مجلس الأمن يمدد تفويض مراقبة حظر الأسلحة إلى ليبيا

رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش (رويترز)
رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش (رويترز)
TT

مجلس الأمن يمدد تفويض مراقبة حظر الأسلحة إلى ليبيا

رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش (رويترز)
رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش (رويترز)

جدّد مجلس الأمن بالإجماع لمدة 12 شهراً التفويض الممنوح للدول الأعضاء، التي تعمل وطنياً أو من خلال المنظمات الإقليمية، مثل مهمة «ايريني» الأوروبية، من أجل تفتيش السفن في أعالي البحار قبالة السواحل الليبية، أو المتجهة إلى ليبيا، أو الآتية منها، في حال توافر «أسباب معقولة” للاعتقاد بأنها تنتهك حظر الأسلحة، المفروض على هذا البلد».
ويسمح قرار التفويض هذا للدول الأعضاء بمصادرة أي شحنة تكتشف، إذا كانت خاضعة لحظر الأسلحة والتخلص منها. وينتهي التفويض الجديد في 5 من يونيو (حزيران) 2022.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أفاد في تقريره الأخير، بأن «التنفيذ الكامل لحظر الأسلحة سيساعد في دعم العملية السياسية الجارية في ليبيا، وتعزيز البيئة الأمنية، والحد من انتشار الأسلحة داخل ليبيا، وعبر جميع أنحاء البلاد». ومن المقرر أن يشارك غوتيريش ومبعوثه الخاص رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل)، يان كوبيشن في مؤتمر برلين الثاني لبحث الأزمة الليبية، والمقرر عقده في 23 من يونيو الحالي في العاصمة الألمانية. وفي هذا السياق، قال الناطق باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، إن غوتيريش سيوجه كلمة عبر الفيديو، على أن يحضر كوبيش شخصياً.
وتعد العملية العسكرية الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط الترتيب الإقليمي الوحيد الذي يعمل بموجب تفويض مجلس الأمن حالياً. علماً بأن الاتحاد الأوروبي سبق أن أطلق عملية «إيريني» عام 2020؛ بهدف دعم حظر الأسلحة وعملية السلام الليبية. وحتى 18 مايو (أيار) (الماضي)، أجرت «إيريني» 3244 عملية نقل في وسط البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك 122 مقاربة ودية، و13 عملية تفتيش للسفن، وأدت إحدى عمليات التفتيش هذه إلى مصادرة.
ويحتوي نص القرار 2578 على لغة جديدة في ديباجته، تعكس التطورات الأخيرة، بما في ذلك إشارة إلى القرار 2570، الذي أذن بدعم الأمم المتحدة لآلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبيا.
وخلال المفاوضات على مشروع القرار، الذي نص على تجديد مباشر للتدابير الواردة في القرار 2526، تمت الإشارة إلى القرار 2570 الذي أذن بدعم الأمم المتحدة لآلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبيا. وعقدت إستونيا وفرنسا، اللتان شاركتا مع بريطانيا في صياغة نص القرار، اجتماعاً على مستوى الخبراء لوضع الصيغة النهائية، بعدما طلبت روسيا إدخال تعديلات طفيفة. وكان ذلك بمثابة تكرار لما حصل العام الماضي عندما عبّرت روسيا عن شكوكها حيال ما إذا كانت ولاية «إيريني» تقع ضمن نطاق تفويض مجلس الأمن. غير أن المفاوضين الروس لم يثيروا هذه المسألة مجدداً، علماً بأن تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا لا يزال يمثل قضية خلافية في المجلس، حيث تشير تقارير فريق الخبراء، الذي يساعد لجنة العقوبات على ليبيا لعام 1970، إلى أن عدداً من الدول الأعضاء، بما في ذلك أعضاء المجلس، متورطون في انتهاكات لعقوبات الأمم المتحدة، بما في ذلك حظر الأسلحة.
وتشهد ليبيا انفراجاً سياسياً منذ 16 مارس (آذار) الماضي، حين تسلمت سلطة انتقالية منتخبة تضم حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.