كولومبيا: الحكم اليميني يتصدى للاحتجاجات الشعبية بلغة المواجهة

جائحة «كوفيد ـ 19» فاقمت تراكمات سياسية وطبقية وعرقية عديدة

كولومبيا: الحكم اليميني يتصدى للاحتجاجات الشعبية بلغة المواجهة
TT

كولومبيا: الحكم اليميني يتصدى للاحتجاجات الشعبية بلغة المواجهة

كولومبيا: الحكم اليميني يتصدى للاحتجاجات الشعبية بلغة المواجهة

طوال خمسة عقود تصدّرت كولومبيا بلدان العالم من حيث معدّلات العنف والاغتيالات، التي كانت تتوزّع بين المنظمات الإجرامية لتجارة المخدرات، والنزاع المسلّح بين الجيش النظامي وحركة مقاتلي «القوى الثورية المسلحة» التي كانت تسيطر على مناطق شاسعة في البلاد.
إلا أنه في عام 2016 وقّعت الحكومة الكولومبية، برئاسة خوان مانويل كامبوس، الذي حاز يومها جائزة نوبل للسلام، اتفاقاً تاريخياً مع الثوار اليساريين أنهى النزاع الذي كان بدأ مطلع ستينات القرن الماضي. وهذا، بينما كانت كولومبيا تفقد «زعامتها» العالمية كمنصّة لإنتاج المخدرات والاتجار بها، وتبدأ مسيرة واعدة نحو السلم الأهلي والاستقرار وتسجّل معدّلات إقليمية قياسية في النمو الاقتصادي. ولكن في نهاية أبريل (نيسان) الفائت اندلعت موجة من الاضطرابات الاجتماعية احتجاجاً على قانون الإصلاح الضريبي، سرعان ما عمّت جميع المناطق. وأسفرت هذه الاضطرابات عن مواجهات عنيفة جداً بين المتظاهرين وأجهزة الأمن... أوقعت حتى الآن ما يزيد على 50 قتيلاً وآلاف الجرحى والمفقودين، ووضعت البلاد على شفا حرب أهلية مفتوحة.

منذ بداية الاحتجاجات الشعبية الأخيرة يوم أبريل في كولومبيا – ثاني كبرى دول أميركا الجنوبية من حيث عدد السكان – لم تتوقّف الصدامات العنيفة التي انطلقت شرارتها مع المظاهرات الحاشدة المطالبة بإلغاء قانون الإصلاح الضريبي. هذا القانون كان الرئيس اليميني إيفان دوكي قد جعل منه الشعار الرئيسي لولايته، وكان يهدف من ورائه عن طريق زيادة الضرائب، إلى تخفيف أعباء الدين العام الذي تراكم بسبب من جائحة «كوفيد - 19»، وكذلك توجيه رسالة إلى أسواق المال لاستقطاب الاستثمارات الخارجية إلى البلاد.
غير أن النتيجة جاءت عكس المقصود تماماً، واشتعل بركان الرفض لسياسة الحكومة في أوسع احتجاجات شهدتها كولومبيا منذ سبعين سنة. وفي غضون أقل من شهر واحد استقال وزيرا المال والخارجية والمفوّض السامي لاتفاق السلام، وخسرت كولومبيا شرف التصفيات النهائية لبطولة «كأس أميركا» لكرة القدم. بل، أكثر من هذا، أخذت الشركات الأجنبية تلغي مشاريعها الاستثمارية في البلاد التي تقطّعت أوصالها بفعل احتجاجات شعبية ضخمة أدت إلى شلل حركة المواصلات الداخلية، واختناق الاقتصاد، في حين كانت الشرطة والأجهزة الأمنية تمارس قمعاً وحشيّاً ضد المتظاهرين؛ الأمر الذي أدّى إلى تأجيج الصدامات واستدعاء الجيش للحفاظ على الأمن في المدن الكبرى.
بين ليلة وضحاها كانت كولومبيا تحاول النهوض من نزاع داخلي مديد ودموي، إلا أنها استفاقت لتجد نفسها داخل نفق مظلم أعاد إليها أشباح الماضي الذي ظنّ كثيرون أنها طوت صفحته. ومن ناحية أخرى، لئن كانت الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع المتفجّر ما زالت موضع نقاش، فإن ثمّة توافقاً على أن تداعيات الجائحة التي رفعت معدّلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة، كانت هي الصاعق الذي اشعل فتيل الاحتجاجات في هشيم اجتماعي راكم الإحباط طوال عقود.

