«حكومة التغيير» الإسرائيلية تولد بعد مفاوضات عسيرة

حزب عربي يدخل «الائتلاف الحكومي» للمرة الأولى

مباحثات لم تتوقف بين لبيد وبينيت لتشكيل حكومة إحداها في الكنيست أمس (أ.ف.ب)
مباحثات لم تتوقف بين لبيد وبينيت لتشكيل حكومة إحداها في الكنيست أمس (أ.ف.ب)
TT

«حكومة التغيير» الإسرائيلية تولد بعد مفاوضات عسيرة

مباحثات لم تتوقف بين لبيد وبينيت لتشكيل حكومة إحداها في الكنيست أمس (أ.ف.ب)
مباحثات لم تتوقف بين لبيد وبينيت لتشكيل حكومة إحداها في الكنيست أمس (أ.ف.ب)

ولدت مساء أمس (الأربعاء) «حكومة التغيير» الإسرائيلية برئاسة يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية رئيس حزب «ييش عتيد» بعد مفاوضات عسيرة، إذ تعقّدت مفاوضات تشكيلها حتى آخر اللحظات الأخيرة، بسبب مشكلتين رئيسيتين تتعلقان بلجنة تعيين القضاة وقانون هدم منازل عربية. وتأخر إعلان الحسم أكثر مما كان يخطط له الحلفاء، بسبب تمسك عضو الكنيست عن حزب «يمينا»، أييليت شاكيد، بأحقيتها في لجنة اختيار القضاة، بدلاً من عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب العمل، التي وقعت اتفاقاً سابقاً مع زعيم المعارضة المكلف يائير لبيد زعيم حزب «ييش عتيد».
إلا أن يائير لبيد، نجح في الحصول على تفويض أغلبية حزبية لتشكيل حكومة التغيير التي ستطيح برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتنهي حقبة حكمه التي امتدت على مدار 12 سنة.
وأبلغ لبيد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، قبل ساعة من انتهاء تفويضه، أنه استطاع الحصول على أغلبية لتشكيل الحكومة «التي ستقوم على التناوب بينه وبين رئيس حزب (يمينا)، نفتالي بينيت، الذي وقع على اتفاق ائتلافي بعد مخاض عسير وصعب».
ومهد رئيس القائمة الموحدة، منصور عباس، لأن تشهد الحكومة النور، فقد وقع قبل بينيت ومنح لبيد القوة اللازمة لتشكيل الحكومة. ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، سيدخل حزب عربي لائتلاف حكومي، ووافق حزب القائمة العربية الموحدة على أن يكون جزءاً من الائتلاف الحكومي، بعدما كان الحديث يدور حول دعم خارجي فقط.
وكان لبيد ينوي الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة قبل انتهاء الجلسة التي عقدها الكنيست، صباح أمس، والتي انتخب  خلالها يتسحاك هرتسوغ رئيساً لإسرائيل، خلفاً لرؤوفين ريفلين، الذي تنتهي ولايته في 9 يوليو (تموز). لكن لم تنجح مفاوضات طويلة استمرت حتى ساعات متأخرة من ليل الثلاثاء الأربعاء، في التوصل إلى تفاهمات واتفاقيات نهائية.
وقال مصدر شارك في المفاوضات الصعبة، لهيئة البث الرسمية (كان)، إنه تم إحراز تقدم مع جميع الأحزاب في كتلة التغيير، باستثناء حزب «يمينا»، بعد طلب شاكيد العضوية في لجنة اختيار القضاة. وبحسبه، فقد أبلغ «يش عتيد» وحزب العمل، ممثلي «يمينا» الذي يتزعمه نفتالي بينيت الذي يفترض أن يكون رئيس الوزراء في الفترة الأولى، أن الاتفاق مع حزب العمل قد أُغلق، ولن يكون هناك تنازل عن مقعدهم في اللجنة، ورد حزب بينيت بأنه «لن تكون حكومة إن لم تحصل شاكيد على مكانها في لجنة تعيين القضاة».
أما المشكلة الثانية أمام الائتلاف، فكانت رفض حزب «تكفا حداشا» الذي يتزعمه جدعون ساعر، وكذلك شاكيد من «يمينا»، مطالب القائمة العربية الموحدة بخصوص وقف قانون «كامينيتس» الذي ينص على تسريع مسار هدم البيوت في البلدات العربية. كذلك رفض طلب القائمة، الاعتراف بـ8 حتى 11 قرية غير معترف بها في النقب، وتمت الموافقة على الاعتراف بثلاث فقط. وبعد حلول المساء، اضطر لبيد وبينيت ومنصور عباس إلى التوجه إلى فندق «كفار هاماكابيا» في رمات غان، حيث عقدت فرق التفاوض جلساتها من أجل تقريب وجهات النظر لتشكيل الحكومة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.