا قابلت العرض السوداني بحماس زائد لتعزز من وجودها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وبناء قاعدة عسكرية للتمهيد لتغلغلها في القارة الأفريقية.



إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
TT

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)
اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

شنَّت الجماعة الحوثية أخيراً حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم مالياً، وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة، والمساهمة في التعبئة العسكرية.

وأكدت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة التي تنفِّذها عناصر تابعة لما تُسمَّى دائرة «التعبئة والتحشيد» الحوثية، ومكتب الاتصالات الخاضع للجماعة، أغلقت محال الإنترنت في مديريتي الوحدة ومعين، بذريعة مخالفة التعليمات ونشر محتوى برامج وتطبيقات علمية ورياضية وترفيهية، مخالفة لما تسميه الجماعة «الهوية الإيمانية».

مقر شركة «تيليمن» المزودة الرئيسية لخدمة الاتصالات الخاضع للحوثيين في اليمن (إكس)

واشترطت الجماعة الحوثية لإعادة فتح المحال، أن يقوم مُلاكها بدفع غرامات تأديبية، وتقديم محتوى يركز على نشر «الملازم الخمينية» وخطب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

واشتكى مُلاك محال إنترنت في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز تستهدفهم ومصادر عيشهم على أيدي مشرفين ومسلحين، يجبرونهم على نشر محتوى أُحادي يُحرِّض الشبان والمراهقين من مرتادي محال الإنترنت على الانضمام للجبهات.

ووفقاً لبعض السكان، فإن مسلحي الجماعة لم يتركوا المجال لأي مالك محل وشبكة إنترنت دون أن يستهدفوه، إما بالابتزاز والإغلاق، وإما بالإرغام على المشاركة في الترويج لأفكار الجماعة ذات المنحى الطائفي، وبث الأهازيج الحماسية بغية حشد المقاتلين.

وتتحكم الجماعة الانقلابية في اليمن بخدمة الإنترنت من خلال سيطرتها على شركة «تيليمن» المزودة الوحيدة للخدمة، وتحصل جميع شركات الهاتف الجوال -خصوصاً بمناطق سيطرتها- على الخدمة من الشركة.

استغلال عسكري

ويأتي التعسف الحوثي ضد محال الإنترنت متوازياً مع تقرير حديث صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة، اتهم الجماعة باستغلال إيرادات قطاع الاتصالات في الجانب العسكري، وشراء معدات الاتصال ذات الاستخدام المزدوج.

وأوضح التقرير أن جماعة الحوثي استغلت وسائل التواصل في حربها ضد اليمنيين، واستخدموا وجنَّدوا كثيراً من المشاهير في الشبكات الاجتماعية، للحديث باسم الجماعة، وتمرير أي رسائل وأجندة.

الجماعة الحوثية تستغل الاتصالات للتجسس على السكان (إعلام حوثي)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى سكان في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين، من استمرار تردي خدمة الإنترنت بصورة غير مسبوقة، لافتين إلى أن ذلك البطء تصاعد أكثر خلال الأيام القليلة الماضية.

ولفت السكان إلى وجود مساعٍ حوثية لعزلهم عن العالم، عبر التدابير المتعاقبة التي تقوم بها الجماعة، والمتصلة بخدمة الإنترنت، سواءً من حيث إضعاف الخدمة إلى درجة كبيرة، أو رفع أسعارها بصورة متكررة.

ولا يُعد هذا الاستهداف الأول لملاك محال وشبكات الإنترنت، فقد سبق للجماعة أن استهدفت أكثر من 50 ألف شبكة إنترنت محلية في مناطق سيطرتها.