- الوضع مفتوح على كل الاحتمالات
المراقبون داخل كولومبيا وخارجها يجدون راهناً صعوبة كبيرة في التنبؤ بمسار هذه الأزمة المفتوحة على كل الاحتمالات. بل ثمّة من يحذّر من تكرارها قريباً في بلدان أخرى، وبين هؤلاء رئيس الجمهورية الذي يرى نفسه محاصراً من كل الجهات. فمن ناحية، الأسرة الدولية تؤنبه على الإفراط في استخدام العنف ضد المتظاهرين. ومن ناحية مقابلة، يلومه معسكره السياسي على ما يراه «ليونة» في قمع الاحتجاجات... وهذا، بينما تتهمه المعارضة اليسارية بالعجز عن فتح قنوات الحوار لإنهاء النزاع.
حقيقة الأمر، أن دوكي يواجه صعوبة كبيرة في استعادة زمام المبادرة ومحاولة فكّ هذا الحصار السياسي الذي يتعرّض له من كل الجهات في أخطر أزمة عرفتها كولومبيا منذ عقود. والحال، أنه بعدما طلبت الأمم المتحدة فتح تحقيق حول أداء الشرطة والأجهزة الأمنية، والأنباء عن مواكبة عناصرها لمسلّحين مدنيين كانوا يطلقون النار على المتظاهرين، أوفد الرئيس دوكي وزير الخارجية الجديدة مارتا راميريز إلى العاصمة الأميركية واشنطن سعياً وراء احتواء الضرر الدبلوماسي والحصول على دعم الإدارة الأميركية. بيد أن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الذي سبق له أن أعرب عن قلقه من الخسائر البشرية التي وقعت في المواجهات وقدّم تعازيه لأسر الضحايا، شدّد في نهاية لقائه مع نظيرته الكولومبية على «الحق الثابت للمواطنين في التظاهر سلميّاً وعدم التعرّض للعنف على يد الأجهزة الأمنية». وتجدر الإشارة أن الرئيس الكولومبي اليميني كان قد راهن على إعادة انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ هو ما أدى إلى استياء واسع في معسكر الحزب الديمقراطي الأميركي الذي انتقدت قياداته في الآونة الأخيرة أداء الحكومة الكولومبية في مواجهة الاحتجاجات. ثم إن بعض الساسة الديمقراطيين طالبوا صراحة بوقف المساعدات السخيّة التي تقدّمها واشنطن إلى كولومبيا التي تعتبر إحدى الركائز الأساسية لسياستها في القارة الأميركية.
على صعيد متصل، كان الرئيس دوكي قد توجّه إلى مدينة كالي، ثالث كبرى المدن الكولومبية، بعد العاصمة بوغوتا والمدينة الثانية ميديجين. وكان قد سقط في كالي بنهاية الأسبوع الماضي 14 قتيلاً، وأصيب 98 بجراح، منهم 54 تعرضوا لإصابات بعيارات نارية. ومن ثم، أعلن نشر 7 آلاف من عناصر القوات المسلّحة للحفاظ على الأمن في تلك المدينة التي تحوّلت إلى البؤرة الرئيسة للاحتجاجات. وقال دوكي، إن الدولة «لا يمكن أن تسمح بوجود جُزرٍ في البلاد تعمّها الفوضى». وتعهد بأن «القوات المسلحة ستمنع أعمال التخريب والشغب التي تهدد الأمن والاستقرار»، رافضاً التفاوض مع المتظاهرين حول فتح «معابر إنسانية» وإعادة فتح الطرقات. وأكد بلهجة تصعيدية «إن الحكومة ستلجأ إلى كل الوسائل المتاحة لإنهاء هذا الوضع الذي يشكّل تهديداً لكل المواطنين ويشلّ الحركة الاقتصادية ويدمّر فرص العمل».

