لبنان يدعو الأمم المتحدة للبحث عن «بدائل» لتمويل «محكمة الحريري»

بريطانيا اتخذت «القرار الصعب» بوقف التمويل جراء تداعيات «كورونا»

مبنى المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي (أ.ب)
مبنى المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي (أ.ب)
TT

لبنان يدعو الأمم المتحدة للبحث عن «بدائل» لتمويل «محكمة الحريري»

مبنى المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي (أ.ب)
مبنى المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي (أ.ب)

تفاعلت قضية المحكمة الخاصة بلبنان، لبنانياً ودولياً، بعد إعلان المحكمة اتجاهاً للإقفال النهائي في ظل شح التمويل الناجم عن أزمة لبنان المالية، وعدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها التي وافقت عليها سلفاً في موازنة عام 2021.
وفيما عُقد ليل أمس في نيويورك اجتماع للجنة الإدارة، قالت بريطانيا التي ترأس اللجنة إنها «أُجبرت على القرار الصعب» بوقف التمويل عن المحكمة. وقال متحدّث باسم السفارة البريطانية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أجبرَنا التأثير المزلزل لجائحة (كورونا) على الاقتصاد البريطاني على اتخاذ قرارات صعبة ولكن ضرورية».
وأكد المتحدث أن «المملكة المتحدة تدافع، كقوّة تعمل للخير، عن العدالة والمحاسبة حول العالم». وأضاف: «لقد دعمنا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان منذ تأسيسها عام 2007، ولطالما طالبنا بمحاسبة مرتكبي التفجير المرعب الذي اغتال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و25 شخصاً من المارّة الأبرياء عام 2005، ولهذا السبب، رحّبنا بالحكم الذي صدر عن المحكمة في أغسطس (آب) الفائت».
وأجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، اجتماعاً افتراضياً برئاسة المحكمة القاضية ​إيفانا هردليشكوفا،​ وبحضور المسجّل لدى المحكمة ديڤيد تولبرت، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية السفير جبران صوفان، خُصص لبحث وضع المحكمة. وبعث دياب برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن التطورات الأخيرة المتعلقة بالمحكمة، داعياً لاستكشاف الوسائل البديلة لتمويلها. وقال في رسالته: «المحكمة تواجه تحديات مالية جدّية قد تعيق قدرتها على مواصلة عملها، كما هو مخطط له للعام الحالي 2021. إنّ مثّل هذا الأمر له تبعات خطيرة للغاية، ولن تقتصر تداعياته فقط على لبنان وضحايا الهجوم الهمجي والشائن على رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وعوائلهم، ناهيك بالقضايا الأخرى التي تقع ضمن صلاحية المحكمة، بل أيضاً على قدرة المؤسسات القضائية الدولية في خدمة العدالة بشكل تام»، معتبراً أن العواقب الأشد إيلاماً المتأتية عن توقف عمل المحكمة الخاصة بلبنان، تكمن في انعكاس صورة لعدالة مجتزأة وناقصة لدى جميع المطالبين بالعدالة والأشخاص الذين يثقون بسيادة القانون ومنع الإفلات من العدالة كمقتضيات ضرورية ومتكاملة للعيش في سلام».
وعقد أهالي ضحايا التفجيرات التي استهدفت الراحل جورج حاوي ومحاولتي اغتيال الوزيرين السابقين مروان حمادة وإلياس المر، مؤتمراً صحافياً تحدثوا فيه عن «محاولة لقتل العدالة ومنع محاكمة القتلة الفعليين». واعتبرت ابنة حاوي أنه «عندما وصلت القضية إلى مرحة المحاكمة لدى المحكمة الدولية، نفض المجتمع الدولي يده من المحكمة، وسط عدم اكتراث الحكومة والقيادات السياسية اللبنانية»، مؤكدين أن «مبدأ المساواة بين الشهداء والضحايا يحتّم التعامل مع قضيتنا كما تم التعامل في قضية الشهيد رفيق الحريري». وقالت: «طلبنا من الأمين العام للأمم المتحدة إعفاء لبنان من مساهمته بسبب الوضع الاقتصادي، وطالبناه باللجوء إلى تمويل حصة لبنان عبر سلفة تقررها الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وكان قد تجاوب لطلبنا لكن السلفة التي أُقرت لم تكن كافية، كما أنه لم يتم إعفاء الدولة اللبنانية، والظاهر أن الدولة عاجزة دبلوماسياً عن حل هذه المعضلة، إضافةً إلى عدم اكتراثها بقضايا شهدائنا».
وأضافت: «إذا أقفلت المحكمة أبوابها فإن عائلة الشهيد جورج حاوي ستقاضي كل مسؤول في المحكمة أو في الأمم المتحدة تسبب في تأخير النظر في قضيتنا، وسنقاضي كل مسؤول في المحكمة تسبب بوقف المحاكمة في قضيتنا وسنقاضي كل مسؤول في المحكمة سلب اختصاص المحاكم اللبنانية وحرمنا العدالة على مدى 16 عاماً».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.