خفوت سلطة ابن عم زعيم الجماعة الحوثية و«إيرلو» يكمن في التفاصيل

TT

خفوت سلطة ابن عم زعيم الجماعة الحوثية و«إيرلو» يكمن في التفاصيل

بعد أن فرض القائد في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو سيطرة الجناح الملتزم بالولاء لطهران في قيادة ميليشيات الحوثي، عاد القيادي وابن عم زعيم الميليشيات محمد علي الحوثي الذي كان يقدم نفسه كممثل لجناح الاعتدال في هذه الجماعة لمحاولة الظهور بعد شهور من التهميش، ولكن عبر مواقف يتودد بها لزعيم الجماعة، في حين وصفها مراقبون بأنها مجرد صدى لما يعلنه الجناح المتحكم به الضابط الإيراني.
فإلى ما قبل نهاية العام الماضي وعقب محاولته الظهور كطرف يمتلك مرونة في التعامل مع ملف السلام، هُمش الرجل الذي كان في بداية الانقلاب على رأس السلطة، وأسند له ملف القضاء وملكية الأراضي وتراجع دوره في الجوانب السياسية بشكل كبير، وظهر أنه عاجز عن حماية من كانوا يحسبون على تياره.
وحتى اسم «اللجنة الثورية» التي تسلمت أول سلطة للانقلاب اختفت تماماً ولم يعد لا هو ولا إعلام الميليشيات يذكرها، فيما يتمدد الجناح الآخر الذي يتصدره أحمد حامد (أبو محفوظ) والذي يشغل مدير مكتب رئاسة الانقلاب.
منذ أيام، حاول محمد الحوثي الظهور من جديد وتسويق نفسه من خلال تسجيل مصور وهو يهاتف النائب العام في مناطق سيطرتهم ويطلب منه الإفراج عن أحد الناشطين على تطبيق «يوتيوب» كان انتقد القضاة وفسادهم، وحبس بسبب ذلك، وتحدث عن أهمية حرية الرأي والتعبير، وغيره من الكلام الذي تناقضه الوقائع على الأرض، وبخاصة أنه التزم الصمت أمام حملة التخوين والتهديدات التي يتعرض لها ثلاثة من أبرز مواليه على خلفية فضحهم وقائع الاستغلال والابتزاز الجنسي الذي تمارسه أجهزة أمن الميليشيات مع عدد من النساء اللائي يرفضن العمل معهم.
ووفق سياسيين في مناطق سيطرة الميليشيات تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن محمد الحوثي تم توبيخه عندما صرح باستعداد الجماعة لمحاسبة المتهمين من عناصر الأمن بابتزاز النساء وتلفيق تهم أخلاقية لممثلة رفضت العمل معهم في استدراج شخصيات سياسية واقتصادية، ولهذا عاد والتزم الصمت تماماً رغم تصاعد الحملة على أنصاره الثلاثة الذين يقودون حملة المساندة للنساء؛ وهم النائب أحمد سيف حاشد والقاضي عبد الوهاب قطران والأكاديمي عبد السلام الكبسي، وهي الحملة التي وصلت إلى حد تهديدهم بالقتل.
المصادر السياسية ذكرت أنه ومنذ تولي الضابط الإيراني مهمة إدارة الشأن السياسي إلى جانب الشأن العسكري، تقوى الجناح الذي يديره أحمد حامد، وأضحى الجميع في مناطق سيطرة الميليشيات يطلقون عليه صفة مدير رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط، كما أن الجناح الأمني الذي يتحكم به عبد الكريم الحوثي عم زعيم الميليشيات يواجه تحديات مماثلة بفعل سعي الحرس الثوري إلى إنهاء الصراع المتنامي بين أجنحة الجماعة وإخضاع هذا الجناح لسلطة الجناح الآخر.
ولم تنقطع محاولات محمد الحوثي للعودة إلى واجهة الأحداث وهو «الشعبوي» الذي ألف الظهور الإعلامي حتى من خلال تبني صلح بين أسرتين، غير أنه هذه المرة سعى للتزلف من زعيم الميليشيات فوصف خطابه الأخير عما يسمى «يوم الصرخة»، وقال إنه خطاب جامع مانع عميق المعنى، واستغل ذلك كي يتبنى موقفاً سياسياً، فذهب لتكرار المطالب التي وضعتها الميليشيات للأمم المتحدة بشأن تقييم الخزان النفطي العائم (صافر).
وكانت الميليشيات استخدمت محمد الحوثي في بداية الانقلاب لطمأنة الأطراف السياسية والأطراف الخارجية حين عينته على رأس السلطة الحاكمة في مناطق سيطرتهم والتي سميت «اللجنة الثورية العليا» وضمت في عضويتها أغلبية لا تنتمي لسلالة الحوثي ولا تحمل صبغة طائفية فجة، لكنه اكتشف بعد شهور أن من يحكم تلك المناطق هما عبد الكريم الحوثي الذي كان المشرف على صنعاء قبل أن يعين وزيراً للداخلية مؤخراً، وأحمد حامد الذي كان يمتلك سلطة تعيين المشرفين في المحافظات والوزارات، وهؤلاء سلطاتهم تتجاوز كل السلطات.
وعندما أطيح باللجنة الثورية من السلطة في نهاية 2016، حرص الرجل على تكوين قاعدة جماهيرية من خلال تحمله مسؤولية حشد المقاتلين والاختلاط بالقبائل وحل الخلافات بينهم، ومع ذلك سعى نحو الوصول إلى قمة السلطة الفعلية، حيث تمكن من انتزاع قرار بتعيينه عضواً في المجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب)، وفهم على نطاق واسع أنه أصبح الحاكم والمتحكم الفعلي بهذا المجلس الذي يشكل صورياً أعلى هرم للسلطة في مناطق سيطرة الميليشيات، وبدأ بممارسة هذا الدور، إلا أن تهريب القائد في الحرس الثوري إلى صنعاء، تحت اسم سفير أدى إلى إزاحته وتقليص نفوذه بشكل غير متوقع.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.