«العدل» الأميركية تقر باستحواذ سجلات صحافيين في عهد ترمب

TT

«العدل» الأميركية تقر باستحواذ سجلات صحافيين في عهد ترمب

أقرت وزارة العدل الأميركية بأنها استحوذت على سجلات مراسلين في صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2017 خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وأبلغت الوزارة الصحيفة بأن مسؤولين أمنيين حصلوا على السجلات الهاتفية لأربعة صحافيين في الفترة الممتدة من 14 يناير (كانون الثاني) إلى الـ30 من أغسطس (آب) في عام 2017 وذلك كجزء من تحقيق متعلق بتسريبات للصحيفة، من دون تحديد فحواها.
وذكرت الوزارة أنها حصلت كذلك على مذكرة للنظر في رسائل الصحافيين الإلكترونية كجزء من التحقيق لكن من دون النظر في نصوصها. وقد أثارت هذه الخطوة حفيظة وسائل الإعلام خاصة أنها تبعت تقارير من إدارة بايدن أفادت بأن وزارة العدل في عهد ترمب حصلت أيضاً على سجلات لصحافيين في صحيفة واشنطن بوست وشبكة سي إن إن في العامين 2019 و2020 للتحقيق في تسريبات مختلفة. وانتقد رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة نيويورك تايمز دين باكيت الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب فقال في بيان: «إن الاستحواذ على السجلات الهاتفية للصحافيين يهدد حرية الصحافة ويؤدي إلى إسكات المصادر التي نعتمد عليها لتوفير المعلومات للشعب عن تصرفات الحكومة».
وأضاف باكيت: «الرئيس بايدن قال إنه لن يتساهل مع هذا النوع من التدخل في الصحافة الحرة. نحن نتوقع من وزارة العدل أن تفسر لنا لماذا أقدمت على هذا التصرف وما هي الخطوات التي تتخذها حالياً للحرص على عدم حصول هذا في المستقبل».
يشير باكيت هنا إلى تصريحات أدلى بها بايدن الشهر الماضي بعد الإفصاح عن الحصول على سجلات صحافيين في واشنطن بوست وسي إن إن، حينها وصف بايدن ما جرى بالخطأ وتعهد بعدم السماح بإجراءات من هذا النوع في عهده. ورغم علاقة ترمب المتشنجة بوسائل الإعلام المذكورة وغيرها فإنه ليس الرئيس الأول الذي تسعى إدارته للتحقيق بتسريبات للصحافيين، فقد بدأت هذه الممارسات في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن وامتدت إلى عهد خلفه باراك أوباما. لكن وزير العدل السابق إريك هولدر سعى إلى تشديد الرقابة على هذه الممارسات لحماية الصحافيين، ليعود ترمب ويصعدها في عهده بسبب تزايد عدد التسريبات بشكل كبير. يأتي هذا فيما ألغى الرئيس السابق دونالد ترمب موقعه الخاص على الإنترنت، الذي أسسه في محاولة للتواصل مع مناصريه بعد منعه من وسائل التواصل الاجتماعي.
وقرر ترمب وقف الموقع المدعو «من مكتب دونالد ترمب» بسبب غياب التفاعل عن الموقع وتكلفة الحفاظ عليه، وكان الرئيس السابق شدد في بيان لدى الإعلان عن إنشاء موقعه الخاص بأنه لا يعد بديلاً لوسائل التواصل، بل «وسيلة مؤقتة للتعبير عن رأيه والحديث مع الأميركيين من دون وساطة وسائل الإعلام المزيفة» وتابع ترمب: «إنه طريقة للتواصل إلى أن أحسم قراري بتأسيس منصة».
وفيما لا يزال الرئيس السابق حتى الساعة ممنوعاً من استعمال «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» قال مستشاره جايسون ميلر إن تعليق الموقع يعني أن ترمب سيعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جديد، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».