«نساء زنوبيا»... مبادرة برعاية كردية لتنسيق شراكة تعددية في سوريا

مقاتلات كرديات ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
مقاتلات كرديات ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
TT

«نساء زنوبيا»... مبادرة برعاية كردية لتنسيق شراكة تعددية في سوريا

مقاتلات كرديات ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)
مقاتلات كرديات ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي البلاد (أ.ف.ب)

في مساعٍ لتنظيم العمل النسائي في مناطق «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، أُعلن تأسيس «تجمع نساء زنوبيا» في مؤتمر عقد بمدينة الرقة بمشاركة 150 امرأة ممثلات عن القوى السياسية والعسكرية في المناطق الأربع؛ الطبقة والرقة ودير الزور ومنبج، بحضور بيريفان خالد، مندوبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في «الإدارة الذاتية» والرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في إدارة الذاتية لإقليم عفرين شيراز حمو، والأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل سهام داود، والقيادية في مجلس سوريا الديمقراطية ليلى العبد الله، وممثلات عن الجمعية الشركسية في مدينة منبج والجمعية التركمانية وشخصيات نسوية من مناطق الطبقة والرقة ودير الزور ومنبج.
ويعد تجمع «نساء زنوبيا» الأول من نوعه في سوريا منذ اندلاع الحرب قبل عشر سنوات، التي ظهر خلالها أكثر من سبعين منظمة وجمعية نسائية سورية، أغلبها ينشط في مناطق الإدارة الذاتية الكردية ومناطق النفوذ التركي وغازي عنتاب.
واعتبرت مريم إبراهيم، ممثلة مناطق الطبقة والرقة ودير الزور، المؤتمر «بداية ولادة المرأة الحرة من جديد، بعد تنظيم نفسها ضمن مشروع الأمة الديمقراطية وعملها في جميع المؤسسات والإدارات».
والتجمع الذي يرمي إلى «توحيد» النساء في المناطق الأربع و«الوصول إليهن أينما وجدن»، بحسب تصريح اعتماد أحمد، الإدارية في إدارة المرأة بمدينة الرقة. ويأتي بعد سنوات قليلة من إصدار الرئيس السوري بشار الأسد قراراً بحل الاتحاد العام النسائي عام 2017، أي بعد خمسين عاماً على تشكيله عام 1967، بهدف توحيد العمل النسائي في سوريا، ليكون كمنظمة مستقلة رديفا لحزب «البعث» الحاكم الذي استولى على السلطة في مارس (آذار) عام 1963.
وقالت مصادر محلية في الرقة لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم طغيان التمثيل الكردي في المؤتمر، اعتمدت اللغة العربية في المؤتمر، فيما كتب شعار «بنضال المرأة المنظمة سنحمي ثورتنا ونصنع السلام» بثلاث لغات: العربية والكردية والسريانية. وتم اختيار اسم «زنوبيا» ملكة تدمر كرمز سوري جامع لمختلف الأطياف والقوميات والإثنيات الموجودة شرق سوريا، عرب وكرد وسريان وتركمان وشركس. ورأت المصادر أن الإدارة الذاتية الكردية قدمت نفسها في المؤتمر «كنموذج لمشروع سوريا الديمقراطية التعددية».
من جهتها، عرفت الناطقة باسم «هيئة المرأة» في دير الزور شهرزاد الجاسم، التجمع بأنه «تنظيم نسائي سياسي حقيقي اجتماعي وإيكولوجي، ينظم جميع النساء من كل الشعوب والثقافات في سوريا».
وتعاني المنظمات والجمعيات النسائية السورية من تحديات كثيرة، أخطرها التحديات الأمنية في مختلف المناطق. وفي مناطق سيطرة النظام هناك تقيد ومراقبة أمنية مشددة، وفي مناطق سيطرة الجماعات الإسلامية في إدلب يحظر النشاط النسائي السياسي، وفي مناطق النفوذ التركي تعاني المنظمات الناشئة من صعوبات الحصول على تصريح قانوني.
أما في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، هناك مخاوف التجنيد الإلزامي تلاحق الشابات إلى جانب مواجهة عادات اجتماعية متخلفة ومخلفات أفكار تنظيم «داعش» الذي حرم ظهور المرأة في الحيز العام.
ورغم المشاركة الإدارية والعسكرية للمرأة في مناطق «الإدارة الذاتية» التي اعتبرها المؤتمر «ثورة نسائية» في الجغرافية السورية، فإن مشاركة المرأة في المفاوضات المتعلقة بالحل السوري بإشراف الأمم المتحدة لا تزال خجولة كما هي مشاركة المرأة السورية عموماً، وذلك رغم قرار الأمم المتحدة 1325 القاضي بمنح المرأة مشاركة أكبر في المفاوضات من أجل تحقيق السلام، وما زال العمل النسائي السياسي السوري يعاني من التهميش والإنكار إلى جانب تحديات أخرى تعوق تقدم عملهن، كغياب التنظيم والتنسيق، وتشتت الأهداف، والانقسامات التي يعاني منها السوريون عموماً وسط ضعف الموارد والارتهان لأجندات الجهات الممولة.
واتفقت المشاركات في المؤتمر على أن آفاق حل الأزمة السورية لا تزال «موصدة»، وحمل بيانهن الختامي «سياسات النظام القمعية والمعارضة المرتهنة لأجندات خارجية»، المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سوريا، والسماح بـ«التدخلات والصراعات الإقليمية والدولية، وظهور تنظيمات إرهابية متطرفة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.