- تشخيص الحكومة للأزمة
في تشخيص الحكومة اليمينية للأزمة ومسبباتها تأتي في المقام الأول محاولة المعارضة استغلال الظروف المعيشية الصعبة لتحقيق مكاسب سياسية على أبواب الانتخابات المرتقبة في العام المقبل. وفي هذا الإطار، ينبّه دوكي بأن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة «كوفيد - 19»، «أدّت إلى ظهور حركات شعبوية ومتطرفة وديماغوجية في العديد من البلدان». وبالتالي، حذّر من أن هذه الانفجارات الاجتماعية لن تلبث أن تصل إلى العالم اجمع. وأردف قائلاً «اليوم كان دورنا، لكن في الأشهر والسنوات المقبلة سنشهد حالات مماثلة في بلدان أخرى. لذلك؛ وجب علينا معرفة اين أخطأنا التصرّف، ولكن التردد في تحمّل المسؤولية لهو بمثابة قنبلة موقوتة لن تتأخر في الانفجار».
هذا، كما سبق تشخيص الحكومة، إلا أن القراءة الموضوعية للمشهد الاحتجاجي الكولومبي، الذي أشعل هذه الأزمة، تستدعي استحضار عوامل ومعطيات أخرى لمنع الانزلاق الأخير نحو الفوضى، وعودة المنظمات الإجرامية والمغامرات السياسية المشبوهة التي سيطرت على البلاد في العقود الماضية. إن النداء الذي صدر أواخر أبريل الفائت عن اللجنة المعترضة على الإصلاح الضريبي - والتي تضمّ بشكل أساسي التنظيمات النقابية - سرعان ما أدى إلى تعبئة واسعة بين الشباب والمنظمات الاجتماعية للمتحدّرين من أصول أفريقية وشعوب أصليّة (هنود حمر) لها مطالبها التاريخية الخاصة. وكان لهذه المنظمات والتنظيمات الطلابية الدور الأساسي في ضرب الحصار الاجتماعي الواسع على الحكومة، وإجبارها على سحب مشروع الإصلاح الضريبي من البرلمان، أن هذه الجماعات هي التي دفعت الثمن الأعلى من الضحايا والجرحى في المواجهات العنيفة مع القوى الأمنية.
وثمة شبه إجماع على أن الشرطة كانت أفرطت باستعمال العنف لمواجهة المتظاهرين؛ الأمر الذي أدّى إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومن ثم، إلى اتساع دائرة الاحتجاجات التي شملت كل أنحاء البلاد، وتصاعد الانتقادات الشديدة للحكومة... التي وجدت نفسها في عزلة شبه تامة، رغم تراجعها عن مشروع الإصلاحات، وإعلانها مُجبرة القبول بفتح حوار مع المتظاهرين.
وعلى الرغم من أن اللجنة المعترضة على الإصلاحات قد دعت إلى التظاهر وراء مطالب اجتماعية واقتصادية محددة، مثل ضمان دخل أساس لكل المواطنين، وإنهاء التمييز العرقي، وتعزيز مؤسسات الرقابة على الأجهزة الأمنية، فاقم الوضع موقف الحكومة. إذ أصرّت الحكومة اليمينية على تحميل المعارضة السياسية مسؤولية إذكاء نار الاحتجاجات ودفعها نحو أعمال العنف والشغب، متجاهلة مفعول القمع الوحشي الذي مارسته القوى الأمنية المعروفة بانحرافاتها إلى جانب التنظيمات اليمينية المسلّحة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التنظيمات كانت لعبت دوراً بارزاً وخطيراً في قمع الحركات الثورية واحتجاجات السكّان الأصليين، بتغطية من القوات المسلحة ومن دون أي محاسبة قانونية.

