تحذيرات من المبالغة في وصف أدوية التشنجات للرضع

قد تؤدي إلى التأثير على القدرات الإدراكية مستقبلاً

تحذيرات من المبالغة في وصف أدوية التشنجات للرضع
TT

تحذيرات من المبالغة في وصف أدوية التشنجات للرضع

تحذيرات من المبالغة في وصف أدوية التشنجات للرضع

أشارت دراسة أميركية حديثة إلى احتمالية أن تكون الطريقة والمدة التي يتم بها استخدام الأدوية المضادة للتشنجات anti seizures في الرضع، مبالَغاً فيها بشكل ربما يكون بلا فائدة حقيقية، بل ويؤدي أحياناً إلى أضرار طبية لاحقاً. وذكرت أن هذه الأدوية مثل أي دواء يتم استخدامه بشكل مزمن لها أعراضها الجانبية (مهما كانت درجة الأمان) التي تقلل من كفاءة الجهاز العصبي.
وتهدف الطريقة الروتينية المستخدمة حالياً في العلاج، إلى السيطرة على هذه التشنجات بشكل فوري في المستشفيات بجانب علاج سببها الأساسي ومنع تكرارها في المستقبل، وهو الأمر الذي يستدعي تناول هذه الأدوية لفترات طويلة تصل إلى أشهر طويلة حتى بعد تحسن الحالة.

- تشنجات الأطفال
على الرغم من أن كلمة تشنجات تثير المخاوف في أذهان الآباء من احتمالية أن تلازم الطفل بقية حياته؛ نظراً لارتباطها في الأغلب بمرض الصرع epilepsy، فإن التشنجات التي تحدث للرضع يمكن أن تختفي تماماً بعد العلاج في المستشفى. ويكون سببها مؤقتاً وليس مزمناً مثل الصرع (وهو ينتج من وجود بؤرة معينة في المخ تعمل بشكل نشط يؤدي إلى تقلصات في جزء أو كل العضلات الإرادية في جسم الأنسان حسب نوعه).
وتشنجات الرضع ليست نادرة وفي كل عام يصاب بها نحو 16 ألفاً في الولايات المتحدة فقط، نصفهم فقط يعانون من تشنجات مزمنة لاحقاً.
والحقيقة، أن العلاج باستخدام الأدوية المضادة للتشنجات ضروري، ويجب أن يستخدم بشكل فوري، خاصة إذا حدثت في الشهر الأول من عمر الطفل. وهي في الأغلب تحدث لحديثي الولادة، لكن يمكن حدوثها في مرحلة

- الطفولة المبكرة.
وذلك العلاج ضروري لأن التشنجات تؤثر لاحقاً بالسلب على نمو الطفل، وربما تتسبب في خلل عصبي مثل الشلل الدماغي cerebral palsy.
وتقوم الأدوية بإصلاح هذا الخلل في التوصيلات الكهربائية في المخ. وتشبه التوصيلات العصبية أسلاك الكهرباء وتحمل الأوامر الصادرة من المخ إلى جميع أجزاء الجسم بما فيها العضلات وتؤدي إلى انقباضها وارتخائها. وفي حالة زيادة النشاط يحدث الانقباض بشكل مبالَغ فيه يؤدي إلى تقلص العضلة ولا يحدث الارتخاء، ومن هنا ضرورة إعطاء عقار يسبب انبساط العضلة.
وفى الأغلب تتم السيطرة على هذه التشنجات في فترة لا تتعدى 3 أيام في المستشفى، ولكن يتم وصف العلاج الدوائي في المنزل تحسباً لعودة النوبات في أي وقت. ولكن وفقاً للدراسة الجديدة، فإن احتمالية حدوث النوبات لا تتأثر بتناول العلاج من عدمه بالمقارنة بالذين توقفوا عن تناول العلاج بعد مغادرة المستشفى.

- محاذير العلاج المتواصل
الدراسة التي قام بها علماء من جامعة ميتشيغان بالولايات المتحدة وتم نشرها في نهاية شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية لطب الأعصاب JAMA Neurology، تم إجراؤها على 300 طفل تمت ولادتهم قبل 3 أعوام في 9 مراكز طبية مختلفة وجميعهم كانوا قد أصيبوا بنوبات تشنج في الأيام الأولى من ولادتهم من اليوم الأول وحتى عمر أسبوع. ونسبة منهم بلغت ثلثَي العينة استمروا في تناول هذه الأدوية بعد مغادرتهم المستشفى لمدد مختلفة تتراوح بين عدة أسابيع وعدة أشهر (في المتوسط 4 أشهر من العلاج)، والثلث الأخير من العينة توقفوا عن تناول هذه الأدوية بعد خروجهم وكان متوسط أيام العلاج لا يزيد عن أسبوع واحد فقط.
وجد الباحثون أن هناك نسبة بلغت 13 في المائة من العينة أصيبوا لاحقاً بمرض الصرع، ولكن لم يثبت وجود أي صلة بين خطورة احتمالية الإصابة المزمنة ومدة تناولهم للأدوية المضادة للتشنجات.
وفى هذه الحالة يكون تعرض الطفل للأعراض الجانبية لهذه الأدوية بلا طائل، خاصة أن هذه الأدوية تعمل على الجهاز العصبي المركزي وتنظم التوصيلات الكهربائية في المخ؛ ولذلك ربما تترك آثاراً سلبية على الأعصاب neurotoxic effects مثل القدرات الإدراكية والمعرفية وتسبب الخمول وقلة النشاط وعدم التمكن من القيام بالأنشطة المختلفة بكفاءة، حتى لو كانت بسيطة مثل الرضاعة في مرحلة حديثي الولادة. وهذه الأعراض سلبية جداً على طفل في بداية التعلم والإدراك، حيث تعتبر مرحلة الطفولة المبكرة من المراحل التي يحدث فيها تطور كبير جداً في المهارات المختلفة.
أوضح الباحثون، أنهم بصدد متابعة هؤلاء الأطفال لحين الوصول إلى عمر المدرسة ومتابعة معدل ذكائهم IQ وأدائهم الدراسي والنمو الإدراكي. وأشاروا إلى أهمية أن يحقق العلاج التوازن بين الحفاظ على صحة الطفل ومحاولة وقايته من التشنجات المزمنة مستقبلاً (الصرع)، وبين تعريضه إلى أعراض جانبية جراء استمراره على دواء ربما يكون غير ضروري، بل ويمكن أن يكون أكثر ايذاءً، وهو ما يستلزم إعادة النظر في الروتين الحالي للعلاج.
من المعروف أن التشنجات في الرضع تحدث نتيجة لتلف في المخ، سواء عن طريق الإصابة بعدوى معينة أو حدوث موت للخلايا نتيجة لعدم وصول الأكسجين بشكل كافٍ لها Hypoxic - Ischemic Encephalopathy أثناء عملية الولادة أو بعدها مباشرة نتيجة للإهمال الطبي أو عدم متابعة حالات الحمل عالي الخطورة في المناطق غير المجهزة طبياً.
وفى الأغلب يكون عقار الفينوباربيتون phenobarbital هو أكثر دواء مضاد للتشنجات استخداماً في الأطفال؛ نظراً لمفعوله القوي، ولكنه يبطئ من نشاط المخ ويصيب الطفل بحالة من الخمول حتى يتمكن من السيطرة على البؤرة الصرعية الموجودة ومن المعروف أن هذا الدواء يستخدم مهدئاً بشكل أساسي وأحياناً منوماً للبالغين.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».