- شرائح المعترضين الواسعة
على صعيد آخر، يتبيّن بوضوح في آلاف المظاهرات التي تعمّ جميع أنحاء كولومبيا أن مشاركة شرائح واسعة ومتنوّعة من الشباب والعاطلين عن العمل والنساء والشعوب الأصلية والجماعات المتحدّرة من أصول أفريقية، لا تعكس فحسب صورة المشهد السياسي أو الانتخابي، بل هي أيضاً نسخة مطابقة ومعبّرة لمشهد الفقر والإحباط والبطالة الذي يخيّم على كولومبيا.
هذا المشهد تفاقم بفعل جائحة «كوفيد - 19»؛ إذ تدلّ الإحصاءات الأخيرة التي أجرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية وحوض البحر الكاريبي على أن نسبة 42 في المائة من سكان كولومبيا يعانون الجوع، وأن نسبة البطالة بين الشباب تجاوزت 25 في المائة. ويضاف إلى ذلك كله، أن اتفاق السلام يتعثّر تنفيذه منذ توقيعه في عام 2016؛ ما يؤدي إلى انفجارات متواصلة لحالات التوتّر الكامنة التي يهدف هذا الاتفاق، أصلاً، إلى معالجتها.
واليوم، يخشى المراقبون الدوليّون - المساهمون في دعم اتفاق السلام التاريخي الذي أنهى أطول نزاع أهلي مسلّح في أميركا اللاتينية – جدياً من أن يؤدي انسداد أفق الخروج من هذه الأزمة إلى انهيار الاتفاق الذي تسعى الأمم المتحدة والقوى الإقليمية للبناء عليه باتفاقات مشابهة في المنطقة.
وحقاً، يحذّر المحللون من عواقب تجريم الاحتجاجات وحصرها في خانة الشغب والتطرّف العبثي والفوضى. أيضاً يحذّرون من عواقب تجاهل المطالب المحقّة التي تهدف إلى تغيير اجتماعي حقيقي بعد عقود طويلة من الإحباط وآلاف الاتفاقات والوعود التي لم تنفّذ. ومن هذا المنطلق، فإنهم يدعون إلى خطة إنقاذ عاجلة تلبّي بعض مطالب المتظاهرين... الذين بات من الواضح أن الحوار وحده ما عاد كافياً لسحبهم من الشوارع. وحول هذه النقطة، تقول كلوديا لوبيز، رئيسة بلدية العاصمة بوغوتا، أن «على الحكومة أن تفتح قنوات الحوار الفعلي سريعا مع الشباب الذين ينزلون كل يوم إلى الشوارع؛ لأن الغالبية بينهم لا تدرس ولا تعمل... وهي التي تتألم وتشعر بالإحباط أمام انسداد آفاق المستقبل ولا تجد من يصغي إليها».
إلا أن رئيس الجمهورية إيفان دوكي، من ناحيته، يجد صعوبة كبيرة في اتخاذ موقف على المسافة ذاتها بين المتظاهرين الذين يعترف بأن معظم مطالبهم محقّ ويعرب عن استعداده للحوار معهم، وبين معسكره السياسي اليميني - المدعوم من قيادات الأجهزة الأمنية والقوات المسلّحة - الذي يدعو إلى التشدّد في قمع الاحتجاجات كونه يرى فيها محاولة من المعارضة والقوى اليسارية لقلب النظام. كذلك، من الصعوبات الإضافية التي يجد دوكي نفسه مضطراً إلى التعامل معها الموقف المعلن لزعيم حزبه الرئيس الأسبق آلفارو اوريبي الذي صرّح أخيراً بأنه «من حق الأجهزة الأمنية والجيش استخدام الأسلحة في مواجهة الاحتجاجات».
ووسط هذه المعمعة، يطالب المتظاهرون منذ أسابيع باستقالة وزير الدفاع دييغو مولانو الذين يحمّلونه المسؤولية الأساسية في القمع الوحشي الذي تعرضت له الاحتجاجات، وفي عشرات الاغتيالات التي طالت العديد من القيادات النقابية والطلابية. وبالتالي، ويشترطون خروجه من الحكومة قبل الجلوس إلى طاولة الحوار. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الشرطة والأجهزة الأمنية في كولومبيا تخضع لسلطة وزير الدفاع لا وزير الداخلية. ولكن بعد استقالة وزيري المال والخارجية والمفوّض السامي لاتفاق السلام، سارع وزير الدفاع، مدعوماً من القيادات العسكرية، إلى الإعلان عن أنه ليس مستعداً للاستقالة، قاطعاً الطريق أمام رئيس الجمهورية لإقالته وافتعال أزمة مع القوات المسلحة وحزبه قبل أشهر من الانتخابات المقبلة.
ثم أن مولانو دافع بشدة عن تدابيره وسياساته عندما مثُل أمام البرلمان في جلسة الثقة التي دعت إليها المعارضة، وقال بنبرة تحدٍ «لن نتساهل مع العنف وفرض الأمر الواقع؛ لأنه مع رماية الحجر الأول تنتهي المظاهرة السلمية». وتابع، محاطاً بالقيادات العسكرية والأمنية بعد رفض البرلمان طلب سحب الثقة «اعتبر هذا القرار بأنه منح ثقة للمؤسسة العسكرية ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية».
ولكن، بينما رأت أوساط أن تأكيد البرلمان على ثقته بوزير الدفاع يخفّف من شدّة الضغط السياسي الذي تخضع له الحكومة منذ بداية الأزمة، يخشى آخرون أن يؤدي القرار إلى تعميق مشاعر الاستنكار والغضب بين المواطنين بسبب وحشيّة القمع الأمني للاحتجاجات، وأن يقضي أيضاً على الآمال الضئيلة بمخرج تفاوضي سريع من الأزمة.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.